مما لاشك فيه إن العراق الآن يخضع لسيطرة وهيمنة أجندات دولية شرقية وغربية, بطريقة مباشرة كالتدخل الإيراني الواضح في الشأن العراقي, أو بطريقة غير مباشرة وذلك من خلال السياسيين ورجال الدين الذي يعملون لمصلحة هذه الدولة أو تلك, الأمر الذي أدى لفقدان العراق لسيادته وإستقلاله.
وهذا ما سبب كثرة الأزمات التي عصفت بالشعب العراقي, مع غياب الجانب الخدمي في كل مرافق ومفاصل الدولة, مع اتساع رقعة الفساد بين الطبقة الحاكمة ومن يدعمها من مرجعيات دينية لها ارتباط وثيق مع تلك الشخصيات السياسية الفاسدة,ولهذا نجد إن تلك المرجعيات غالبا ما تقف لجانب هؤلاء السياسيين, من قبيل إصدار الفتاوى التي أوجبت انتخابهم وكذلك الإفتاء بحرمة التظاهر ضدهم, وتبتعد عن الاصطفاف مع الشعب وبما يخدمه.
وبطبيعة الحال هذا كله بأوامر وتوجيهات تلك الدول التي فرضت هيمنتها على العراق من خلال هؤلاء الساسة ورجال الدين, لكن ثقافة ووعي الشارع العراقي وخصوصاً بعد ما أيقن وبشكل كبير إن المرجعيات الدينية والسياسيين الفاسدين مستمرين بفسادهم ونهبهم لخيرات وثروات العراق وسرقة المال العام وخلق الأزمات بما يخدم مصالح الدول المهيمنة, قرر الشعب أن ينتفض لنفسه ويطالب بحقوقه ويطالب بمحاسبة المفسدين, مع تقديم وتوفير الخدمات الضرورية, الأمر الذي دفع بالمؤسسة الدينية وبالتنسيق مع الحكومة بأن تضع خطوات تلتف من خلالها على الشعب المنتفض.
وقد تجلت تلك الاتفاقية بوضع حلول ترقيعية, تضمنت إلغاء مناصب, وترشيق وزارات, وإعفاء وتجميد شخصيات من مناصبها, لكن تبقى هذه الخطوات هي خطوات ترقيعية وليست حلول حقيقية, لان من يحكم العراق الآن هو عبارة عن كتل وأحزاب ومنهم تم اختيار تلك الشخصيات لشغل مناصب في الدولة, وبعد تلك الإجراءات سيتم استبدال شخصيات أخرى من نفس تلك الكتل والأحزاب, وبما أن تلك الكتل والأحزاب تابعة وخاضعة ومنقادة للدول الأخرى, فلا يعتبر ما تقوم به الحكومة الآن من إجراءات هو إصلاح وإنما عبارة عن استبدال فاسد بفاسد أخر, والنتيجة هي الرجوع إلى المربع الأول كما يعبرون.
وبالتالي سيبقى العراق خاضعاً وتابعاً للدول التي احتلته وهيمنت عليه من خلال السياسيين وكتلهم وأحزابهم, وكذلك من خلال رجال الدين والمؤسسة الدينية والمرجعيات التابعة لتلك الدول, وهذا يؤدي إلى بقاء العراق غير مستقل سياسياً وإدارياً وتبقى الحكومة ومن يؤيدها ويدعمها وإن قامت بتغير الأشخاص فإنها لم تغير من سياستها وولائها لتلك الدول, فليكن مطلبنا وكما قال المرجع العراقي الصرخي في بيان ” الكهرباء أو الأطفال والنساء والدماء ” بتاريخ الأحد 2/ 8 / 2015م , حيث قال …
{{ 8ـ أنا معكم معكم معكم في الخروج بتظاهرات من أجل التغيير الحقيقي الجذري وليس من أجل التغرير والإبقاء على الفساد والفاسدين ، وإلّا فالقعود والسكوت أوْلى وأرجَح .}}.
فالمطالبة بالتغيير الجذري هي مطالبة باستقلال العراق وتحرره من كل أشكال وأنواع الهيمنة والاحتلال سواء كان غربي أو شرقي, وإلا فأن أمريكا وإيران ستبقيان دولتين محتلين للعراق ويبقى الشعب يتعرض للويلات والمصائب والنكبات والأزمات التي ستزداد كالسيل العارم عليه بسبب هؤلاء الساسة المفسدين التابعين الذين يعملون لمصالحهم الشخصية الضيقة ومصالح من أوجدهم من دول توسعية واستكبارية ودول احتلال.