26 نوفمبر، 2024 3:49 م
Search
Close this search box.

الأنبار .. ما بعد ( داعش ) .!

الأنبار .. ما بعد ( داعش ) .!

يكاد الداخل الى مدن السلام والعز والشرف والكرم والشجاعة ( الانبار ) يشعر بالرعب التام ويكون دخوله أشبه بالدخول الى مدن تحاصرها جيوش الغزاة ومساعديهم من كل الجهات , مدن الجوامع والمساجد الدينية تحول رخام جوامعها ومساجدها الى اناشيد حزينة وشوارعها تستصرخ ضميراً وقلوباً توشحت بها ارصفتها المتكسرة , انظر , ها هم أهلها تعاد اليهم المعارك من جديد ، بعد ان وضعت الحرب اوزارها في هذه المحافظة الباسلة المجاهدة للاعوام ما بين ( 2005 –  2008 ) , أعود من جديد الى مدن الجمال  
( الانبار الحبيبة ) وأعلن في هذه اللحظات وقريبا من أفق يحمل الينا فرات العراق وشمس أمنياتنا بعيدا عن حزن مدفون مقتبس من ( صحراء الانبارالخالدة ) وأنين السدود ومنارات الدعاء المخضب بصلواتنا ، دعاء متبسما بعشق الانبار وأهل العراق .. أعذروني فانا مغرم بالذين وهبوا قلوبهم حبا وزرعوا انفسهم حصادا للطيبين من اجل محافظتي وهذا البلد العزيز الغالي , أيها الوطن الكبير الجميل العزيز اقترب مني فأنا محتاج اليك جداً في ( الآن ) , دثرني يا نخل العراق أحملني الى ضفاف دجلة الخالد ثم الى الفرات الى البصرة والى بغداد , اوصل بي كركوك الغالية في وارجع بي الى النجف الاشرف وديالي والعمارة والرمادي ودهوك والناصريه واربيل والحلة هل أبدو بعيداً عنها … أم قريبا من ساحل فارغ يقع على شاطئ الفرت العجيب ونورالشمس تغطي مدن السلام
( الانبار الحبيبة ) يوما آخر اسمه يسبح به الناس لله العلي القدير يبدأ بعبير وتلاوات المسبحين نحو جهة الغروب , فإذا بجموع الناس ترفع الاذرع الى الباري عز وجل وتنقل رائحة السلام والامان الى ابناء ( مدن الانبار ) حيث بدأت مئات المآذن تدعو الناس الى صلاة المغرب , سرت في شارع طويل بعد الصلاة يكاد يفرغ تماماً من الناس بينما كانت الاعداد من السيارات المسرعة تذهب الى حيث لا ادري , وفي اللحظة نفسها لا ادري لماذا تذكرت ذلك السؤال : لو احصينا عدد المآذن والمساجد والجوامع في ( الانبار ) لفاتنا الكثير لكنها تبزغ شامخة من بعيد يرفرف الطير فوق احواض جميع المعابد الدينية ولجميع أبناء هذه المحافظة ,
 و( أهل الانبار ) يتمسكون بالتقاليد العربية والاسلامية والديانات الاخرى التي ورثوها من آبائهم واجدادهم لكنهم يتآلفون مع الغرباء حتى ينصهر الغرباء بينهم … لكن مع الاسف لا ادري ما حل بهذه المدن التي لها حضارة انتثرت شواخصها في كل بقاع العالم , تحكي قصة شعب عريق مبدع متسلح بالعلم , كان ولا يزال يثير في النفس اعتزازا ومباهاة واعتلاء لناصية الفخر عبر ما تحقق لها ضمن مسيرتها الطويلة الحافلة بالعطاء حتى وصفها احد المؤرخين بأنها قطعة من التاريخ والحضارة والانسانية , وها هي مدن الانبار التي خطفها ( الأعداء ) من الفاسدين والطامعين الذين يعتقدون أن تلك المدن مزارع مهجورة لا أصحاب لها ولا أهل يحرسونها ويحمونها من قوات الاحتلال والعفاريت الجديدة التي خرجت للتو من القمقم لهذه الأرض رافعين شعارا لابناء هذه المحافظة يجب ان تغادروها ولكنهم نسوا ان في ( الأنبار ) الجريحة (عباقرة كثر ) و ( شجعان كثر) و ( حكماء ) كثر لكن الوقت غير متاح للمبارزات بين أولئك ( العباقرة –  الشجعان –  الحكماء ) بل هو وقت ايجاد المخارج للناس قبل ان تحترق تلك المدن , والسؤال هنا يطرح نفسه أمام حكومة بغداد وأعضاء مجلس النواب كافة : ماذا فعلتم لهذه المحافظة التي ظلت شوارعها مقفرة , ابنية تهاوت وتهدمت , ازقة لونتها الشعارات الطائفية , ومآذن ومعابد اتعبها الرصاص ، يكاد الداخل الى مدن السلام ( الانبار اليوم ) يشعر بالرعب التام ويكون دخوله اشبه بالدخول الى مدن تحاصرها جيوش الغزاة ومساعديهم من كل الجهات , والخروج من المدينة يتطلب سيراً على الاقدام والدخول اليها يدخلك في دوامات التفتيش والاسلحة والاستفزاز قبل ان تتعرض سيارتك الى فحص دقيق وسلب محتويات جيوبك او اعتقالك , هذا هو حال مدن السلام اليوم عادت اليها الاغتيالات وتفجير السيارات والقصف وسقوط الهاونات  والربامل المتفجرة وراح ضحية هذه الاعمال شهداء كثرمن عامة الناس الامنة في بيوتهم , يا ابناء العالم كافة … تلك المدن كانت غافية على حلم الفرات الخالد , لكن حالها تحول الى كابوس اطبقت من خلاله ( جمع الأعداء )   على جميع مفاصلها الحيوية وشرايينها التي تؤدي الى عدم استمرار الحياة فيها , فهي تعيش في حصار جديد لم تألفه كتب المصطلحات السياسية والعسكرية وهذا حال لسان ابنائها الطيبين : على من تقع مسؤولية هذا التدمير المبرمج وفقدان الحياة المدنية العامة وتهجير 80% من أهلها المساكين .. في مدن كانت عقدة المواصلات المهمة في الشرق الاوسط وتسمى ومازالت ( مدن السيف المجرب ) أهلها يتهمون القوات
( الاميركية –  الايرانية ) بأصطناع هذا الوضع للحيلولة دون استمرار الحياة فيها , وقوات
( الاعداء ) اغلقت ابوابها امام الجميع وتبقى الاسئلة بلا اجوبة واضحة برغم الحملات الامنية الاستعراضية , فمن المسؤول يا ترى ولماذا … وها هي ( الانبار ) اليوم رجع فيها الأشرارالتى بعثرت كل جهد يؤدي الى الاصلاح في هذا المحافظة , وان من أغتال مدن الشرف في
( الانبار) سيدفع الحساب قريبا …
ان شاء الله

أحدث المقالات