لا زلت في رحلة البحث عن استبدال الجواز العراقي ووصلت المحطة النهائية،وهي محاولة استلام الجواز من مكتب الجوازات العامة قرب ساحة الأندلس،ولان حظي لا زال عاثرا فلم اجلب بطاقة الأحوال المدنية لاعتقادي ان كارت الاستلام والبصمة هي الفيصل في الحصول على الجواز ،ولأننا في العراق فأمر تعليل النفس ،والأمنيات الوردية غير وارد ،ولا يمكن حدوثها ،طالما ان زمن المعجزات قد انتهى.
لم اقتنع بفكرة جلب هوية الأحوال المدنية،ولا زلت غير مقتنع،لأني اعتقد ان هذا الإجراء غير صحيح،ومع قناعاتي السيئة،حاولت ان اطرق باب مدير الجوازات ليس من اجل قضيتي بل من اجل الكفر بهذه الإجراءات ومن اجل الطلب بتقليل الحلقات الروتينية التي يواجهها المواطن العراقي في أجواء لا شبيه لها في كل أصقاع العالم واعتماد طريق واحد كان يتم تبليغ المواطن بأهمية جلب البطاقة في مراجعته لاستلام الجواز وعدم منحه كارت الاستلام او اخذ بصمته طالما ان تلك الإجراءات غير مجدية في نظر مديرية الجوازات.
المهم وانا في طريق الخلاص من مشكلة البطاقة التقيت بضابط برتبة مقدم” صبيح الوجه بشوش” في استعلامات مديرية الجوازات واعتقد انه في مكتب المدير العام وسألته عن إمكانية مساعدتي كوني صحفي وكون مديرية الجوازات قد أخذت بصمتي ولدي كارت استلام ولدي مهام وأعمال ولان الجو جهنمي فقابلني بضحكة لطيفة وعبارة رشيقة مفادها ان مساعدته لي تتمثل بجلب بطاقة الأحوال المدنية فقلت له ولما البصمة ولما كارت الاستلام فقال نحن لسنا في بولندا ..طبعا انا اعرف إننا في بغداد الملتهبة بكل شيء وليس في وارسو لكن الذي لم اعرفه هو ان جميع العراقيين” حرامية ومزورين”في نظر هذا المقدم البشوش.
كان كلام المقدم مفجعا ومؤلما في نفس الوقت لأنه يتعامل مع الجميع وفق نظرية الحواسم والمزورين” حينها طويت كشحا عن مقابلة مدير الجوازات وسؤاله عن علة هذه الإجراءات التعسفية التي يتلقاها المواطن خلال مراجعته للجوازات او الاستفسار منه عن حقيقة كوننا مزورين لأني خفت ان يتم إلقاء القبض علي بتهمة التفكير بالتزوير طالما اني لم اجلب بطاقة الأحوال المدنية وطالما إنني من مدينة الصدر وطالما ان بيتي قريب من سوق مريدي طيب الذكر.
كننا نتمنى من مؤسسات الدولة وفي أكثر من مناشدة ان تخفف من حلقات الروتين وتقلل من معانات المواطنين وتتعامل معهم كبشر وليس كعراقيين”على اقل تقدير” لهم حق المواطنة وحق الحصول على استحقاقاتهم في الحياة دون إذلال ودون امتهان ودون رشى او مزاجيات منحرفة “لان حق العراقيين اكبر من ان تستوعبه عقول من يتصدون للعمل ألان ولان العراقيين حتى هذه اللحظة لا زالوا لم يعرفوا قيمتهم او يعرفوا حقوقهم”إلا ان زمن الخروج من حلقة الفوضى والعمل الفردي والفشل الإداري والفني لا زالت قائمة.
ان ما يمكن استنتاجه من كلام المقدم البشوش هو ان الشعب العراقي شعب غير جدير بالثقة ولهذا فهمن حقه وغيره ان يستخدموا كل الإجراءات التي تحميهم من المسائلة والعقاب لكنه اغفل ان هذه الإجراءات إنما تعبر عن عجز وفشل كامل في عمل منظومة وزارة الداخلية ومديرية الجوازات وعجزهما في إيجاد آليات حديثة ومتطورة تقلل حلقات الروتين وتمنع الابتذال والإذلال.
لا زلت أتمنى ان يعي العراقي لحقه الطبيعي في الحصول على استحقاقاته في كل المجالات دون منة او استعلاء من احد ودون تعب او مراوغات ولا زلت أتمنى ان يعرف المتصدي للعمل في اي مكان بدءا من رئيس مجلس الوزراء كونه التنفيذي الأول حتى اقل موظف ان شرفهم ودينهم وأخلاقهم تتكور كلها في خدمة أبناء الشعب العراقي.متى لا اعرف.
نسخة منه إلى مدير الجوازات مع الألم.