تبدو مجتمعاتنا وكأنها شمعية الأحلام والأهداف والطموحات والتصورات والتفاعلات.
أي أنها لا تصمد أمام ما تريد , فكل ما نطقت به وحلمت وفكرت وناضلت من أجله , يبدو وكأنه قطع شمع أذابتها حرارة الحياة وشمسها الساطعة.
وتجدنا اليوم بعد قرون دوّارة بالنوائب والنواكب , نعيد الكَرّة ألف مرة ونتحول إلى قطع شمعية متناثرة , جاهزة للذوبان والإندساس في تراب الأيام.
فماذا حققت أحزابنا وتحزباتنا وفئوياتنا وتمذهباتنا؟
هل هناك إنجاز واحد يستحق الفخر ورفعة الرأس؟
ماذا أنجزت توراتنا القومية الوحدوية ذات الخطب الرنانة والشعارات البراقة؟
أ لم تكن قطعة شمع ذابت في سعير المعتركات…
واليوم يصل بنا الحال إلى أرزء حضيض وأتعس قاع في تأريخ الأمم والشعوب , عندما تتحول المجتمعات إلى طاقات لتدمير ذاتها وموضوعها , وكل ما يمت بصلة إليها.
فاليوم مجتمعاتنا صارت مستوطنات للأوبئة والجراثيم الفكرية , وتعصقت فيها أعاصير الضلال والبهتان والإمتهان , وكَرِه الإنسان وطنه وعروبته ودينه , لأنه بسببها تحول إلى مأساة ذاتية هائمة , أسيرة الرعب والموت والتهجير والضياع.
فماذا أنجزنا؟!
إنها الخيبات ومطاردة سراب العصور والجنون والعقائدي , الذي يسعى لحل مشاكل الذين ماتوا منذ آلاف السنين.
فهل سنصحوا ذات يوم ونعي بأننا في مأزق إنقراض مبين , وعلينا أن نتعلم مهارات الحياة , وننأى عن الإنهماك بصناعة الموت والدمار والخراب المشين!!