من ابرز ما تطرقت إليه مرجعية السيستاني في خطبة الجمعة المصادف 7/1 / 20015 م ، اعترافها بان الحكومات المتعاقبة لم تولي اهتماماً خاصاً بحل مشكلة الكهرباء وان كل حكومة تضع اللوم على ما قبلها ثم لا تقوم هي بما يلزمها لتخفيف معاناة المواطنين مستقبلا ً..، وكذلك أشارت إلى قضية الفساد المالي والإداري والبطالة….، وهنا كانت لنا وقفات نذكر منها ما ياتي:
الوقفة الأولى:لم تتطرق المرجعية إلى قضية الكهرباء إلا بعد أن خرجت التظاهرات وتفاقمت ووصلت إلى قرب دارها وأقلقها هديرها، وهنا نتسائل، هل إن المرجعية كانت لا تعلم بتردي واقع الكهرباء وانقطاعها، ولم تشعر بمعاناة المواطنين؟!، أم أنها تعلم لكنها سكتت؟!، لأنها ترى أن المصلحة في السكوت لشماعات أبرزها المذهب وحكومة المذهب…
الوقفة الثانية: كيف نفسر تطرق المرجعية إلى أزمة الكهرباء بعد أن تفاقمت التظاهرات وسقطت الضحايا، هل إن الجماهير هي من حركت المرجعية وأحرجتها ودفعتها للحديث عن أزمة الكهرباء؟!، في حين يفترض أن المرجعية هي من تحرك الجماهير لا العكس!!!، هل أن حديث المرجعية هو من اجل امتصاص الغضب الجماهيري لكي توحي إليهم بأنها تدخلت وان الحكومة ستلبي مطالبهم فهي لا تستطيع تجاهلها مادامت المرجعية تدخلت، وستطلق الوعود والعهود وتسوف وتميع القضية وينتهي فصل الصيف وحرارته، وعندها تنتهي معاناة الكهرباء لأن الحر قد تبخر وسيتضاءل احتمال تجدد التظاهرات ان لم نقل انها ستنسى وستتبخر معه الوعود والعهود وعفا (…) عن من فسد وسرق واخلف ونقض؟!، هل إن المرجعية أرادت أن تركب الموج وتظهر تعاطفها الإعلامي مع المتظاهرين خشية من حصول ما لا ترتضيه مصالحها ومصالح أسيادها؟!.
الوقفة الثالثة: من المضحك المبكي أن تتحدث المرجعية عن فشل وتقصير وفساد الحكومات المتعاقبة لأنها هي من تسببت ولا زالت تتسبب في تسلطها على العباد والبلاد فان نسيت فالتاريخ لا ينسى الفتاوى التي صدرت بوجوب انتخابها، والطامة الكبرى إن حديث المرجعية يكشف بكل وضوح أنها تعترف بأنها كانت تعلم بفساد تلك الحكومات ومع ذلك أوجبت انتخابها وباركتها ودافعت عنها وأجهضت تلك التظاهرات أيام حكومة المالكي التي كادت أن تطيح بها لولا تدخلها وفتواها التي حرمت التظاهر.
الوقفة الرابعة: وبعد أن ثبت فشل وفساد الحكومات عند الجميع حتى المرجعية، وبعد أن اعترفت المرجعية بان الحكومات بما فيها الحالية كل واحدة منها تلقي باللوم على سابقاتها تأتي المرجعية وتطلب من الحكومة (من الفاسدين الفاشلين)، أن “تبذل قصارى جهدها في سبيل تحقيق تلك المطالب، وفي الحد الادنى التخفيف من معاناة المواطنين ولو مرحلياً، وحذار من الاستخفاف بها والتقليل من شأنها وعدم الاكتراث بتبعاتها” على حد قولها، فهل هذا هو الحل؟!، هل يعقل أن يُطلَب ذلك ممن تمرس بالفشل والفساد واعتاش عليه ؟!، هل يعقل ان يُطلَب ذلك ممن تعامل ويتعامل مع الشعب وفق منهج وسياسة “أبو ناجي” ( جوع شعبك يتبعك ) ؟!، هل يعقل ان يُطلَب ذلك ممن يرد على المتظاهرين بالرصاص والقمع؟!، هل يعقل ان يُطلَب ذلك ممن يطلق الشعارات والوعود والعهود ثم ينسفها نسفا ويدوس عليها با قدامه التي لا تسير إلا خلف المصالح والمناصب؟!، فمنذ الاحتلال والى وقت غير معلوم شعارات ووعود وعهود وحياة نرجسية والنتيجة من سيء إلى أسوأ، كل هذا جرى ويجري ببركة وحنكة وحكمة ورؤية مرجعية السيستاني، أهكذا تقرأ الأمور والأزمات المتأصلة والمستمرة، وهكذا يكون علاجها ، إلى متى يبقى العراق وشعبه رهين تلك القراءات والحلول التي لم تزده إلا خسرانا ووبالا وثبورا وهلاكا؟!، إلى متى يبقى العراق مختبرا للتجارب والرؤى والحلول الفاشلة؟!، يكفي فما عاد في العراق شي قابل للتجارب الفاشلة والرؤى الخاطئة.
وفي المقابل كانت قراءة وحكمة المرجعية العراقية المتمثلة بالمرجع الصرخي مطابقة للواقع وقد حذرت كثيرا من الوقوع في أفخاخ المفسدين، ودعت إلى عدم انتخابهم، وان هؤلاء مهما طال الزمن فإنهم لن يلتفتوا إلى معاناة الشعب لأنهم جاءوا لخدمة مصالحهم وملء جيوبهم، ولا حل ولا خلاص الا بالتغيير الجذري لأنه ليس من الحكمة ولا من العقل والمنطق والشرع والأخلاق والتجربة أن يبقى الفاشل الفاسد هو من يتحكم بمصير الوطن والمواطن، وليس من الصحيح أن يُطلب منه أو يترجى منه خيرا أو إصلاح، ففاقد الشيء لا يعطيه، فكم من مطالبات وتظاهرات ذهبت أدراج الرياح؟، إذن فالتغيير الجذري بات ضرورة ملحة وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة خالية من جميع المفسدين الفاشلين المتسلطين تعتمد المهنية والولاء للعراق في اختيار أعضائها وفقا لمشروع الخلاص الذي طرحه المرجع الصرخي والذي يتضمن في بنوده:
3 ـ حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد الى أن تصل بالبلاد الى التحرير التام وبرّ الأمان .
4ـ يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن فإنّهم إن كانوا منتفعين فاسدين فلا يصحّ تكليفهم وتسليم مصير العباد والبلاد بأيديهم وإن كانوا جهّالاً قاصرين فنشكرهم على جهودهم ومساعيهم ولا يصحّ تكليفهم لجهلهم وقصورهم ، هذا لسدّ كل أبواب الحسد والصراع والنزاع والتدخّلات الخارجية والحرب والإقتتال .