26 نوفمبر، 2024 2:40 م
Search
Close this search box.

إنقلاب في بغداد

لا يختلف إثنان على إن داعش ومن تحالف معهم من” كلاب السياسة”، يسلكون جميع الطرق من أجل الوصول إلى ما يطمحون اليه، بغيت الوصول إلى إحتلال العراق ونهب ثرواته وإستباحة أرضه وعرضه؛ تحت لافتة الديمقراطية وحرية التظاهر الذي كفله الدستور العراقي بعد 2003، والذي لم يفهم الشعب العراقي أبجديات التظاهر بعد؛ أو هناك أيادي خفية تحرف مسار أي مظاهرة، قد تكون حقه ومطالب مشروعة، وتجرها إلى التعدي على حقوق الاخرين، وقطع الطرق وحرق ممتلكات الدولة.
ما جرى في محافظة البصرة قضاء المدينة تحديداً الاسابيع الماضية؛ حيث خرجت مظاهرات ضد قرار وزير الكهرباء؛ القاضي بتخفيض حصة البصرة الكهربائية، لتعويض النقص الحاصل في المحافظات الأخرى، والجميع يعلم إن مشكلة الكهرباء مشكلة أزلية؛ ولم تكن في منطقة دون أخرى، وإنما معظم المدن العراقية تعاني من إنقطاع التيار الكهربائي، وتلكئ وزارة الكهرباء منذ 2003، التي صرف عليها من ميزانية الدولة العراقية 36 مليار دولار( أي ما يعادل ميزانية خمسة دول عربية لمدى 6 سنوات).
المظاهرات التي كفلها الدستور العراقي، وأعطى الحرية الكاملة لمن يريد التظاهر بالطرق السليمة والقانونية، من أجل تنبيه الحكومة المحلية أو المركزية على قرار إتخذته غير صحيح، أو غبن لحق بشريحة من المجتمع أو احد المؤسسات؛ تتظاهر مجموعة تمثلهم ضمن الاطر القانونية، وتدرج مطالبهم بورقة موقعة من معظم المتظاهرين، على أن تكون المطالب شرعية وقانونية، ولا تخل بالقانون أو فيها غبن لشريحة أخرى والحفاظ على ممتلكات الدولة؛ وان لا تربك الوضع العام في البلد، من خلال قطع الطرق وتعطيل الحياة العامة.
بغداد الحبيبة التي شهدت مؤخراً مظاهرات يوم الاربعاء الماضي، لموظفي مديرية السكك الذي تظاهروا نتيجة تأخر مستحقاتهم الشهرية” عشرة أيام”، أي لم يستلموا الراتب لمدة 40 يوماً، حيث تظاهروا بطريقة غريبة جداً” أشبه بالإنقلاب العسكري الذي حدث في سبعينات القرن المنصرم”؛ فقد قاموا بتحريك عدة قطارة وايقافها بالطرق الرئيسة للعاصمة بغداد، وشل حركة الدوائر والمؤسسات الحيوية بالكامل واربك الأجهزة الأمنية، وقطع إمداد مجاهدي الحشد الشعبي، والقوات المرابطة في ساحات المواجهة.
إن الأزمة المالية التي يمر فيها البلد لم تعد خافية على أحد، ومعظم الدوائر والمؤسسات لم تستلم مستحقاتها في نهاية الشهر؛ وإنما يحصل تأخير 10- 15 يوماً وهذا يعد أمراً طبيعي، في بلد حكمته مافيات سياسية ما يقارب عقد وسرقة ميزانيته، وسلمت ثلث مساحته لداعش وإنخفاض أسعار النفط؛ الذي أصبح لهؤلاء مساحة يتحركون فيها ويقلبون الراي العام، من أجل تحريك الشعب وإنقلابه على الحكومة وحرق مؤسساته، حتى يتسنى لهم العودة للسلطة من جديد، وسلب ما تبقى من داعش وحكومتهم السابقة.

 

أحدث المقالات