يحدث أن تكتب مقالا أو تعليقاً على الانترنت، فتواجه انتقادات، بعضها بنّاء، وبعضها معارض أو رافض، وهذا أمر، في جوهره صحيا ولاغبار عليه. وبما ان للكاتب رسالة، فمن واجبه تقبل كل الآراء ومناقشتها بموضوعية، ولكن، يفاجئك أحيانا بعض الأشخاص (لايعجبهم العجب).
فيما يخصني، لا أهتم كثيرا عندما يحدث الأمر مرة او مرتين أو ثلاثاً، لكن عندما يتكرر الاسلوب الغاضب، يتحول النقد الى (هدام)، ليس لي فقط، وانما لأي كاتب أو انسان يريد ايصال فكرة، كما انه يولد الاحباط لدى القارئ الذي تنتقل اليه عدوى الغضب (السلبي). ومثل هؤلاء الاشخاص (الغاضبين) يتنقلون من صفحة الى صفحة اخرى، ليصبوا جام غضبهم على الناس والكتّاب من ذوي الافكار(الايجابية)، محاولين تمرير افكارهم السوداوية في ان (لا أمل) في كل ماتقولونه وتفعلونه، وفي العادة لاتصدر منهم أية وجهة نظر فكرية مفيدة، بل يشعرون بالراحة فقط عندما يتركون تأثيراً سلبياً لدى القارئ، ومستفِزاً لدى الكاتب.
مثل هؤلاء الاشخاص يطلق عليهم في عالم الانترنت (التروليّون) مفردها، (ترول (بالإنجليزية: Troll ، مأخوذة من تسمية لمخلوقات خيالية جبارة في الفلكلور الإسكندنافي جسدت الغضب والشر. وفي عالم الانترنت، فهي تطلق على شخص يسهم بتعليقات أو كلام مثير للجدل لا علاقة له بالموضوع، يهدف به الهدم، وإثارة الجدل والمشكلات بين أفراد المجتمع، عن طريق استمالة عواطفهم وتحريكها ضد بعضهم البعض. ومن المعتقد أن الكلمة مقتطعة من عبارة (تصيد المغفلين)، المأخوذة من طريقة صيد الأسماك، والتي تكون برمي الطعم وجره ببطء في المياه، من أجل الوصول إلى الغرض، وهو نجاح عملية الصيد.
حتى سنوات قليلة مضت، كنت كلما شعرت بالاحباط او الفشل، وجهت غضبي الى البلد والناس والاهل والظروف، من دون أن أعلم انها، في علم النفس، تعد طريقة سهلة لاقناع النفس بأن سبب الفشل هو نتيجة للظلم الذي نتعرض له من كل مايحيطنا. لكني أدركت فيما بعد، بأن الغضب يكون صحيا عندما توجهه الى نفسك، وعندما تدرك انك السبب فيما وصلت اليه من فشل او احباط، وان بداية الاصلاح والنجاح تبدأ منك.
في اثناء مروري بالاسواق القريبة من بيتي ليلا، كان صاحب السوق الشاب يتابع مجرى التظاهرات في ساحة التحرير للجمعة الماضية (جمعة القضاء)، وما ان لاحظ اهتمامي وفرحتي بالمشهد حتى أخذ يرعد ويزبد ويؤكد أمام الزبائن (اخذوها مني ماكو فايدة، شعب مخدوع، ميصير شي.. الخ). سألته بلطف: هل شاركت بالتظاهرات، استفزه السؤال اكثر ليتصاعد غضبه (وشعندي رايح، مااتقشمر بتصريحاتهم). اجبته، ان لم تجرب مايحدث، فكيف تحكم على مجرى الامور؟
لا أزعم اني أثق كثيرا بالتصريحات، ولاأملك احلاماً وردية عن تحقيق الاصلاحات في رمشة عين، لكني قلتها سابقا وأقولها الآن، مايميز هذه التظاهرات ان الشعب أدرك دوره، وهذه خطوة اولى في طريق الديمقراطية، فالشعب كان تحت تأثير حقنة الخوف من (مقارعة السلطة) والتي خدره بها النظام السابق، حتى وان استغرق الامر اثني عشر عاما، لكنه صحا. ويدرك الجميع ان الشعب يساند رئيس الوزراء فيما ذهب اليه، ولكن (بعد ماكو عزيز)، فان لمس أي تسويف، فسيخلع رئيس الوزراء، فالأحرى ب (الترول) الغاضب، ان يوجه غضبه الى نفسه التي رضيت بالخنوع لعقود، فكان جزءا مما وصل اليه البلد.
الصباح الجديد