أختاه المنتظِرة يا من تريدين نصرة الإمام المنتظر (صلواته تعالى عليه)، وأن تتوفقي لنيل رضاه الملكوتي، أنت عفيفة بحجابك، وتصبيحن أجمل إن أرتديته، فلا تكترثي لمن يقول إن الحجاب يجعلك قبيحة ويقيد حركتك ويستعبدك، فهو بالتأكيد مختل عقليا، يا أختاه أنت إنسانة قد حباك تعالى بالجمال وحسن المنظر وزينك، ليجعلك فتنة من أعلى الرأس إلى أخمس القدم، فجمالك هذا بإمكانك أن تسحري به الشباب ويغريهم، ولابد من أن تعيري أهمية كبرى لمظهرك الخارجي .
هذه الميزة التي جعلها تعالى فيكِ لتحفظيها وأن تهتمي بها بشكل مستمر، فلابد من ستر جميع بدنك دون إستثناء، وإن كنت تتمتعين بجمال لا مثيل له فعليك ستر بدنك بما فيه الوجه والكفين، حتى وإن كنت في البيت العتيق، ولكِ يا أختاه في بنت محمد فاطمة الزهراء ومن قبل مريم العذراء أم عيسى النبي، وبعدها زينب بنت علي الصديق الأكبر (صلواته تعالى عليهم أجمعين ) أسوة حسنة، فكن ولا زلن مثالاً يحتذى به في كل زمان ومكان، فقد أجدن وأحسن بستر أنفسهم، فيا بنات الزهراء في أُمِّكن الزهراء عبرة، فكانت درجة إلتزامها لا تصفها الألسن لعجزها وتلعثمها أيضاً .
ذات ﻣﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﻃﻤﺔ ( عليها السلام ) ﺟﺎﻟﺴﺔ ﻋﻨﺪ ﺃﺑﻴﻬﺎ ﺭﺳﻮﻝ الله ( صلواته تعالى عليه وعلى آله ) ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺳﺘﺄﺫﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺑﻦ ﺃﻡ ﻣﻜﺘﻮﻡ – ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺟﻞ ﺃﻋﻤﻰ ﻗﺪ ﻓﻘﺪ ﺑﺼﺮﻩ – ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﺰﻫﺮﺍﺀ ﻭﻏﺎﺩﺭﺕ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ , ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻧﺼﺮﻑ ﻋﺎﺩﺕ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻓﺎﻃﻤﺔ ( عليها السلام ) ﻟﺘﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻴﻬﺎ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻫﻨﺎ ﺳﺄﻟﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ( صلواته تعالى عليه وعلى آله ) ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺧﺮﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﻣﻊ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﻣﻜﺘﻮﻡ ﻻ ﻳﺒﺼﺮ ﺷﻴﺌﺎً . . . ﺳﺄﻟﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ – ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺫﻟﻚ – ﻟﻜﻲ ﺗﺠﻴﺐ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﻳﻜﺘﺐ ﺍﻟﺘﺄﺭﻳﺦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻹﻳﻤﺎﻧﻲ ﻟﻴﺒﻘﻰ ﻣﺜﺎﻻً ﺭﺍﺋﻌﺎً ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻓﻘﺎﻟﺖ ( عليها السلام ) : ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺮﺍﻧﻲ ﻓﺈﻧﻨﻲ ﺃﺭﺍﻩ ، ﻭﻫﻮ ﻳﺸﻢّ ﺍﻟﺮﻳﺢ – ﺃﻱ ﻳﺸﻢّ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ -، ﻓﺄﻋﺠﺐ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻷﻋﻈﻢ ( صلواته تعالى عليه وعلى آله ) ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻣﻦ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﺍﻟﺤﻜﻴﻤﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ( صلواته تعالى عليه وعلى آله ) : ﺃﺷﻬﺪ ﺍﻧﻚ ﺑﻀﻌﺔ ﻣﻨﻲ .
يا أبناء المرتضى حيدر في أبيكم علي أبا الحسنين أسوة حسنة، كيف كان الإمام يهتم بستر نسائه حتى لا يرى منهن ظلاً؟، فإذا أرادت زينب الخروج لا تخرج إلا ليلاً، وتطفئ النار خوفاً من أن يرى الأجانب ظلها، ورغم كل هذا يخرج معها سرية من إخوتها الأشاوس .
لا يحق للرجل الأجنبي أن ينظر للمرأة، كما عليها أن تجتهد في منعه، قال الحق تعالى : ﴿ ﻗُﻞ ﻟِّﻠْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﻳَﻐُﻀُّﻮﺍ ﻣِﻦْ ﺃَﺑْﺼَﺎﺭِﻫِﻢْ ﻭَﻳَﺤْﻔَﻈُﻮﺍ ﻓُﺮُﻭﺟَﻬُﻢْ ﺫَﻟِﻚَ ﺃَﺯْﻛَﻰ ﻟَﻬُﻢْ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺧَﺒِﻴﺮٌ ﺑِﻤَﺎ ﻳَﺼْﻨَﻌُﻮﻥَ ﻭَﻗُﻞ ﻟِّﻠْﻤُﺆْﻣِﻨَﺎﺕِ ﻳَﻐْﻀُﻀْﻦَ ﻣِﻦْ ﺃَﺑْﺼَﺎﺭِﻫِﻦَّ ﻭَﻳَﺤْﻔَﻈْﻦَ ﻓُﺮُﻭﺟَﻬُﻦَّ ﻭَﻟَﺎ ﻳُﺒْﺪِﻳﻦَ ﺯِﻳﻨَﺘَﻬُﻦَّ ﺇِﻟَّﺎ ﻣَﺎ ﻇَﻬَﺮَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﻭَﻟْﻴَﻀْﺮِﺑْﻦَ ﺑِﺨُﻤُﺮِﻫِﻦَّ ﻋَﻠَﻰ ﺟُﻴُﻮﺑِﻬِﻦَّ . .. ﴾ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﺘﻌﺮّﺽ ﻟﻌﺪّﺓ ﺃﻣﻮﺭ منها : أولاً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺎﺕ ﺃﻥ ﻳﻐﻀّﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﺑﺼﺎﺭﻫﻢ، ﻭﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻐﺾّ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ : ﺍﻟﺨﻔﺾ ﻭﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻑ، ﻭﻏﺾّ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻳﻌﻨﻲ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﻖ ﻭﺍﻹﻣﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻲﺀ .
ثانياً ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻔﺮﻭﺝ، ﻓﺎﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻌﻔﺎﻑ ﻭﺍﻟﻄﻬﺮ، ثالثاً ﻳﺠﺐ ﺳﺘﺮ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻧﻮﻋﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ، ﺧﻔﻴّﺔ ﻭﻇﺎﻫﺮﺓ، ﻭﺍﻟﺨﻔﻴّﺔ ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺨﻔﻴّﺔ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺜﻴﺎﺏ ﻣﺴﺘﻮﺭﺓ ﻋﻦ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ، ﻛﺎﻟﻌﻘﺪ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﻁ ( ﺍﻟﺤﻠﻖ ) ﻭﻟﻮﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻟﺜﻴﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺯﻳﻨﺔ، ﻭﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﻥ، ﺣﻴﺚ ﺳُﺌﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ( ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ) ﻋﻤّﺎ ﺗُﻈﻬﺮْ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺯﻳﻨﺘﻬﺎ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ : ” ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺍﻟﻜﻔّﻴﻦ ” ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﻭﺟﻮﺏ ﺳﺘﺮ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻛﻠّﻪ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺍﻟﻜﻔّﻴﻦ .
الحجاب ليس مجرد قطعت قماش تغطي البدن والشعر للمرأة المؤمنة، وإنما هو يتمتع برمزية كبيرة في النفوس، قد لا أحد يتصور مدى عظمته إلا الإله والراسخون في العلم، فستر البدن بكل البدن واجب شرعا ومن تخالفه تأثم، لكن الأعظم هو ستر القلب والنفس عمّا حرمه تعالى .
وهذا الأمر لا يقتصر على النساء وحدهن بل لابد أن يستشعره الرجال والشباب أيضاً، فما أن ينجح الإنسان بستر قلبه عن الحرام والسير به نحو الحلال ورضا الرب ومهدي آل محمد (صلواته تعالى عليهم أجمعين )، فإنه فاز بالجهاد الأكبر _ مجاهدة النفس _، وهو أعظم من الجهاد الأصغر _مقاتلة الكفار والدفاع عن الأوطان والمقدسات _ بكثير، وهذا ما قد رواه الأئمة الهداة المهديين عن جدهم حبيب الإله محمد (صلواته تعالى عليهم أجمعين ) .
يا حواء أنت لست ملك جسدك هذا، فهو حق لخالقكِ “تبارك جلَّ في علاه” وحده لا غير، فأنت أَمَة الرب، وعليكِ دائماً أن تتأدبي بآداب الإله التي فرضها عليكِ، والتي أوحاها لأبي الزهراء فاطمة (صلوات الرب وملائكته عليه وعلى آله سادات الخلق أجمعين)، وأن تجتهدي في رضاه، لتحققي المفهوم الحقيقي لتكوني عبدة حقيقة في محضر ربوبيته، وتكونين في كل حين تشعرين بالتقصير في حقه، وألا تتكبري فأنت وسائر الخلق كلهم من تراب قد خلقوا، ولا تغفلي فرغم أن رحمة الرحمن الرحيم قد وسعت كل شيء، لكنه شديد العقاب فهو المنتقم الجبار شديد العقاب .