التشخيص المبكر لأي مرض، يعتبر من أسس نجاح العلاج، ثم الشفاء التام، وعليه فأن بدء الخطة الإصلاحية، للسيد العبادي جاءت في وقتها، رغم أن مأسي الماضي لا يمكن نسيانها بالكامل، فالرعب التسلطي، الذي إستباح الثورة البنفسجية لثمان سنوات، لم يدرك أن نهايته قد حانت، لأن فرص الحكام السابقين الخائبين نفذت، ولن تكون هناك أية مزايدات أو مجاملات، على حساب الشعب المحروم من أبسط حقوقه، لأنه القصة والبطل في نفس الوقت!
يروى أن عالماً نحوياً، طلب من ولده الساذج، أن يشتري له حبلاً، فقال الإبن: بطول كم يا أبي؟ قال النحوي: بطول ثلاثين ذراعاً فقال الإبن؟ بعرض كم يا ابتاه؟ فقال النحوي: بعرض مصيبتي فيك! وهذه الحكاية تنطبق على مصائبنا السياسية، فطولها ثمان عجاف، فبالأمس خان بني سعد، والبارحة قرية الهويدر، واليوم علوة جميلة، ونال جميع العراقيين نصيباً، من الموت واليتم، فبعرض كم تحسب أشلاؤنا ودماؤنا؟ والساسة منشغلون بالمناكفات لا أكثر!
الأحداث الجسام، التي يمر بها عراقنا هذه الأيام، مع إنطلاق المظاهرات المنادية، بحقوق الجماهير، وتوفير الأمن والإصلاح، تظهر مدى فشل التنظيم الإرهابي داعش، ومن يتآمر معه، لأنه نقل المعركة من جبهات القتال، الى الأسواق المزدحمة، بسبب هزائمه في الحرب، حيث أبطال الحشد الشعبي، يرحلون منهم أفواجاً، الى جهنم وبئس المصير، فلا يجدون سوى الناس الأبرياء، ليصبوا حقدهم الأموي البغيض، لذا إخرجوا بتظاهراتكم المشروعة وبقوة، ولا يخيفكم أحد، وإضربوا فوق الأعناق!
الشعب العراقي ذكي جداً، فطول الصبر له حدود، أما عرضه فهو ميادين المظاهرات، التي ستجدد مع أصوات التفجيرات، وكأن المتظاهرين يحتفلون بالألم السعيد، لرحيل الشهداء والمغدورين، ويحملون إصراراً ما بعده إصرار، على المضي قدماً لمحاسبة القتلة، والسراق والفاسدين، لذا لا تتوقعوا أن الشعب ساذج، ويغفل عما يعمل الظالمون، وستوضع النقاط، والحروف، والكلمات في مكانها، أما علامات الإستفهام، فالحكومة، ورئيس الوزراء، والدفاع، والداخلية، مطالبون بالإجابة عنها، خاصة في مجال الخروقات الأمنية!
من إستشهد في خان بني سعد، وقرية الهويدر، وعلوة جميلة، كانوا في صراع مع الأعداء الأربعة: المرض، والألم، والبؤس، والحرمان، وهذا المربع ما جعلهم، يهرولون نحو لقمة الحلال، بعد صلاة أداها الكادحون فجراً، لكن الذئاب البشرية، المعروفة بالخسة، وإنعدام الضمير قتلتكم، لأنها لا تعبأ بجرائمها بحق الناس، الذين لا ذنب لهم، إلا لأنهم أرادوا العيش بحلال، ولم يشعروا بأن الإعصار المجنون يجري خلفهم، فأيها الأبرياء الفقراء: رحمكم الباريء عز وجل!