استوقفتني كثيراً أوامر السيد العبادي اليوم التي كان من ضمنها وأبرزها تلك الأوامر الموجهة إلى هيئة النزاهة برفع أسماء المتهمين بسرقة المال العام والتجاوز على ممتلكات الدولة والشعب لمنعهم من السفر وإحالتهم إلى القضاء وهنا تكمن وكما يعبرون ” الطامة الكبرى ” !!! فكيف يكون من يقاضي ويحاسب هؤلاء المفسدين هو من كان شريكاً لهم في فسادهم وفسادهم ؟!.
إن كان مدحت المحمود الذي يشغل منصب ( رئيس مجلس القضاء الأعلى, رئيس محكمة التمييز, رئيس المحكمة الإتحادية ) مستحوذاً على أعلى المناصب القضائية والقانونية في الدولة العراقية, وهو في الوقت ذاته كان شريكاً لكل المفسدين في الحكومة السابقة ” حكومة نوري المالكي ” فمن الطبيعي إن المحالين إلى القضاء من المفسدين ستتم تبرئتهم, وذلك لما يملكونه من معلومات وملفات تدين مدحت المحمود وصفات مشبوهة كان شريكاً لهم فيها, فإن أدانهم خوفاً من مشروع الإصلاح, فإنهم سيضغطون عليه بتلك الملفات من أجل تبرئتهم من كل ما نسب إليهم من فساد.
وبهذا يطبق المثل القائل ( يا أبو زيد كأنك ما غزيت ) وتكون عملية الإصلاح ومحاسبة المفسدين هي أشبه بزوبعة في فنجان ولم تحقق ثمارها ويعود المفسدين وبقوة ويصبحون هم ضاحية مؤامرة واتفاقيات ضدهم – كهذا سيظهرهم الإعلام – ثم أين قانون اجتثاث البعث من المدعو مدحت المحمود ؟! هل زاغت عنه الأبصار ؟ … وهذه وقفة بسيطة على تاريخ المحمود البعثي ….
قد عمل في ظل النظام السابق مدير عام لدائرة التنفيذ، ومديراً عاماً لرعاية القاصرين ،ورئيس لجنة مذكرة التفاهم الخاصة النفط مقابل الغذاء في وزارة العدل، وعضو في محكمة البنك المركزي سيئة الصيت التي كان يشرف عليها عبد حمود سكرتير الرئيس المخلوع وعمل ممثل ديوان رئاسة صدام في هيئة الأوقاف، ورئيس مجلس شورى الدولة بأمر من ديوان الرئاسة لغاية 9 – 4 – 2003
ومن أهم خدماته للرئيس السابق صدام حسين انه عمل المستشار القانوني له لمدة ثلاثة سنوات، ومستشار في مجلس الوزراء للنظام السابق لعدة سنوات ومحاضر في كلية صدام للحقوق، وأثناء عمله في ديوان الرئاسة حصل على مرسوم من صدام حسين لتعيينه قاضياً في محكمة التمييز خلافاً للقوانين النافذة والشروط المطلوبة، أي استثناء من الشروط لخدماته الجليلة لديوان الرئاسة، وبعد إكمال السن القانونية الموجبة لإحالته إلى التقاعد حصل على تمديد خدمته لسنوات أخرى، وهذا مخالف للقانون ويعد أكثر الأشخاص وأقربهم إلى صدام حسين والى ديوانه وقد حصل على مكافئات دورية بملايين الدنانير، واستلم عدة سيارات كهدايا منها سيارة كالوبر، وسيارة سيدرك، وسيارة سوبر ،وسيارة كرونا، ومنح عدة مرات مبالغ نقدية على شكل دفعات من صدام حسين .
وكان يستلمها من مصرف الصالحية التابع حسابياً إلى وزارة العدل، ولعل أهم ما اشتهر به مدحت المحمود لقاءاته الشخصية مع صدام حسين وظهوره معه على شاشات التلفزيون ،وخير دليل الصورة الموجودة في هذا التقرير وقد أطلق مدحت المحمود عبارة ( البيعة الأبدية ) المشهورة للرئيس المخلوع أثناء الاستفتاء الشعبي عام 2002 كما جاء في مقالته المنشورة مع صورة على طاولة واحدة مع صدام حسين في جريدة القادسية المؤرخة في 15 تشرين الأول لعام 2002, وهو صاحب المقولة المشهورة ( أعظم قائد لأعظم شعب ) المنشورة بنفس الجريدة كما ظهر له لقاء مع صدام حسين على شاشة التلفزيون ونشر حديثه في جريدة الثورة المرقمة ( 9861 ) في 3 تشرين الأول عام 1999 ( والذي يشبه صدام وعدله بالرسول الكريم وقضائه يعتبره في عهد صدام حسين هو بمثابة عهد صدر الإسلام ) .
وهذا غيض من فيض من سيرة هذا الرجل المشبوه, فكيف تأتمن الحكومة العراقية وبالخصوص حكومة السيد العبادي في قضاءها ومحاسبة المفسدين على رجل معروف بتملقه للطواغيت والمفسدين, ولا شك بان الذي خفي أعظم!! فالمفسد الأول الذي كان يرعى الفساد وبسبب تعاونه مع المفسدين هو مدحت المحمود, فلو كان يتمتع بنزاهة وأمانة واستقلالية لما حصل هذا الفساد في العراق, وهذا يتطلب تقديم مدحت المحمود إلى القضاء بعد إعفاءه من منصبه وتجريده من كل المميزات التي يتمتع بها, كونه كان راعياً للفساد ومتستراً على المفسدين.