23 نوفمبر، 2024 7:34 ص
Search
Close this search box.

أحقا ثورة بيضاء ….. أم ماذا ؟

أحقا ثورة بيضاء ….. أم ماذا ؟

عبر التاريخ قرأنا ان في الكثير من المواقع الجغرافية من الكرة الارضية، حدثت عدة انفجارات بركانية . وخلفت كذا من الاضرار المادية وضحايا بشرية قد لا تحصى من دمار المدن والقرى المحيطة بها . ولازالت هذه الظاهرة الطبيعية مستمرة ولا يمكن لاي منجز علمي لاي تجمع بشري ان يصده او يتقي اضراره . ولكن فهذه الحالة من الجانب الثاني تعتبر هذه الظاهرة الطبيعية – براكين وزلازل وفيضانات وما فيها من الكائنات الحية . البشرية والحيوانية والنباتية . والمكونات الاخرى لتربتها . حالة صحية لهذا الكوكب ولغيره . لانها حالة تجدد وتغيير لكل ما هو على سطحه . وانه قانون الطبيعة فلا اعتراض عليه .

وهكذا فان ما حدث عبر التاريخ من الثورات البشرية الارادية والعفوية لحركة المجتمع الانساني، وللحالتين مبررات وضرورات حتمية لقانون الطبيعة. ومن هذه الثورات الموثقة ولها تأثيرها في حينها، الثورة الفرنسية عام 1789 والتي سميت بـ (كومنة باريس) لما تخللها العنف والتطرف بحق الطبقة الحاكمة وحاشيتها . وكيف تم ارسالهم الى المقصلة فردا فردا وبدون تاخير، لانها كانت ثورة بركان المجتمع الفرنسي الذي تحمل من الاضطهاد والاقصاء والتهميش من قبل الزمرة الحاكمة (طبقة النبلاء والاشراف) فتمزق غلاف هذا المجتمع كما تتكسر القشرة الارضية بفعل البركان – مكونة – تحت الانقاض قشرة جديدة وبمواصفات استحقاقية للحياة اليومية المعاصرة ولمستقبل افضل .

وليس وادي الرافدين تاريخياً بمنحى عن هذه الظواهر من البراكين الاجتماعية فكانت ثورة القرامطة (القرن الثامن) وفي عهد الخليفة العباسي – المعتضد – والتي اندلعت في العراق ومن مدينتي الكوفة والبصرة حتى شملت غالبية الدولة العباسية . واشهر قادتها – حمدان بن الاشعث – الملقب بقرمط . ورافقتها ثورة مماثلة هي ثورة الزنج بقيادة علي بن محمد وشملت جنوب العراق والكويت .

واذا كان في العراق الحالي وفي مطلع القرن الحادي والعشرين، قد وصل الفساد الاداري والمالي ونهب ثرواته على يد الزمرة التي استلمت السلطة من المحتل الامريكي وخلال الاثني عشرة سنة من بعد سقوط النظام السابق ومجيء المحتل . فأن ارض العراق قد ضاقت بالبنى التحتية المسحوقة والمقهورة والمسلوبة الادارة وباسم الدين والطائفية والمحاصصة المذهبية المقيتة . فمهما كانت مساحة ساكنيها . فان تمدد الحياة لا يقاس بـ (بارومتر) سواء كان مؤي او فهرنهايتي في آنٍ معا . والى هنا ولا بد ان نقول .

فان تولي الدكتور حيدر العبادي مسؤولية هذه المرحلة الصعبة والمعقدة، والتي لا بد ان يحصل فيها التغيير الجذري في كل ميادين الحياة والمفردات اليومية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والامنية . رغم علمنا ان هناك … نعم هناك تراكم كمي لكثير والكثير من التنسيق المسبق والمبرمج من قبل الزمرة التي تولت سدة الحكم وتمكنت من استثمار ما كان قد ترسب من النظام الدكتاتوري السابق خلال اربعة عقود من السنين . وبدأت الزمرة الجديدة وبغفلة من وعي الشعب الذي امن بها وسلم امره لها . بدأت تشييد لها الكيان الخاص وباسم الدين تارة واخرى باسم المذهبية وغيرها باسم القومية .

وجعلت الستار الديني اكثر امانة لمن يعمل خلفه وبدون حساب وعقاب . وضنت هذه الزمرة ان الجدار الذي تم رصه طيلة العشرة سنوات الاخيرة واكثر وباسم الدين، وكانهم ورثة عرش تاريخي لهم ولا يحق لاي كان مجرد الاحتجاج او التظاهر ضدهم . في اعتقادهم انهم محميون بالدرجة الاساسية من المرجعية الدينية لكونهم الفئة السياسية القادرة على قيادة المجتمع وممثلة للمرجعية الدينية فعلاً . وبمعتقدهم هذا ينالون رضى وبركة المرجعية المذكورة . حتى وصل الامر ان الفساد الاداري والمالي والمنسوبية والمحسوبية ونهب اموال الشعب اصبح مكشوفا للجميع ولا اعتراض عليه من احد . وانهم زمرة في اعتقادها تمثل غالبية رجال الدين اثر توزعها كناطقين لهذه الكتلة او تلك من رجال الدين ذوي السمعة التاريخية المحترمة والدينية الواسعة ابا عن جد ولا يمكن محاسبتهم .

ولكن خابت حساباتهم حين انفجر الوضع في 7/ 8/ 2015 وقبل بأيام خرجت الجموع الجائعة والمحرومة من ابسط مقومات الحياة المادية والمعنوية والامنية . وكانهم رعاع وعبيد القرون الوسطى . فكانت اصوات الفقراء لا بد ان تدوي في اذان الكثير من الشخصيات السياسية الوطنية والاجتماعية والدينية الشريفة . والحريصة على مستقبل هذا الشعب والوطن الذي ظل الاحتلال الامريكي ومنذ 9/ 4/ 2003 يخطط لاشعال النزاعات والحروب الاهلية وان اقتضى الامر، والخارجية . عدا احتلال ما يسمى بـ (داعش) المحافظات الثلاثة – نينوى – صلاح الدين واخيرا الانبار بين ليلة ونهار وبدون مقاومة تذكر .

فكان ما كان وما حصل في جميع محافظات الجنوب واقضيتها ونواحيها وفي بغداد العاصمة ان صرخ الشعب وبصوت واحد بوجه الحرامية وناهبي ثرواته . ولا بد من محاسبتهم لما آل اليه الوضع في العراق . ولا بد من تغيير الوضع وبشكل جذري بدءا من مجالس النواحي والاقضية والمحافظات عبورا الى مجلس النواب التشريعي والمجلس القضائي وثم المجلس التنفيذي الاكثر فسادا ماليا واداريا . وتركوا الشعب لا حول له ولا قوة . محروم من ابسط الخدمات الحياتية – الكهرباء – الماء – الخدمات العامة – الصحية – المدرسية وغيرها .

واخيرا – احقا هي ثورة بيضاء . نعم بيضاء لان سلاحها هو العلم العراقي الجامع والصوت المدوي الواحد (شعب العراق بكل مكوناته) .وعلى رئيس الوزراء د . حيدر العبادي – اما تواصل قيادة هذه الثورة السلمية وتحقيق مطاليب الشعب المشروعة، وفي حالة خضوعه لضغوط كبار الحرامية وناهبي ثروات العراق . فان الثورة لابد ان يتحول لونها الى الوان قاتمة . ولا يحمد عقباها .

أحدث المقالات

أحدث المقالات