مرة أخرى خرج الاف المتظاهرين في بغداد ومدن عراقية عدة في جمعه ثانية لاتقل زخماً عن الجمعة الاولى احتجاجاً على تردي الخدمات والاوضاع الماسأوية التي يعيشونها .
ولقد رفع المتظاهرون في بعض المحافظات شعارات تطالب باقالة وزير الكهرباء وجميع الوزراء المقصرين والفاسدين ومحاسبتهم ,في حين طالب متظاهرون في محافظات أخرى بحل مجلس النواب والحكومة والغاء العمل بالدستور وتشكيل حكومة انقاذ وطني والاسراع فوراً باحالة جميع الفاسدين في الحكومة الحالية والحكومات السابقة وكل من يثبت انه ساهم في اهدار أوسرقة أموال الشعب الى القضاء, وهددوا بانهم سوف يزحفون الى المنطقة الخضراء في الجمعه المقبلة و(يهجمونها )على رؤوس الفاسدين اذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم .
وازاء هذه الاحتجاجات العارمة التي لم يشهد العراق لها مثيلا من قبل كان رد فعل الحكومة بارداً وخجولاً ولايرتقي الى مستوى الحدث حيث اكتفت ببيان وعدت فيه المتظاهرين باصلاحات شاملة في القريب العاجل . وعلى مايبدو ان هذا البيان ماهو الا محاوله من الحكومة لتهدئة غضب الجماهير اذ مامن اشارة حتى هذه اللحظة توحي بأنها تنوي فعلاًالقيام بأية اصلاحات حتى ولو كانت بسيطة .
واللافت في الامر ان بعض الاحزاب الدينية التي هي شريكة في السلطة وجزء لايتجزأ من العملية السياسية وبالتالي هي جزء من منظومة الفشل والفساد الذي دمر البلاد وأرهق العباد حاولت ركوب الموجة فخرجت الى التظاهرات لايهام الجماهير الغاضبة انها تقف الى صفهم ومن ثم الحصول على بعض المكاسب اذا مااسفرت هذه التظاهرات عن تغيير جذري .
والسؤال الذي يطرح نفسه :هل بامكان هذه التظاهرات ان تؤدي الى شيء مهم يسهم في قلب الاوضاع برمتها وتغيير العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والحزبية تغييرا جذريا والاتيان بوجوه جديدة تتمتع بالنزاهه والمهنية قادرة على انتشال البلد من المستنقع الذي اوقعه فيه السياسيون الطائفيون والفاسدون وأخذه الى شاطيء الامان ؟.
وللأجابة عن هذا التساؤل نقول: من الممكن حدوث ذلك اذا ما أصر المتظاهرون على مطالبهم المشروعة وحولوا تظاهراتهم الى اعتصامات مفتوحة ورفضوا كل الحلول الجزئية والاجراءات الترقيعية الانية التي من المؤكد ان الحكومة ستبادر الى اتخاذها لذر الرماد في العيون ومنعوا كل الاحزاب الدينية الشريكة في السلطة من الالتفاف على ثورتهم وسرقتها .
اما اذا لم يفعلوا ذلك فان كل احتجاجاتهم وتظاهراتهم هذه ستنتهي وتزول سريعاً كما تزول سحابة صيف عابرة.