23 نوفمبر، 2024 4:27 ص
Search
Close this search box.

علاوي يكشف سرقات المصرف المركزي العراقي وعملية تخريب الإقتصاد العراقي خلال السنين السابقة

علاوي يكشف سرقات المصرف المركزي العراقي وعملية تخريب الإقتصاد العراقي خلال السنين السابقة

(حلول مقترحة للدكتور حيدر العبادي للخروج من الأزمة الإقتصادية الخانقة)
ليس العراق من أكثر الدول فساداً في العالم فحسب، بل هو الدولة رقم واحد في الفساد في العالم من ناحية المبالغ التي تسرق من المواطن لمصلحة المفسدين، فموازنة العراق التي بلغت حوالي  (140) مليار دولار نستطيع أن نقول بكل ثقة أن نسبة كبيرة هذه الموازنة تذهب سرقات في جيوب المفسدين من السياسيين بالدرجة الأولى وممن يسير في ركابهم من المفسدين من عامة الناس، ولا يمكن مقارنة هذه الميزانية بميزانية الصومال التي تعتبر الدولة الأولى في الفساد في حين لا تبلغ ميزانيتها الخمسة مليارات دولار في السنة.

إن واحدة من الطرق المتميزة بألفساد هو الفساد الناتج عن تحويل العملة من الدينار العراقي إلى الدولار وهذه من المهام الأساسية للمصرف المركزي العراقي.

إن المصرف المركزي العراقي يبيع يومياً أكثر من (200) مليون دولار امريكي ويأخذ بالمقابل دينار عراقي بسعر تحويل ( الدولار الواحد = ١١٦٦ دينار ) ويضاف إلى هذا ألسعر عمولة المصرف المركزي والتي تبلغ (24) ديناراً عن كل دولار اي يصبح سعر التحويل النهائي (الدولار الواحد = ١١٩٠ دينار  ) ، أما بالنسبة لبيع الدينار العراقي في السوق (السعر الموازي) فقد كان السعر مذبذباً في الفترة الأخيرة وبلغ بحده الأعلى ( الدولار الواحد = ١٣٧٠ دينار  ) وبحده الأدنى ( الدولار الواحد = ١٢٢٠ دينار  )  خلال الفترة السابقة، ولا تبلغ المواد المستوردة من مواد غذائية وسلع من قبل التجار الذين يحولون المبالغ بشكل رسمي لشراء سلع حقيقية نصف هذا المبلغ، أي إن المبالغ التي تشترى من الدولار بواسطة قوائم مزورة تبلغ اكثر من (100) مليون دولار يومياً، وإذا حذفنا أيام العطل (جمعة وسبت) والعطل المتفرقة الأخرى والتي لا تتجاوز بمجموعها العشرة ايام في الشهر نجد أن المصرف المركزي يبيع خلال عشرين يوم في الشهر اكثر من ملياري دولار إلى المضاربين من المفسدين من طبقة السياسيين وأتباعهم شهرياً، ولو إفترضنا أن هؤلاء يبيعون الدولار بمعدل ( الدولار الواحد = ١٢٥٠ دينار  ) في السوق، أي أنهم يحققون ربحاً بمقدار (5) سنت عن كل دولار ، أي أنهم   يحققون ربحاً شهرياً بحدود مئة مليون دولار، وينعكس هذا الفرق على زيادة في أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى التي تشترى من قبل التجار الذين ليس لهم (واسطات) مع المصرف المركزي حيث يشترون الدولار بالسعر الموازي أي سعر السوق أي بمقدار (الدولار الواحد = ١٢٥٠ دينار  ) وينعكس هذا الفرق ليس زيادة في الأسعار فحسب زيادةً في المبالغ التي تسحب من السوق ومن الموازنة العامة للبلد فينعكس نقصاً على كافة القطاعات، كألمبالغ المرصودة للإعمار وتوفير الخدمات من الكهرباء والماء وغيرها فضلاً عن النقص بحق العوائل النازحة والمقاتلين من الجيش والشرطة والحشد الشعبي وغيرها. إن المقدار الكلي للنقص يبلغ سنوياً أكثر من مليار ومئتي مليون دولار، وبعملية حسابية بسيطة نكتشف أن كل عائلة عراقية تدفع مبلغاً بين ال (٢٥٠ إلى ٣٥٠ دولار) في السنة من قوتها اليومي إلى المفسدين من السياسيين وأتباعهم.

إن نزول قيمة العملة هو أمر طبيعي في الكثير من دول المنطقة، ونزول العملة يؤثر في أول الأمر سلباً على الزيادة في أسعار السلع والمواد المستوردة، ولكنه على المدى البعيد يوفر الأرضية لتحقيق نهضة صناعية وزراعية بل نهضة عامة لكافة القطاعات ألإنتاجية إذا أتخذت السياسات الأقتصادية الصحيحة، وهذا قد تحقق في الكثير من بلدان المنطقة كتركيا وأيران، حيث كان نزول العملة بشكل كبير جداً في هذين البلدين خلال الثلاثة عقود الماضية، ولكن النهضة الصناعية في هذين البلدين كانت كبيرة جداً ليس بسبب هبوط العملة فحسب، بل بسبب إتخاذ سياسات إقتصادية مدروسة فضلاً عن قيام نهضة زراعية وسياحية في هذين البلدين، أما في العراق فإن نزول العملة كان بالدرجة الأولى من أجل فتح المجال لمجموعة من السياسيين للإغتناء على حساب معاناة الشعب ولذلك كان هناك سعرين للعملة بفرق كبير مع إعتماد القوائم المزورة كما أتضح هذا الأمر للقاصي والداني من خلال الإعلام، لقد إنكشفت هذه الحقيقة للحكومة التي كان يرأسها المالكي، وبدلاً من أيجاد الحلول التي توقف الفساد أتخذ الحل الذي يعمق الفساد ويجعل هذه الإمكانية للإستفادة الغير المشروعة تحت سيطرة المالكي من خلال فرض تعيين السيد علي العلاق كمحافظ للبنك المركزي وهو مركز يجب أن يشغله شخص كفوء ذو خبرة واسعة وطويلة في القطاع المالي والمصرفي وأن يكون مستقل غير محسوب على جهة سياسية، للأسف لا يتمتع السيد علي العلاق بهذه المواصفات، وهذا لا يعني أني أتهم السيد علي العلاق أو المالكي بالفساد في هذا المجال، ولكن مثل هذا ألتعيين يثير مجموعة من الإحتمالات والتساؤلات، وأني أترك للقاريء الكريم التوصل إلى ألإستنتاجات المنطقية والإحتمالات التي يمكن أن ترد على الذهن إنطلاقاً من إصرار المالكي على فرض السيد علي العلاق ليكون محافظاً للبنك المركزي مع إفتقاره للمؤهلات المطلوبة.

عملية تخريب الإقتصاد العراقي

 إن أكبر عملية تخريب للإقتصاد العراقي حدثت خلال السنين السابقة كانت بسبب إفتقاد سياسة إقتصادية واضحة المعالم حيث كانت تتخذ القرارات الإعتباطية من دون تخطيط أو دراسة وما يمكن ان تترتب على تلك القرارات من آثار مخربة للإقتصاد العراقي.

فعلى سبيل المثال نجد أن قيمة الدينار العراقي كانت ما يقارب الثلاثة آلاف دينار عراقي قبل عام 2003 وقد تم رفع قيمة الدينار العراقي إلى الف وخمسمائة دينار للدولار وبقي هذا هو السعر المعتمد للسنين اللاحقة.

ولكن من دون دراسة ودراية بالتبعات أتخذ قرار إعتباطي خلال فترة الوزارة الأولى للمالكي برفع قيمة الدينار ألعراقي من الف وخمسمائة دينار للدولار إلى أقل من الف ومئتي دينار للدولار الواحد، إن هذا القرار برفع قيمة الدينار العراقي بحدود الثلاثين بالمئة ترتب عليه تدمير الصناعة العراقية على مستوى القطاع العام والقطاع الخاص، حيث ترتب على هذا القرار زيادة كلفة البضائع المنتجة في العراق بحدود الثلاثين بالمئة مما يجعلها غير منافسة للبضائع المشابهة والمستوردة من خارج الحدود، فتوقفت على أثرها المعامل الحكومية فضلاً عن معامل القطاع الخاص بسبب عدم القدرة على تسويق المنتجات العراقية في السوق العراقي، وترتب على هذا جلوس عمال هذه المصانع في بيوتهم ودفع رواتب شهرية لهم من دون أي إنتاجية، لقد إنخفضت إنتاجية العامل العراقي في الكثير من القطاعات الصناعية إلى الصفر، وفي الوقت الذي كان العراق يعتبر من اكثر البلدان تطوراً في الشرق الأوسط في الإنتاج الصناعي نجد أن الكثير من الصناعات قد توقفت وأصبحت المعامل بعد فترة من الزمن غير صالحة بسبب توقف المكائن عن الإنتاج لعدة سنوات، لقد كانت الفترة السابقة فترة مثالية لتطوير الصناعات بشكل منقطع النظير  وذلك بسبب زيادة الموارد المالية ورفع الحصار عن البلد لتطوير المصانع إلى مستوى الإنتاج في الدول المتقدمة فضلاً عن إنشاء معامل جديدة تغطي القطاعات الصناعية الأخرى.

إن إرتفاع سعر تصريف الدينار العراقي بمقدار ثلاثين بالمئة أدى إلى زيادة كلفة الإنتاج الزراعي بمقدار مقارب لثلاثين بالمئة، وبذلك أصبحت المنتجات الزراعية المستوردة من دول الجوار أرخص من مثيلاتها المزروعة داخل العراق، وعلى أثرها قلت إنتاجية المزارع العراقي، وتحولت الكثير من الأراضي الزراعية إلى أراضي مهملة، وقامت الحكومة بترقيع الوضع وذلك بشراء  بعض المنتجات الزراعية العراقية  بسعر اكثر من السعر المستورد، وقام الكثير من المزارعين العراقيين بشراء الكثير من هذه المنتجات من خارج العراق وبيعها للحكومة بسعر أعلى، وقد ساعد على هذا الأمر تفشي الفساد على مستوى واسع في مؤسسات الدولة، لقد أدى هذا الأمر إلى إهدار الكثير من أموال الدولة فضلاً عن الخسائر المترتبة إبتداءً نتيجة للفساد المستشري على نطاق واسع.

إن إرتفاع سعر الدينار له بعض الآثار ألإيجابية وبألذات رخص البضائع المستوردة، وما يحققه المسافر العراقي من فائض عند سفره خارج العراق، فضلاً عن تحسن سمعة البلد الإقتصادية لدفع المستثمرين من خارج البلد للإستثمار داخل العراق، ولكن الميزة الأخيرة قد فقدت دورها بسبب إستفحال الفساد ومطالبة المستثمر الخارجي برشاوي مهولة قبل البدئ بأنشاء مشروعه، ومع هذه الآثار الإيجابية ولكن الخسائر بانهيار القطاع الصناعي وتوقفه وتراجع القطاع الزراعي تفوق بكثير تلك الآثار الإيجابية.

لقد تنبهت الصين إلى الدور الإيجابي الذي يمكن ان يحدثه هبوط سعر العملة المحلية لتنشيط التصدير والنهوض بالقطاع الصناعي، فقامت بشكل دوري بتخفيض عملتها لترويج بضائعها على المستوى العالمي، فنهض القطاع الصناعي بشكل لم يسبق له مثيل في الصين منذ ثمانينات القرن الماضي، وتنبهت الولايات المتحدة لهذه السياسة حين تحول الميزان التجاري لصالح الصين خلال العقدين الماضيين، لذلك هددت الولايات المتحدة الصين من تخفيض عملتها مرة أخرى وذلك بفرض عقوبات إقتصادية على الصين إن عادت إلى تبني هذه السياسة، ولذلك فالصين لا تستطيع الآن خفض عملتها، إن هذه السياسات لتطوير القطاع الصناعي لم تأتِ من فراغ، وإنما نتيجة لدراسات مستفيضة وتخطيط مدروس، أما نحن في العراق فألسياسات الإقتصادية الإعتباطية غير المدروسة هي التي أدت إلى تدمير القطاع الصناعي وتدهور القطاع الزراعي.

 

كيفية الخروج من الأزمة الراهنة بسبب إنخفاض أسعار النفط العالمية والسياسات الإقتصادية السابقة غير المدروسة

هناك عناصر ثابتة وعناصر متغيرة تلعب دوراً أساسياً في تحديد سعر النفط العالمي، أهم العناصر الأساسية الثابتة هو إمكانية إستخراج

النفط الصخري (Shale Oil)

بكلفة حوالي (70) دولار للبرميل وهو أقل بكثير من سعر النفط العالمي حتى أواسط عام 2014 أما العناصر المتغيرة فأهمها الظروف السياسية العالمية وبالذات الإتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية في أيران. إن إنخفاض أسعار النفط كان متوقعاً منذ فترة من الزمن بسبب إنتاج

النفط الصخري (Shale Oil)

من قبل الولايات المتحدة وكندا بمقدار يفوق الثمانية ملايين برميل في اليوم فضلاً عن الصين والأرجنتين مما أدى إلى زيادة النفط المعروض عن المقدار المطلوب حيث الإنتاج العالمي للنفط عام 2013 كان بحدود (90) مليون برميل باليوم والإستهلاك العالمي بنفس المقدار أي بحدود (90) مليون برميل باليوم أما المتوقع لعام  2017 فألإنتاج سيكون بحدود (102) مليون برميل باليوم نتيجة لزيادة إنتاج النفط الصخري بالدرجة الأولى كما ذكرنا وسيكون ألإستهلاك بحدود (96) مليون برميل باليوم أي بفائض بحدود (6) مليون برميل باليوم، ولكن الذي يساعد على أرتفاع أسعار النفط بمقدار نسبي هو الكلفة العالية لإستخراج النفط الصخري والذي يبلغ بحدود ال (70) دولار للبرميل لذلك فالسعر المتوقع خلال المستقبل القريب يتراوح بين (50) دولار للبرميل إلى (80) دولار للبرميل إذا تم إنتاج النفط الصخري بحدود معقولة حيث تراجع إنتاج النفط الصخري بشكل كبير بسبب إنخفاض سعر النفط العالمي.

أما العناصر المتغيرة كالإتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية في أيران فإن إستمر الإتفاق فسيلعب دوراً في زيادة الإنتاج والتصدير الإيراني وهذا سيؤثر سلباً على سعر النفط العالمي.

ما هي السياسة التي يجب ان يتبعها الدكتور حيدر العبادي لإصلاح الوضع الإقتصادي

إن ألنقص في الموازنة يتطلب تعويض النقص، وهناك توجهات من قبل الحكومة لإصدار سندات الخزينة لأخذ قروض من مصارف عالمية لدفع النقص في الميزانية التشغيلية من معاشات وغيرها، إن هذا القرار هو أخطر قرار يمكن أن تتخذه الحكومة وهو جريمة بحق شعبنا العراقي ومستقبله وذلك لصعوبة تسديد هذا القرض من موارد النفط بسبب ما ذكرناه من توقعات صعوبة صعود سعر النفط إلى المستويات السابقة، وهذا سيفتح الباب للسنين القادمة لزيادة الإقتراض لسد النقص في الموازنة، وسيؤدي هذا بشكل طبيعي إلى تراكم الدين على الدولة وستتراكم الفوائد، وسيرتهن البلد إلى ألجهات المقرضة التي ستفرض سياسات تقشفية على البلد لتسديد الدين وهذا سيزيد ويضاعف من معاناة المواطن، مع ما يعانيه المواطن حالياً…….

  فما هو الحل الذي يمكن إتخاذه في هذه الحالة ؟؟؟

يجب على الدكتور حيدر العبادي أن يتخذ ست خطوات كبيرة وجريئة وهي:

١.تخفيض سعر العملة العراقية.

٢.إسترجاع الأموال المسروقة من الدولة من قبل المسؤولين السابقين والحاليين.

٣.إعلان حالة طواريء ضد الفساد.

٤.عقد إتفاق سياسي مع كافة الكتل السياسية لإيقاف عملية الفساد المشرعنة.

٥.أخذ قروض من مصارف عالمية لإنشاء مشاريع  ألإنتاج النفطي مشاريع البنى التحتية ومشاريع إنتاجية أخرى.

٦.وضع سياسة إقتصادية بهدف تطوير القطاعات الإنتاجية والإتجاه نحو الخصخصة وإيجاد فرص عمل للقضاء على البطالة.

١. تخفيض سعر العملة العراقية

 هناك حلين لا ثالث لهما في الوقت الحالي لإتخاذ قرار سريع لتغطية النقص في الموازنة، إما ألإقتراض أو تخفيض سعر تصريف العملة……

ولكلا القرارين آثار سلبية وآثار إيجابية، أما بالنسبة للقرض فألآثار الإيجابية هي تأجيل المشكلة وليس إيجاد الحل للمشكلة، أما الآثار السلبية فإننا في النهاية سنضطر إلى تخفيض العملة بعد عدة سنوات بعد أن غرقنا في مستنقع عميق من الدين، وكما ذكرنا سابقاً فإن الإقتراض الآن لتغطية الميزانية التشغيلية بالدرجة الأولى سيفتح الباب للسنين القادمة لزيادة الإقتراض لسد النقص في الموازنة التشغيلية بالذات، وسيؤدي هذا بشكل طبيعي إلى تراكم الدين على الدولة وستتراكم الفوائد، وسيرتهن البلد إلى ألجهات المقرضة التي ستفرض سياسات تقشفية على البلد لتسديد الدين وهذا سيزيد ويضاعف من معاناة المواطن، مع ما يعانيه المواطن حالياً .

 أما بالنسبة لتخفيض سعر تصريف العملة فإننا ننطلق من مبدأ وجوب الصرف بمقدار ألدخل، فإذا كان صرفنا من أموال ليست أموالنا بل أموال مقترضة وبفوائد متراكمة فلا بد أن نقع في نهاية المطاف، وسيكون وقوعنا أشد بكثير من وقوع اليونان على سبيل المثال، فاليونان دولة بناها التحتية مكتملة من كهرباء وماء ومستشفيات ومدارس وسكن، في حين نحن نفتقر للكهرباء وألماء الصافي وشبكات الصرف الصحي ولدينا ضعف كبير في النظام الصحي والتعليمي فنفتقر للمستشفيات  والمدارس الصالحة  ويسكن الكثير من الناس في بيوت التنك وفي العشوائيات، والكثير من الطرق والمرافق العامة مخربة، وسنستلم مدناً مخربة بعد القضاء على داعش وإخراجهم منها بمشيئة الله.

إن تخفيض العملة يمكن ان تترتب عليه آثار سلبية لا يمكن أن نغفل عنها، ولكن يجب أيضاً أن نتبنى جملة من الحلول التي تقلل من هذه الآثار  السلبية، وأولى هذه السلبيات هو ما قد يتبادر إلى الذهن من فقدان الثقة بالعملة العراقية والإستثمار داخل العراق، إن الثقة بالعملة العراقية هو الآن ضعيف بسبب تذبذبها خلال الفترة الأخيرة وعدم وجود سياسة نقدية واضحة تنتهجها الدولة، كما إن هبوط العملة خلال الفترة الماضية لم تجني منه الدولة أي ربح، بل ذهبت الأرباح إلى جيوب السراق من السياسيين واتباعهم، أما في حالة إتخاذ قرار حكومي لتخفيض العملة لمرة واحدة وجعل الدولار الواحد يعادل ((1500 دينار كما كان السعر حتى عام (2006) ، ويتم شرح وتوضيح هذا الإجراء لما فيه من الاثار الأيجابية على تطوير القطاع الصناعي والزراعي ففي هذه الحالة ستقوى الثقة بالحكومة التي تتخذ الإجراءات الواضحة والمخطط لها وليست إعتباطية من أجل النهوض بالبلد وتطويره، ولكن هذا الإجراء يجب أن يتلازم مع ما يلي:

ابقاء سعر صرف تفضيلي لإستيراد المواد الضرورية كبعض المواد الغذائية الضرورية كالقمح والسكر والزيوت واللحوم والحليب وغيرها والأدوية والمستلزمات الطبية وكافة المواد والمستلزمات التي تعتبر ضرورية، والسعر التفضيلي هو سعر الصرف الحالي أي بحدود ((1200 دينار للدولار. وفي هذه الحالة لا يجوز تصريف العملة بالسعر التفضيلي إعتماداً على قوائم لا يعرف مدى صحتها ويمكن التلاعب بها كما هو الحال في الوقت الحالي، بل يتم إعتماد السعر التفضيلي في فتح الإعتمادات المصرفية فقط، وبهذه الطريقة يضمن عدم سرقة الأموال إعتماداً على الفرق بين أسعار التصريف.

إعطاء السعر التفضيلي للمسافرين من أجل العلاج خارج البلد، وفي هذه الحالة يعطى المسافر مقدار محدد ثم يدفع الفرق بعد جلب قوائم المستشفى المصدقة من قبل السفارة العراقية في ذلك البلد.

إعطاء السعر التفضيلي لكافة المكائن المستوردة والمستلزمات للمعامل والمؤسسات الصناعية والمواد الأولية، فضلاً عن كافة المكائن والمستلزمات الزراعية وذلك للمساعدة في النهضة الصناعية والزراعية المطلوبة لتطوير البلد.

إن سعر التصريف الجديد يجب أن يكون سعراً واحداً وثابتاً ولا يجوز أخذ عمولة عالية من قبل المصارف والصرافين. 

إذا تم تخفيض سعر الصرف بهذا المستوى أي بمقدار حوالي ال ٣٠٪ فإن ذلك يمكن أن يوفر فائضاً  بحدود ٢٥٪ للموازنة، فإذا كانت الموازنة بحدود ال (70) مليار دولار لهذا العام فإن الفائض سيكون بحدود ال (17) مليار دولار وهذا المبلغ أكثر ب(5) مليار دولار مما يسعى العراق للحصول عليه من قرض إعتماداً على سندات الخزينة والبالغ (12) مليار دولار.

يجب إستخدام هذا الفائض بشكل فعال في المشاريع المهمة للبلد من دون عمولات أو سرقات، ولكن مما يخشى منه بشكل كبير أن ألأحزاب السياسية التي شكلت اللجان الإقتصادية للحصول على العمولات من خلال مشاريع وزاراتها ولكنها صدمت بسبب تقلص الميزانية نتيجة لإنخفاض أسعار النفط ستفتح عيونها بشكل كبير للإنقضاض على هذا الفائض، لذلك إن لم يتخذ الأخ حيدر العبادي سياسة واضحة كما سنتناولها في الفقرات التالية لإيقاف الفساد فإن هذه الزيادة في الأموال سترسو مرة أخرى في جيوب المفسدين.  

 

٢ . إسترجاع الأموال المسروقة من الدولة من قبل المسؤولين السابقين والحاليين.

عدد المشاريع المتلكئة منذ عام ٢٠٠٣ حتى اليوم بلغ اكثر من ثمانية آلاف مشروع وكلفتها اكثر من (270) مليار دولار، وإن أكثر من ٩٩٪ من هذه المشاريع متلكئة بسبب الفساد، حيث لم  يتم تطبيق تعليمات العقود الحكومية من الشفافية وفتح المجال لكافة الشركات للتقديم بل تم الإتفاق مع شركات محددة مسبقاً وغير رصينة وتم الإتفاق معها على دفع عمولات كبيرة، فعندما يتم دفع مبالغ مقدماً لهذه الشركات من قبل الدولة ، يتم إسترجاع هذه المبالغ كعمولة من قبل الجهة الحكومية التي منحتهم العقد، ثم تطالب الشركة بدفعة أخرى، ولكنها تجد نفسها غير قادرة على القيام بالمشروع لأنها غير كفوءة وتخشى من الخسارة،  فتستولي على ما إستلمته من أموال وتترك المشروع من دون إنجازه، وتحول ما إستلمته من أموال إلى خارج البلد، وتخشى الجهة الحكومية التي تعاقدت معها في البداية من ملاحقة هذه الشركة المتلكئة في إنجاز المشروع لأنها إن حوسبت فستكشف العمولات التي دفعتها  إلى الجهة الحكومية، فيسكت كل طرف عن الآخر ويذهب كل طرف بما ناله من أموال، بل لعل هذين الطرفين هم أقارب أو أصدقاء، فيبقى المشروع متلكئاً وغير منجز.

لقد قامت الحكومة والمحافظات وكافة مؤسسات الدولة بالتعاقد على أكثر من تسعة آلاف مشروع منذ عام ٢٠٠٣ حتى اليوم، وإن عدد المشاريع المتلكئة قد بلغ أكثر من ثمانية آلاف مشروع، أي أن المنجز هو بحدود ١٠٪ من المشاريع، إن الكلفة الكلية لهذه المشاريع قد تجاوزت ال (270) مليار دولار، أما ما دفع من مبالغ تقاسمتها الجهة الحكومية مع الشركة المتلكئة عادة تبلغ ٣٠٪  من قيمة العقد، أي المقدار الكلي المسروق يبلغ حوالي ال (80) مليار دولار.

ما الذي يمكن أن يفعله الدكتور حيدر العبادي أمام هذا الوضع؟؟؟

قد يقول قائل يجب محاسبة ومعاقبة المسؤولين والحجز على أموالهم، ولكن هذا الحل ليس واقعياً، فليس المطلب الأساس معاقبة المفسدين، ولكن المطلب الأساس هو إرجاع المقدار الأكبر من هذه ال (80) مليار دولار، فكيف السبيل إلي ذلك ؟؟؟؟؟

يجب إبتداءً جلب شركة عالمية إستشارية في مجال المحاسبة، وتتولى هذه الشركة مراجعة المشاريع المتلكئة والتعرف على أسباب التلكؤ، ثم يتم الإجتماع بالشركات المتلكئة ومحاورتهم للتعرف منهم على اسباب تلكؤهم، والتعرف منهم على مقدار العمولات التي دفعوها إلى الجهة الحكومية.

 يقيم إبتداءً العمل المنجز وكلفه، ويطلب من الشركة إكمال المشروع، فإن كانت عاجزة وغير كفوءة فيطلب منها دفع المبالغ التي إستلمتها مع خصم كلفة الأعمال المنجزة وإحتساب فائدة لهم بمقدار لا يتجاوز ال ١٠٪ من قيمة العمل المنجز، فإن إدعت أنها دفعت عمولات للجهة الحكومية فيطلب منها تدوين أقوالها مع إبراز كافة الأدلة التي تثبت أنهم قد دفعوا عمولات.

ثم يطلب من الجهة الحكومية إرجاع ما تبقى من المبالغ التي أخذتها قبال إصدار عفو  حيث لا ينفع مطالبتها بارجاع كامل المبلغ والذي لا تستطيعه، فليس المطلوب معاقبة الناس بل المطلوب إرجاع أكبر مبلغ للخزينة العراقية، وأما ما تبقى فيبقى ديناً على هذه الجهة الحكومية لإرجاعه متى ما توفر .

المشكلة التي قد تبرز أن مقدار كبير من هذه الأموال قد دفعت إلى جهات سياسية، في هذه الحالة يطلب من الجهة السياسية إرجاع هذه المبالغ، فإن كانت عاجزة عن إرجاع كامل المبالغ فيطلب منها تقديم قوائم بجهات الصرف، ثم تجرى تسوية نهائية مع هذه الجهات السياسية، ويتم في نفس الوقت التعجيل بتشريع قانون الأحزاب وتخصيص مبالغ ضمن الموازنة لكافة الجهات السياسية الممثلة في مجلس النواب.

أما لمن لا يتعاون ويبقى خارج البلد فيمكن التعامل معه إنطلاقاً من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي وقع عليها العراق بموجب القانون رقم (35) لسنة (2007) المنشور بالوقائع العراقية المرقمة (4047)لعام (2007) بالاضافة الى نص الاتفاقية المنشورة بالوقائع العراقية المرقمة (4093) لعام (2008) وقد علق على الإتفاقية المستشار القانوني في وزارة الخارجية العراقية السيد حسين الخالصي في شبكة الأقتصاديين العراقيين بتاريخ ١٨/ ١٢/ ٢٠١٤ حيث يفرض على كافة الدول المشاركة ارجاع المبالغ المسروقة وترفع عن الشخص المتهم السرية المصرفية وتصادر العقارات التي شريت بهذه الأموال وقرار المحاكم العراقية يسري أيضاً على الأشخاص مزدوجي الجنسية.

إني لا أستطيع أن أتنبأ بالمبالغ التي سيتم إسترجاعها بهذه الطريقة، ولكنها بالتأكيد لن تكون أقل من خمسة عشر مليار دولار، ولعلها ستكون اكبر من ذلك بكثير، والعراق بحاجة ماسة إلى هذه المبالغ وهي حق لكل مواطن عراقي والواجب الشرعي يفرض إتخاذ مثل هذا الإجراء فعن علي (ع) فيمن تصرف بالمال العام دون حق قال (وَ اَللَّهِ لَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ اَلنِّسَاءُ وَ مُلِكَ بِهِ اَلْإِمَاءُ لَرَدَدْتُهُ فَإِنَّ فِي اَلْعَدْلِ سَعَةً وَ مَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ اَلْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَيْهِ أَضْيَقُ) .

إن ألأخ حيدر العبادي يجب أن يتخذ قراراً حازماً وجريئاً وشجاعاً، فهذه هي مهمته كرئيس مجلس الوزراء، لقد قبل بهذا المنصب فعليه أن يتحمل هذه المسؤولية أمام ألله أولاً وأمام شعبه ووطنه ثانياً، وإني متأكد إن إتخذ هذا القرار سيلاقي إسناداً من كل الشعب العراقي وعلى رأسهم المرجعية المتمثلة بآية الله العظمى السيد علي السيستاني.

– من يرغب الأطلاع على باقي الفقرات يمكنه الرجوع ألى الرابط التالي:

http://mohammedallawi.com/

 (إن الأخ حيدر العبادي في وضع لا يحسد عليه لصعوبة المرحلة والتحديات الكبيرة التي يواجهها، وأعلم أنه متفرغ ذهنياً للجانب العسكري لمواجهة داعش فضلاً عن توجيه جهوده كلها على هذا الملف، ولكن التحديات الإقتصادية لا تقل أثراً ودوراً عن التحديات العسكرية، لذلك نصيحتي له أن يعين أحد نوابه أو أحد وزرائه  ليتولى تنفيذ الخطة الإقتصادية التي ذكرتها أعلاه ويعطيه صلاحية رئيس الوزراء على مستوى تنفيذ هذه الخطة من أجل إنقاذ المواطنين من الوضع المأساوي الذي يعيشونه وإنقاذ البلد من ألإنهيار الكامل)

أحدث المقالات

أحدث المقالات