26 نوفمبر، 2024 12:49 م
Search
Close this search box.

مبارك للعراقيين انجازهم بتطبيق ( من أين لك هذا ) بوقت قياسي

مبارك للعراقيين انجازهم بتطبيق ( من أين لك هذا ) بوقت قياسي

تهتم الدول التي تطبق معايير الشفافية والنزاهة بتطبيق مبدأ من أين لك هذا على الجميع , ويقال إن الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم قد طبق هذا المبدأ بشكل حازم على من يمتلكون الصلاحيات في حينها , كما يقال إن تطبيقه لذلك كان السر في النهضة التنموية التي شهدها العراق في مختلف القطاعات رغم إن مدة رئاسته لم تدم لأكثر من خمس سنوات , وكعراقيين نسينا هذا المبدأ المهم خلال العقود الماضية , لانشغلنا بالحروب والحصار والتغييرات بحيث وصلنا إلى درجة من اللامبالاة يتم من خلالها تهنئة الحرامية على ما يشترون لان العرف الاجتماعي أنسانا البحث عن مصادر الثراء , ولكن الدكتور حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء المعروف بطموحه غير المحدود لبناء دولة المؤسسات ذكرنا فيه عندما دعا إلى تطبيقه لأنه يحقق العدالة الاجتماعية وبإمكانه أن يكون أداة لتقليل الفساد , وكما تداولته وسائل الإعلام فقد تم تكليف شخصيات تنفيذية ( مهمة ) لتطبيق من أين لك هذا , ولكن ما افتقدنا لسماعه هي الآليات التي سيتم تطبيقها بهذا الخصوص والشرائح المشمولة فيه وبعض التفاصيل الأخرى المتعلقة بالموضوع , والسبب الذي يدعونا لهذه التساؤلات هو إن هيئة النزاهة ومن خلال بياناتها الرسمية لم تكمل في سنة من السنين الماضية والحالية واجباتها بخصوص كشف الذمم المالية للمسؤولين .

والسؤال هل إن الحكومة الحالية قادرة على تطبيق من أين لك هذا وإدخاله إلى حيز التنفيذ ؟ والجواب إن الحكومة ليست قادرة على تطبيق المبدأ بل إنها تطبقه فعلا في التعامل مع المواطنين أثناء انجاز معاملات المواطنين في الوزارات والدوائر الحكومية , فقوة الدولة في بلدنا تبرز عندما تكون للمواطن معاملة رسمية لدى الأجهزة الحكومية حتى وان كانت الحكومة هي المستفيدة أكثر من المواطن في الانجاز , وقد لا تصدقون إذا قلت لكم إنها تطبقه على نسبة تفوق 99% من الشعب , فحين يراجع المواطن لانجاز معاملة ومن متطلباتها هوية الأحوال المدنية فأنهم يرسلون معاملته إلى دائرة الأحوال المدنية لإثبات صحة الصدور وبذلك طبقوا من أين لك هذه الهوية , وإذا احتاجت المعاملة إلى شهادة الجنسية يرسلونه إلى ( السيد إدريس ) لجلب صحة الصدور أو لتجديد الشهادة وبذلك فانه أجاب على سؤالهم من أين لك الجنسية العراقية والتبعية العثمانية , وإذا كانت له معاملة تتعلق بحجة تخارج في محكمة الأحوال الشخصية فان المحكمة تقوم بختم ساعد المواطن وترسله إلى اللجنة الطبية مع ( مأمور) لكي يثبت صحته العقلية والنفسية , ويعني ذلك انه أجاب عن سؤال من أين لك العقل في هذا الزمن الصعب , وحين يراجع هيئة التقاعد ترسله في رحلة مكوكية لإثبات الحياة , وبذلك يجيب عن أسئلتهم كيف استطعت الإفلات من المفخخات والعبوات والعلس لحد الآن .

وتطبق سياقات أخرى عند المراجعة لتسجيل بيت باعه أو اشتراه المواطن ( العادي ) , حيث يتطلب الموضوع الذهاب إلى دائرة الضريبة وجلب براءة الذمة حتى وان لم يكن قد مارس أي عمل خاضع للضريبة طوال عمره , وقد يقوده حظه العاثر إلى تشابه الأسماء واغلب أسماء العراقيين ( القديمة ) فيها كثير من التشابه لان بعضها بنيت على قاعدة (خير الأسماء ما حمد وعبد ), أو أنها خضعت لسياقات اجتماعية بان يكون محمد أبو جاسم وعلي أبو حسين وعباس أبو خضير وغيرها , ورحلة التشابه في الأسماء هدفها الأسمى هو لإثبات من أين لك هذا الاسم , كما إن أي تعيين في الوظائف الحكومية يتطلب صحة صدور الشهادة حتى وان كانت الابتدائية بهدف الإجابة عن سؤال من أين لك هذه الشهادة , وكذلك جلب التصريح الأمني أو عدم المحكومية للإجابة عن سؤال من أين لك هذه البراءة والخلو من الجرائم , وجلب تقرير من اللجنة الطبية لكي يجيب عن سؤال من أين لك هذه الصحة والعافية , دون أن يسترسلوا فيقولوا له هل هي نعمة من الله أم بفضل العناية الصحية والطبية التي توفرها المؤسسات الصحية الحكومية التي تحولت إلى أبنية فحسب أم من العيادات الخاصة للأطباء التي تكلف الكثير من الأموال والملل والانتظار , ويطبق من أين لك هذا حتى عندما تشتري مكيف في للصيف أو سخان للشتاء لأنه يفسد منظومة الكهرباء ويؤثر على استخدام الوحدات .

ومن خلال الأمثلة أعلاه وهناك تفاصيل كثيرة جدا يضيق المجال لذكرها , تم التأكد بان الغالبية العظمى من الناس يطبق عليهم من أين لك هذا أو هذه , أما الباقين وهم أقلية قد لا يتجاوز عددهم ال100 ألف فان أحدا لم يسألهم وقد لا تتاح الفرصة والوقت لسؤالهم أيضا , من أين لكم مليارات أو تريليونات الدنانير التي تشترون بها الدولارات من مزاد العملة في البنك المركزي في كل يوم , ومن أين لهم ملايين الدولارات التي يشترون بها العقارات في لندن وباريس وعمان والإمارات وغيرها من بقاع الأرض في العالم , ومن أين لكم الأموال التي بنيتم بها ثروات بعض الدول مثل الأردن وتركيا ومصر , ومن أين لكم القصور التي تسكنون بها في العراق والتي تقاس مساحاتها بالدونمات وليس الأمتار وتحتوي على مصاعد كهربائية ومسابح ومضايف , رغم إنها تعود ملكيتها للدولة أو لأزلام النظام التي تمت مصادرتها بموجب القرارين 76 و88 , ومن أين لكم البساتين والأثاث الفخم والأسلحة بمختلف أنواعها والحمايات والتحف النادرة والمعروضات النفيسة والسيارات المدرعة , وحتى الوقت يتوجب السؤال عنه بعبارة من أين لك هذا , فبعضهم يتواجد في العراق لانجاز واجباته ومهامه التاريخية ويتواصل مع عائلته الموجودة خارج العراق أما في عطلات مجلس النواب أو يذهب إليهم في إيفاد رسمي أو ينزل إليهم كل خميس وجمعة وذلك ( اضعف الإيمان ) .

ويتضح من خلال هذا العرض البسيط , إن تنفيذ توجيهات السيد رئيس مجلس الوزراء سهلة التطبيق في العراق لأنها مطبقة على نسبة مهمة من المواطنين من خلال الإجراءات المطبقة حاليا والتي سيتم تخفيف بعضها بعد خمس سنوات إن شاء الله عند تطبيق البطاقة الوطنية الموحدة التي تجسد شعار حكومتكم بخدمتكم . ووضع الحكومة الالكترونية موضع التطبيق الفعلي من خلال انجاز المعاملات بالريبورتات وبدون تدخل البشر لان النفس أمارة بالسوء , والمتبقي لتطبيق مبدأ من أين لك هذا هي الشريحة التي لا تشكل نسبة مهمة من السكان , ولكن مشكلتها إنها تتحكم بالأموال والقرارات , ولان المعالجات صعبة لهذه الشريحة فان الحل الممكن هو من خلال التوافقات فمن الممكن التوافق على مثل هذه الأمور باجتماع ليلي حتى وان امتد للفجر مع مواعيد الصلاة , وهذا ما نتوقعه لان نظامنا البرلماني الفيدرالي لا يسمح بإجراءات راديكالية كونها تتعارض مع أحكام الدستور , باعتبار إن دستورنا وضع في مرحلة نرجسية ويصعب إجراء التغييرات فيه لأنه يتطلب موافقة الثلثين وعدم معارضة ثلاثة محافظات , وإذا ما استثنينا الشريحة قليلة العدد قياسا بالمتبقي من سكان العراق فان من أين لك هذا يعتبر مطبق فعليا على الشعب جميعا , لذا يمكن تسجيله كانجاز لحساب حكومة الشراكة الوطنية ويعد من معجزات الديمقراطية المستوردة إلى العراق ومن الله التوفيق .

أحدث المقالات