إثارة أزمة الكهرباء في العراق بهذه الطريقة من التأجيج والتحريض وزوابع الغضب الشعبي التي رافقتها، بالرغم من ان الازمة موجودة فعلا، لكن العبء الاكبر لايقع على عاتق الوزير بالكامل بل على الطاقم الذي يعمل معه، وليس هدفنا في هذا الاستعراض اعفاء الوزير قاسم الفهداوي من مسؤوليته فهو يتحمل القسط الاكبر من التقصير..لكن وراء حملة التأجيج اغراضا أخرى أكثر خطورة، نذكرها على الشكل التالي:
_ لقد وجد المالكي واعضاء ونواب في دولة القانون فرصتهم في اتخاذ الازمة لتحويل الانظار عن الحملة الكبيرة التي استهدفت المالكي وسعت الى تقديمه الى المحاكم، ومنها اطراف داخل التحالف الوطني طالبت بمحاكمة المالكي على جرائم سبايكر وسقوط نينوى وتسليم الانبار لداعش قبل سقوطها النهائي وحملات الفساد الضخمة ونهبه لمليارات العراق وموازناته السابقة واستحواذه على مقدرات الثروة العراقية والهيمنة عليها ، اذ خففت حملة التأجيج للشارع الشيعي ضد وزارة الكهرباء من الحملة المضادة للمالكي وحرفتها عن مسارها، وحولت الانظار بعيدا عنها، بعد ان أسهم قادة مؤثرون من اعضاء ونواب دولة القانون في تحريض قطاعات شعبية على التظاهر ضد وزير الكهرباء، مستغلين السخط الشعبي وغياب الكهرباء الفعلي لساعات طويلة في بغداد والمحافظات، وقيام جهات سياسية داخل التحالف الوطني وخارجه بعرقلة سعي الكهرباء لتحسين انتاجها او توفير قدر معقول من ساعات الكهرباء، بطرق شتى ابسطها عدم تزويد وزارة النفط لها بالوقود لادامة عمل محطات التوليد، وعدم جلب محطات حديثة وكثرة الشركات الوهمية التي تتعامل مع قطاع الكهرباء ، كما ان اغلب المديرين المسؤولين عن التوزيع هم من اطراف تابعة للتحالف الوطني تريد افشال عمل الوزارة بأية طريقة وارباك خطط
عملها، إضافة الى ممارسة عمليات نهب لمبالغ بعشرات الملايين من خلال وجودهم في المناصب المهمة وحتى الثانوية داخل وزارة الكهرباء.
* سعت جهات داخل التحالف الوطني لإظهار قدرة ايران فقط على انها الوحيدة القادرة على حل مشكلة الكهرباء في العراق ، بما تمتلكه من بعض الفائض لديها، لكي تبقى رقبة العراق مرهونة بيد ايران ولكي يسلم العراقيون بان بمقدور ايران خنقهم في اي ظرف ويبقون تحت رحمتها، وكانت تجارب السنوات الخمس الماضية مع الخط الايراني الناقل للكهرباء من أسوا ماشهده العراق من ازمات كانت ايران اللاعب الاكبر في هذه الازمة، لكي ترهن ارادة العراق لها، في موضوع حساس له صلة بمعاناة العراقيين اليومية ومن شانها ان تضعنا لعبة بين ايديها، لكي تشعل الازمة كلما وجدت ان ذلك في مصلحتها، خدمة لاغراض ايقاف عجلة التطور في العراق، وحرمنه من استغلال ثرواته او الاستفادة منها بشكل امثل لسد احتياجاته، كما ان شخصيات داخل التحالف الوطني تدفع لها ايران مبالغ ضخمة لمساعدتها على تصدير كهربائها الي العراق، ولكي لايكون بمقدور العراق توفير كهرباء وطنية خاصة به لخدمة شعبه.
_ كانت قناة الشرقية اكثر القنوات التي حرضت الشارع ضد وزارة الكهرباء وكانت اكثر القنوات من شنت حملات شعواء ضد وزارة الكهرباء لانها كما يبدو قد حرمت من فرصة الحصول على الاعلانات عن وزارة الكهرباء ووجدت في هذا الموقف ما يستحق اثارة غضب الشارع العراقي ضد الوزير شخصيا، فالاستهداف ( شخصي ) بدرجة كبيرة، وحتى الوزير ذكر قبل اندلاع الازمة او في بداياتها ان قناة فضائية تساومه على مبالغ اذا لم يدفع لها فستقيم الدنيا ضده ولا تقعدها، وكانت قناة الشرقية احد اكثر القنوات اثارة للجمهور والاسهام في حملة التأجيج ضد الوزير.
_ ان وزير الكهرباء لم يعرف كيف يدافع عن نفسه لدى تضييفه في البرلمان وكانت اجاباته سببا في استغلال السخط الشعبي لاظهار حالة من الغضب ضد وزاراته وضده شخصيا ولو عرف كيف يرد وفضح
كارتلات الفساد داخل وزارته امام اعضاء لجنة الطاقة وفضح الجهات التي تعمل في الخفاء على افشال مهمته بالطريقة التي يتعرض لها لما تحمل اوزار كل تلك الحملات لوحده، ولكان الحمل الاكبر يقع على ذلك الاخطبوط الرهيب من شبكة الفساد المتعشعشة داخل الوزارة وفي خارجها وفي دول مجاورة ، هي من حرمت وزارة الكهرباء من فرصة تطوير امكانتها نحو الافضل وتوفير قدر معقول من ساعات الكهرباء.
_ كما ان الحملة قد استغلت من اطراف مؤثرة في التحالف الوطني لتسقيط شخصيات ووزراء اتحاد وتحالف القوى واظهار عدم قدرتهم على انجاح الخطط والبرامج لوزاراتهم، بينما وزارات هامة يحكمها اطراف التحالف الوطني والفساد يتجاوز فساد الكهرباء بمليارات كثيرة كالنفط والصناعة على سبيل المثال ، لكن لايظهرونها الى العلن، ويسعون للحط من وزراء المكون العربي( السني) باعتبارهم هم من الفاشلين والمفسدين ووزرائهم اكثر منهم كفاءة واقل فسادا، بالرغم من ان العكس هو الصحيح، اذ لم تثبت اية عملية فساد شخصي على وزير الكهرباء نفسه بل على الحاشية القريبة منه وتلك التي لها سلطة القرار داخل وزارته كالمدراء العامين في الوزارة ووكلاء الوزارة.
هذه بعض الملاحظات المهمة التي يمكن تسجيلها ، لمعرفة وتشخيص ابعاد تلك الازمة، ومعرفة الجهات التي تقف وراءها ومراميها الخبيثة، وقد نجحت تلك الجهات في اثارة الشارع العراقي ضد وزير الكهرباء، وطالبته بالاستقالة لانها لم يعرف كيف يدافع عن نفسه بوجه الاخطبوط الرهيب الذي يتعرض له، وخشي ربما على حياته من الموت المحقق، وفضل خيار الاستقالة كأحد الخيارات المطروحة والاكثر ترجيحا.