الراشي والمرتشي في النار!، قول للرسول الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم، يعرفه الجميع حتى صغارنا، نظرا لكثرة تواجد هذه اللوحة، والشعار في اي دائرة من دوائر الدولة، وتهلهل بها محاجر الجميع من الموظفين، حتى باتت تملئ الاماكن حتى دور العبادة منها!، تردد هذه العبارة لها اصل وليس عبثا، ووجودها كناية عن وجود اندادها او استشرائها.
الفساد السياسي هو الاستخدام الخاطئ للسلطة، او هو توظيف المناصب السياسية والادارية في الدولة لخدمة المصلحة الشخصية، على حساب الصالح العام، وتتعدد اوجه وممارسات هذا الوباء القاتل، ولكن الفتاك منه هو المحسوبية، والرشوة والابتزاز، ومحاباة الاقارب، لتسيير المناصب حسب الاهواء، وخاصة الحزبية منها، والشخصية على وجه الخصوص.
عادة ما يكون الوسط الناقل هو السرية في هذا الامر، والتعتيم الشديد خوفا من انعكاسه سلبا في العلن، ولكن الآية قد انعكست، ومخرج الاحداث تلاعب بمشاهده، فراح معلنا مجريات ما وراء الكواليس، ليصبح الامر طبيعيا، وان ما كان محرم، قد اصبح مباحاً، لا بل من المستحبات في تطبيقها.
توالت على العراق حكومات عديدة منذ سقوط الصنم، واتهم في بدايتها بول بريمر، بأنه اكثر شخص قد اهدر المال العام، ولكن من وصفه بذلك كان قد سبق الحدث، فحين تسلم المالكي رئاسة الوزراء، تربع على عرش السلطة لثمان سنوات، سيطر بها على جميع مفاصل الدولة، ومارس فيها جميع اشكال الفساد السياسي والاداري، فراح محتكرا المناصب الرئيسية لاعضاء حزبه فقط.
هدر للمال العام تجاوز بريمر بقوة، فساد اداري مستشري في جميع الدوائر، تسابق على نهب ثروات البلد ورصدها في البنوك العالمية، فالجميع راح مراهناً على ملئ جيبه اكثر من أقرانه، وقائد الكتيبة مثالاً يُحتذى به لذلك الامر.
اعترض بعض سماسرة المالكي على تصنيف منظمة الشفافية العالمية، واعتبروه غير واقعي، حين صنفوا العراق في المرتبة الرابع من ضمن الدول الاكثر فسادا في العالم، وصوروا الامر بانه مشوه، وبأن العراق مدينة فاضلة، تنام على السحاب والامل والخير، ويجب الشكر لهم، لان لهم الفضل في هذا، اذ جاهدوا في ايصاله الى بر الامان.
كان منطلق المنظمة ربما واضحا، فمن خلال صفقات الاسلحة الكاذبة، والاموال المختلسة من قبل الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة، والمشاريع الموجودة فقط في الصكوك المصرفية، ومنح المشاريع مقابل المبالغ المالية الخيالية، وتسيير معاملات المراجعين بمقابل الرشوة، حتى في ابسط دائرة من دوائر الدولة، كان كفيلا بإيضاح الامر برمته.
اطلاع المنظمة من الداخل، وتقييمها على اساس الملاحظة والاستبيان لو كان حاصلا، لكان العراق يتربع على عرش الدول في الفساد السياسي، والمالي والاداري.
كل بلد يسعى رئيسه الى تطويره والنهوض به، اما العراق ففي حكم نوري المالكي، قد خسر(اي العراق) اموال كلفت شعبه مرارة العيش بشظف, واودت به الى الهلاك، فأدخل الارهاب، وفقد مدن كبرى من شماله وغربه.
زف قرابين الشهادة من ابناءه في عمر الورود، وبأعداد ربما لم تكلف شعوبا خاضت حرب لسنوات، اصبح البلد يعيش على الركام بفضل رعونته، وحماقته في ادارة الدولة، نطالب بأسترداد حقوق الوطن، والارض، والشعب بمحاكمته، والاقتصاص منه.