نقل لي أحد الأصدقاء وهو برتبة ضابط في الشرطة، أنه في يوم من الأيام حكم أحد القضاة على سارق، بحكمين قاسيين جداً في آن واحد، لأنه سرق دجاجة مع بيضها، مع إنها جريمة واحدة! فكان حكم للبيض، وحكم للدجاجة، وللقاضي فيها معنى أجهلُهْ .
تطبيق القانون على الكل وعدم إستثناء أحد، يحقق العدل في المجتمع، بل وينشر الأمان، وتنتهي عندها كثير من المشاكل المدنية، وعلى الحكومة إدراك هذا الأمر، فكيف إذا كان السارق ممن يعتلون المناصب السيادية !.
كان نظام البعث المتسلط بقانون القائد الأوحد، أكبر نظام دموي شهده العراق منذ غزو هولاكو لبغداد وإستباحتها، وبعد سقوط النظام إستبشرنا خيراً بالنظام الديمقراطي، الذي يعطي الشعب حقوقه كاملة، ويكون هو صاحب السلطة بواسطة النواب المنتخبين منه، لكن الذي جرى ليس كما كنّا نتصوره! بل إتجه بنا الى بناء إمبراطوريات بأموال الشعب، التي تم إستباحتها من قبل أولئك المتسلطين على رقاب القوم، ومن فلتات الدهر أن يعتلي نوري كامل المالكي كرسي رئاسة الوزراء! بعدما وضع مجلس القضاء الأعلى تحت يده، لحمايته من القانون العراقي، ويحكم له بما شاء، وما إستثناء المشمولين بإجتثاث البعث إلا أول الغيث والإستيلاء على البنك المركزي لسرقته بعد أن عزل أفضل الإقتصاديين المشهود لهم عالمياً وإكالة التهم لهم جزافاً ليخلوا له التصرف كيفما شاء! ومتى ما أراد! أوليس نوري المالكي قبل أن يصبح رئيسا للوزراء في الحكومة الإتحادية، كان عضواً في اللجنة الدستورية؟ وقد أخذ كامل الفرصة في مناقشات كتابة الدستور! واليوم نستغرب من تصريح سيادته الذي أشار فيه الى “ان الدستور كتب على عجل” مما أوجد فيه ثغرات كثيرة! منها تقليص صلاحياته لصالح إقليم كوردستان! وهذا يعني رغبته في إعادة الحكم المركزي؟ وهو مناقض لما جاء من قواعد جوهرية في الدستور العراقي الذي كان أحد أعضائه؟.
معظم المتظاهرين يريدون حقوقهم لكنهم يجهلون النوايا المخبئة، ومن يحركها ويبث فيها ما يريد، وعلى الجمهور أن يعي أنه يسير بركب من لا يريدون العملية السياسية أن تسير بالإتجاه الصحيح، وهذه فرصتهم، لان المواطن العراقي قد مل الوعود وآثر أن يخرج للتظاهر في سبيل التغيير، ومطلبها أنه يجب محاسبة كل الفاسدين، وتبدأ من الهرم الى الأسفل ولا تستثني أحد .
محاسبة رئيس الوزراء الأسبق ومحاكمته، لا سيما باقي الفاسدين مطلب كل الجماهير، إلا مؤيديه الذين لا عمل لهم سوى بث الإشاعات، والنيل بكل الوسائل الممكنة من الكتل الأخرى، لتغطية الفضائح التي تزكم الأنوف، التي إرتكبوها بحق الشعب العراقي .
كل الأخطاء التي نمر بها اليوم هي من تركاته، وهو الذي كان يشغل كل المناصب، بدأً من رئاسة الوزراء ؛ وتتسلسل الى وزارة الداخلية ؛ و وزارة الدفاع ؛ و قيادات القوة الجوية و البرية و البحرية ؛ و جهاز المخابرات ، و المجلس الأعلى للقضاء ؛ و المحكمة الإتحادية ؛ و البرلمان ؛ و مفوضية النزاهة: ست ثلاثون من أصل ثمان وثلاثون مفتشاً! والنتيجة خراب العراق وضياع ثلثه، ودماء سبايكر لم تجف بعد، لاسيما باقي التضحيات التي نقدمها اليوم، في سوح الشرف بالدفاع عن العراق، نتيجة تلك التصرفات الرعناء، اليس هذا كافيا أن يجعله في قفص الإتهام ؟.