مرحلة جديده من تاريخ العراق تشهد ميلاد صراع قوي جداً ويستمد قوته من ذلك الاحتقان الذي خَزَنَتْهُ تلك الإخفاقات والتهور في التجاوزات على الصلاحيات وعلى الوطنيه والحق العام للفرد والتي مورست من قبل أفراد او تيارات او احزاب وبكل مااوتيت من قوه لتشهد ميلاد وجبه من الخونة والعملاء والفاسدين ،حيث انكشف الستار عن كل ذلك في الأيام القليله الماضيه ومن اول جمعه صرخ بها الأحرار كي يصبح غالب تلك الاحزاب والتيارات مشبوه في العلن،ومن الجدير بالذكر ان هنا ان السبب الرئيسي الذي اطالة مدة صلاحيات هذه الاحزاب والتيارات هو ان معادلة العداله كانت فاقدةً لأحد اطرافها حيث ان محاسبة المسبب تتعسر لان الأخير اصبح هو الجاني والحاكم الامر الذي جعله يتمادى ويتفنن في جرائمه ، ومن ناحيه اخرى ان غالبية تلك التيارات والأحزاب عند الرجوع الى جذورها التكوينيه نجدها تيارات او أحزاب دينيه في الغالب والتي اكتسبت مؤخراً ميولاً سلطوياً من خلال سعيها الى الحصول على المنصب ليدعمها بالقوه لتنفيذ ستراتيجاتها على عكس ماعرفناه عن واقع الفكر الديني الحقيقي حيث ان الانتماء الى الاسلام وحده كافياً لان يكون داعماً او مصدراً للقوه نتيجة العمق الإنساني الذي يحمله هذا الدين فالاسلام في واحده من تعريفاته هو دين الله ولا جدال فيهِ ، فهو وضعَ لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة ، ومن أهم مبادئ الإسلام هي إعمار الأرض وتصريف المصالح بين النّاس والتي لا مصلحة فيها ولا مغايرة إلى جهة معيّنة وكذلك قيل ان الإسلام ليست فكرة أو دين قديم أو رجعي فهو دين يتماشى مع جميع الحياة ، وبهذا تتوضح معالم الصوره الحقيقيه وينكشف كل ذلك الزيف الذي حوته جعبة المتأسلمين ليلاقوا ليس فقط الرفض بل أصبحوا في قائمه معزولة نستطيع ان نطلق عليها (قائمة المنبوذين) ويكون مجرد التقرب اليهم خطراً او مصدر تهمه، وبطبيعة الحال فهذا لايعتبر خللاً في الدين ولكن خللاً واضحاً يسقط الكثيرين من تلك المسميات التي استغل الكثيرين منهم ذلك المجد الذي سطره اجدادهم وتلك المواقف الصلبة التي صنعها علمائهم.
وبعد تشخيص مواقع الضعف التي قادت الى الفشل في إدارة الدولة كان القاسم المشترك فيها هو الفساد، ووجدنا الكثيرين منهم قد تفننوا في الطرق والاليات للاستحواذ على مصادر السلطة مستبعدين التطبيق الفعلي للشريعة ومانصت عليه كونهم تيارات دينيه تمتلك قاعده جماهيريه واسعه،وبدا ذلك جلياً من سقوط اول القيادات لتتاهاوى بعدها أقرانها الذين لم تختلف ستراتيجيتهم الا في التسميات وبذلك نجد الشارع بات يعزف وبضجر أنغام الندم على ذلك الانتماء الذي وقع بأثرٍ بالغ على واقع الفرد حتى بات يرفض رفضاً تاماً لترخيصهم بالقياده لزمام الأمور .
وبطبيعة الحال فان ميلاد النداء للتأسيس لدوله مدنيه لم يأتي من فراغ ولا كرهاً بالدِّين ولكن جاء كردةِ فعلٍ على ذلك الفساد الذي أخذ الدين كستارٍ له لينفذ خططه المدمره،والسبب الاخر هو المعرفه والاطلاع الى أنظمة الدول المتقدمة والذي اصبح امام أنظار كافة طبقات المجتمع ،تلك الدول التي جعلت أولويات سياساتها استبعاد الدين عن السلطة واقتصرت ممارسته على دور العباده ولااكراه في الدين وبهذا تكون قد خصصت احتراماً لشأن الدين،لتطبق نظام العيش تحت مظلة الانسانيه والتي غالباً ماتتفق عليها جميع الامم مع بعض الفوارق في التطبيق فالمجرم تتفق على تجريمه كل الطوائف والقوميات وتكون العقوبه حسب نوع الجريمه،وبالإضافة الى ذلك ان الدولة المدنية هي دولة المؤسسات التي بدورها تملك فرص مواكبة كل انواع التطورات التي تشهدها المجتمعات الاخرى مع مرعات مناسبتها لواقع مجتمعنا،وخلاصة القول ان هذه المرحلة مرحلة حرجه في تاريخ العراق لانها سوف تشهد منعطفاً حاداً على كل المستويات وهذا وحده يولد تحديات قد نصطدم بها باصنام شخصت لتكون حجر عثره، ولو افترضنا جدلاً ان التغيير حاصلاً لامحال سوف لن يحتاج هذا البلد سوى اختيار الكفاءات المناسبه في المكان المناسب لبناء بلد تكون قاعدته الشعب الحر وهرمه القاده الوطنيين والكفوئيين .