مضت سنة ونيف على تشكيل الحكومة الإتحادية، والتي نجح فيها التحالف الوطني على ترشيح العبادي لتولي رئاسة الحكومة، بعدما كان الشيعة يعيشون حالة من عدم الإنسجام والتخاصم، بسبب تمسك المالكي بموقفه لتولي هذا الحكومة لولاية ثالثة، والذي لم يتنح لولا تدخل المرجعية العليا، والتي طلبت من حزب الدعوة تغيير مرشحهم وإستبداله بمرشح آخر .
بعد تشكيل الحكومة جرت مفاوضات كبيرة وطويلة، داخل أروقة التحالف الوطني، _ الذي يتألف من التيارات والأحزاب الإسلامية وبعض المستقلين _ من أجل إختيار رئيس للتحالف، والعمل على مأسسته وتفعيل النظام الداخلي، لكي يتمكن من رسم السياسات الحكومية ومحاسبة الحكومة ووزرائها ومسؤلي الوزرات، ويعمل أيضاً على تقنين العلاقة بين كتل التحالف والكتل الوطنية الأخرى وكثير من الأهداف التي سيتم من خلال معالجة الواقع السياسي والخدمي وإنصاف محافظات الوسط والجنوب، ورفع الحيف عنهم وكذلك الظلم الذي نتج بسبب السياسات الإقصائية والتهميشية التي إتبعها النظام البعثي البائد والحكومات السابقة .
لم تسفر أي من الحوارات والمفاوضات بين كتل التحالف الوطني، إلى أي حل يذكر لحل هذه المعضلة التي أرقت الشارع الشيعي، فتحالف ينتمي للطبقة الناخبة الشيعية ويسمّى بإسمها ولكنه هو بعيد كل البعد عن الواقع الشيعي،ومنشغل بالصراعات السياسية والحملات التسقيطية التي تشنها بعض الأطراف التي أفلست وتحطمت أحلامها البنفسجية، فواقع حالهم هؤلاء الأخوة كحال الرجل الطاعن بالسن، الذي يعيش أيامه الأخيرة، فالأجهزة التي يعيش عليها باتت لا تنفعه فالموت صار يطرق بابه، ويحتاج لمن يرحمه ويطلق عليه رصاصة ترحمه من واقعة المزري .
صراع إرادات من أجل البقاء، فبعضهم ورغم كبر حجمه المقاعدي، يخاف من البعبع الذي سيلتهمه ! والذي جعله يعيش حالة من الهلع والخوف والرعب، فما يتصوره حقيقي لإن الجماهير لا تلتف الإ وراء التيارات المرجعية والتي رفعت شعار الولاء للمرجعية وطاعتها فوق كل الإعتبارات والمسميات وخدمتها هي غايتها، فيما هو يريد أن يجعل من المرجعية تحت عنوان وظفي “فقيهة حزبية” داخل حزبه لتخدم مصالحهم الحزبية، وهذا ما أستشعره فضلاء الحوزة العلمية قبل عقود وحذروا منه فتأمل ! .
فالتحالف الآن بين أمرين لا ثالث لهما إلا التحطم والتبعثر، الأمر الأول أن يبقى مجرد إسم أو عنوان هامشي، وبإختصار ( ماكو تحالف بس إسم ) وهذا ما يتمناه ذوو الأحلام البنفسجية، كي لا تكشف حقيقتهم أمام الرأي العام الشيعي وتنفضح الصفقات الفاسدة والمتاجرة بالدماء من جانب، ومن جانب آخر يرفضه الطرف الآخر والذي يفضل الإنفصال على البقاء فيه، لانه ما الغاية من تحالف لا ينجح بتوحيد القرار السياسي الشيعي ومحاسبة المقصرين وردعهم ووو .
أما الأمر الآخر وهو تحالف حقيقي تتبناه الكتل التي نجحت بتشكيل الحكومة، والتي ترفع شعار مأسسة التحالف وتقنينه وأن يتمتع بنظام داخلي رصين يعمل توحيد القوى السياسية الشيعية بمعنى الكلمة، يتمكن من معالجة المشكلات وحلها وخدمة المحافظات الشيعية ومحاسبة كل المسؤولين الشيعة كبيرهم وصغيرهم في حال قصّر أو فشل في خدمة الواقع المرير التي يعيشه أبناء الوسط والجنوب .
ويبقى التحالف رهينة التوافقات السياسية، فمبدأ النصف زائد واحد لم ولن يحل المشكلة، بل سيزيد من الطين بلة، لأنه سيجعل من رئيسة مهدد بالإقالة في أي لحظة، ومبدأ التوافق التام وحل الإشكاليات التي تعيق إنتخاب الرئيس وإختيار مرشح توافقي يتمتع على الأقل بمقبولية الثلثين، فضلاً عن المقبولية الوطنية، فهذا المبدأ هو خيار ثلثي التحالف الوطني لكن الثلث الآخر الذي يخشى من البعبع القادم هو من يؤجل حسم المشكلة فيرفض هذا المبدأ .
بين الـ (37) الذين يريدون ترشيح علي الأديب، الذي فشل بتولي وزارة السياحة بعد تصويت (37) نائب من كتلة دولة القانون فقط، والثلثين الذين يرشحون القيادي الشيعي عمار الحكيم، والذي يتمتع بمقبولية شيعية من جميع كتل التحالف الوطني فضلاً عن الكتل الوطنية الأخرى .
يبقى التحالف الوطني دون رئيس حقيقي، وربما قد يحسم هذا الأمر في القريب العاجل أي بعد أيام أو أسابيع أو شهور وحتى سنوات وفرضية العقود والقرون مستبعدة جداً، لأن من يعيق إنتخاب الرئيس قد أنتقل إلى العالم الآخر، وسيكون لسان حاله هناك يا ليتني لم أعطل إنتخاب الرئيس فسيطلب من الحق تعالى أن يعطيه فرصة أخرى كي يرجع ويعمل عملا صالحا، ولكن لا مناص من الحساب، فالرسل قد بعثت لك لماذا أنكرتها وتعندت برأيك