يشهد العراق هذه الأيام حراك شعبي حقيقي يطالب بحقوقه المسلوبة والمنهوبة في رابعة النهار والتي تقاسمتها سلطة المحاصصة بصيغ قانونية وغير قانونية حتى أصبحت السلطة بكل أشكالها سواء كانت وزارة او محافظة او شركة عامة فهي تعتبر مصدر اثراء للحزب او الكتلة ومرتع لأتباعها يغنمون ويجترون مواردها أمام مرأى ومسمع جياع الشعب الذين يصرخون ويأنون تحت سياط الفقر والذل والهوان ..ولا أحد يعبأ بهم فهم كانوا ولا زالوا أصوات بلا صدى أو أرقام للعد تحتاجها الأحزاب في صناديق الاقتراع ..لكن اليوم بدأت الجماهير تتفقد نفسها وتجلد ذاتها بقوة لتضع حد لهذه المهزلة التي تسمى الدولة العراقية ,,تحركت الجماهير بغضب تطالب بحقوقها يتقدمها شباب واعي رفض وبشدة الإصلاحات الترقيعية التي تقوم بها المحافظات والوزارات ولم يكتفي الشباب المتظاهر الواعي بإصلاحات ألعبادي التي لم تطال أي وزير متنفذ في الوزارات المهمة عدا الحزمة الأولى التي لبّت بعض تطلعات الجماهير ,,وأمام هذا الصراع الدائر بين الشعب والحكومة دار جدل كبير بين العلمانيين والإسلاميين أثر الشعار المطروح في المظاهرات (باسم الدين باكونه الحرامية ) لتأخذ المظاهرات منحى اخر خطير جدا يكاد يفقدها أهميتها او يودي بها في واد سحيق ,, الجميع يعلم ان الأحزاب الإسلامية دمرت البلد وقدمت نموذج سيء لتصوراتها لمفهوم الدولة والسلطة وتعاطيها مع المشاكل الداخلية والخارجية ونظرتها المحدودة التي لا تتعدى حزبها وكتلها وقائدها وجمهورها وتغافلت عن المصلحة العليا للبلد وللمواطنين بصورة عامة ,,لكن لا يمكن ان نتجاهل دور هذه الأحزاب الان في صراع البقاء او صراع الوجود مع داعش حيث ان هذه الأحزاب لديها جناح عسكري متمرس في القتال قام بتحرير مدن عديدة في العراق إضافة الى تصديه لداعش وعدم تمكينها من التقدم إلى حدود بغداد فهذه التضحيات يجب ان يعتز بها كل عراقي لأنها في النهاية سبب لوجوده حي إلى الان ,,كما ان العلمانية او المدنية في العراق قدمت نماذج سيئة على مستوى البرلمان حيث لا يختلف أعضائها عن الإسلاميين وغيرهم في شيء ابدا,, ان الكثير من مثقفي ودعاة العلمانية والمدنية لم يستطيعوا تقديمها بشكلها او نموذجها الغربي حيث الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية وإنما سارعوا الى تشويهها من خلال الدعوة الى حريات يرفضها غالبية الشعب من قبيل إباحة الخمور والملاهي والمراقص وكأن العلمانية هي هذه الأمور فقط !
كان عليهم ان يروجوا للعدالة والحرية والاستقلالية التي هي أهم مبادئ وأُسس العلمانية وعدم اختزالها بــ(الرقص والجنس والخمور فهذه الأمور تكاد تكون ثانوية او على الهامش في الدول التي قطعت شوط طويل في فهم العلمانية وأدواتها المتمثلة بالديمقراطية ..الخ)) ,,لذا على الجميع ان يتوحد في مطلب مهم ينال خيره الشعب كله وهو الإصلاح المالي والإداري ومواجهة الفساد أيا كان راعيه إسلامي او علماني فهو في النهاية خراب ودمار للبلد ,,وعلى الإسلاميين ان يتحلوا بروح رياضية كما يقولون ولا تستفزهم شعارات تقال هنا وهناك يراد منها بث الفرقة وتأجيل الإصلاح او الوقوف بوجهه ,,إننا أمام خطر حقيقي على مستوى الأمن والاقتصاد فأسعار النفط في تدهور مستمر حتى وصل الى 40 دولار للبرميل الواحد ,,بينما عجلة الإصلاح في العراق تسير ببطء على المستوى الإداري والمالي ومتوقفة تماما على المستوى الاقتصادي, فالعراق كما يعلم الجميع يعتمد الاقتصاد ألريعي ويجب على الحكومة ان تسارع الى دعم القطاع الزراعي في الوقت الحاضر وإعطاءه الأولوية القصوى على كل القطاعات الأخرى .
[email protected]