يتداول الوسط الصحفي روايات مختلفة واحاديث منوعة عن واقع شبكة الاعلام يصور للمتابع غير المطلع ان ثمة من يقود حربا ضروسا لتحرير الشبكة من واقعها الذي اوكلت اوزاره الى حقبة رئيس الحكومة السابقة “نوري المالكي” شأنها شأن العديد من القضايا التي صارت اسهل التهم فيها هي امكن الاتهامات، لكني اعتقد –وآمل ان اكون مخطئا- ان حال الشبكة لا يصلح بتبديل الرؤوس او انتقال احجار الشطرنج بين رقعة الى اخرى، وان حديثا عن التطور والامل بواقع افضل يشبه حديث الحكومة عن اصلاحاتها التي اطاحت بمن لا ظهير له وكأن قول الشاعر مصداقا حقيقيا لذلك “تعدو الذئاب على من لا كلاب له… وتتقي مربض المستأسد الضاري”.
1
محاولة اختيار علي الشلاه لرئاسة الشبكة ومع كونه العنوان الابرز لمختلف الاخبار التي تناقلها وسائل الاعلام، لكنه ينطوي على مغالطة كبرى توضح سوء الشلاه دون ان تبحث في اخبار البدلاء عنه.
لاشك ان انتخاب الشلاه في حال حصوله يمثل انتكاسة كبرى، لايمكن تصورها باي حال من الاحوال، لكن الحديث الاهم عن الاسس التي طرح بموجبها الشلاه نفسه او تم طرحه؟ الحديث عن الاليات المعطوبة التي وصل بموجبها الشلاه الى درجة طرح اسمه؟ ذلك ان مجرد طرح الاسم هو اشكالية كبرى يجب البحث عن اسبابها دون الاستغراق في امكانية ان يكون من عدمه.
ان سؤالا كهذا يقودنا الى البحث عن هيكلية واسس اختيار مجلس الامناء، من جاء بهم وماهي اليات انتخابهم وكيف وصلوا لما وصلوا اليه، وهل هم بدرجة عالية لادارة سياسة اعلامية متوازنة في بلد يعج بالطائفيات والاثنيات والقوميات ويتصارع فيه ابناء الملة والعشيرة والبيت الواحد فضلا عن الدوائر الاوسع. فمنذ (حسن سلمان) المقرب من عمار الحكيم ونحن ندور في فلك لا يختلف عما هو عليه اليوم ولن يختلف عن الغد بالتاكيد، اذا ما طالعنا كل اعضاء المجلس دون استثناء لن نجد من جاء منهم بناء على استحقاق فعلي، دون ان يكون له حامية سياسية او صلة قرابة او مودة ساهمت في تسويقه او قل ربما ذائقة استهوتهم طروحاته التي ناغمت اشجانهم وعبرت عنهم، وهو في النهاية يعبر عن ذات الملة وذات الصوت!
اذن ليس الشلاه وحده من يحتاج الى طرح النظر فيه بل تلك المنظومة المعطوبة باجمعها التي يجرى بموجبها صعود امثاله وتحكمهم في سياسة الاعلام التي لا يختلف اثنان في كونها سياسة تصلح لكل شيء ما عدا الاعلام.
2
ان شبكة الاعلام ارتسمت لها خطا كان ولم يزل يعبر عن حكمة الاشعري بأن “الصلاة خلف علي اتم والاكل مع معاوية ادسم وفوق التل اسلم”، فهي تنتقل بالولاء سياسة وافرادا وادارة وتنفيذا، وتتلون مع تلون الافق السياسي دون ان يكون لها خطابها المستقل، فهي تأكل مع الحكومة ايا كان شكلها، وتصلي خلف الكيانات الاقوى دون ان يكون لها اي موقف وطني من تجاوزات البعض، وتكتفي بالتفرج عما يدور في البلاد، وليس من باب المفاجئة او النكتة ان تجد دستورا صادرا من ادارتها العليا في تحديد مستوى النكبة التي توجب التغطيات المباشرة بـ200 ضحية، ولكون المعلومات ترد من مصادر رسمية كانت حتى عهد قريب هي مجمل تصريحات قاسم عطا ومحمد العسكري فان الفواجع في احسن احوالها هي بضع افراد لا تتجاوز اصابع اليد، لذا فانت من موقع الفواجع والالام ووسط المآسي تفتح عينك على قناة الدولة الرسمية فتجد طباخا بكرش متهدل يعد مائدة “السباكتي بالخضروات واللحم المفروم” ويؤكد فوائدها للراغبين بممارسة الدايت، تليه نشرة اخبار تتشح بصورة المذيعة الباسمة لتبدا بالتعثر في اللغة العربية وهي تتنقل بين صور المسؤولين بكامل اناقتهم وحيويتهم كما يتنقل اهالي القتلى بين جثث ذويهم بحثا عن اشلائهم.
الشبكة بمختلف قوانينها هي منظومة معطوبة، اسست على غير هدى واريد لها ان تكون صوت المسؤول لا صوت الشعب، مدراء الدوائر فيها والاقسام والاذاعات هم افراز تنظيمات وعلاقات شخصية كانت ذات يوم علاوية ثم جعفرية ثم صارت مالكية واليوم هي تنتقل بسلاسة غير معهودة الى عهد العبادية الجديد.
اذن ليش الشلاه وحده من يحتاج ان يعاد النظر فيه، هناك منظومة كاملة من البناء غير الصحيح، مثلتها سياسة العلاقات الشخصية وتسلط الافراد وانعدام المؤسساتية واستشراء الفساد وغياب الرقابة وفساد الذائقة وشيوع ثقافة التطبيل والتهريج والتهليل للمسؤول والاتجاه نحو الاداء الفاشل والمخزي.
3
حديث التغيير غالبا ما يقوده اشخاص، هم من يطمح ان يكون عنصرا فاعلا في معادلة التغيير وربما اريد من وراء طروحاتهم ان يصلوا الى ما كانوا يعترضون. فمعظم الذين اعترضوا على حبيب الصدر مثلا لم يذكروا سوء الاداء وتردي نوع المنتج، بل كان البعض طامحا بكركرات الصبايا ومتطلعا الى موقع شهريار من منظومة الشبكة، وجاء الاعتراض على حسن الموسوي ليس بوصفه مهرجا فاشلا وعلى كريم السوداني ليس بكونه فاسدا واليوم على الشبوط لا بوصفه ذات سياسة فاشلة شأنه شأن الاخرين، وهو ذات الدافع في الاعتراض على الشلاه. فالاشخاص المعترضون هم جزء من خراب الشبكة، لكنهم حين يعترضون يتحولون الى وعاظ شرف ورواد اصلاح، وهم انما يتطلعون الى مكان من يعترضون عليه فينتقدون ما يمكن ان ينتقد متناسين دورهم فيه.
اكبر المنتقدين وقائد حملة الاصلاح هو “مجاهد ابو الهيل” معاون مدير اذاعة بغداد السابق، الذي جاءت به المحاصصة السياسية لقربه ومناسبته حسب ما يقال بعبد الحليم الزهيري ولان جده لامه هو الشيخ محمد باقر الناصري القيادي في حزب الدعوة، ثم صار ابو الهيل عضوا في هيئة الامناء عن حصة الدعوة، وهو اليوم ينتقد متطلعا للمنصب ومتناسيا من جاء به؟ فهل يعقل ان يكون بديل الشيء ظله؟! او ان يعترض اعلاميو شبكة الاعلام ويقفون هذا الموقف المشرف برفض الشلاه ومن وراءه حزب الدعوة، ثم يعيدون حزب الدعوة بواجهة ابو الهيل. لا اعلم الفرق ولو علمت لما ترددت بذكره!!
4
ان الشلاه ليس وحده من يوجب النظر في امره وسيرته وخلفيات وصوله بل البدائل، لئلا يلدغ الاعلامي من حزب الدعوة مرتين، وكما يجب ان يعاد النظر في واقع الادارة التي افرزت خطاب الفشل في سياسة الشبكة على مدار عقد ونيف من تأسيسها، كذلك فان منظومة الاختيار التي اوصلت الشلاه هي من يوجب النظر فيها لئلا تنتج شلاها اخر واخر، فيكون الانتخاب بين اهون الشرين.