اثمر التوسع الذي تقوم به الاحزاب الدينية الحاكمة وغير الحاكمة في العراق على مستوى الاشخاص والناس بأنها استطاعت ان تمتص غضبهم بشكل مستمر، واستطاعت بشكل كبير ان تحقق مكاسب مالية كبيرة في ظل سكوت الاغلبية من الشعب.
انتجت تلك الاحزاب خطابا دينيا مشوها، استطاعت تصديره للناس بالشكل الذي يضمن حصولهم على المال والسلطة، مستغلة حجم الفوضى، دون ان تكون هنالك معارضة شعبية عارمة، اما الاصوات القليلة التي تصرخ وتنتقدهم، فهي لاشيء امام القواعد الشعبية التي تملكها تلك الاحزاب.
ما الذي يمكنه ان يقف حائلا امام طموح سياسي كبير لحزب معين حينما يقوم بترشيح شخصية غير كفوءة او فاسدة لمنصب ما، هل تعترض القاعدة الشعبية، التي تجد في رئيس الحزب، القائد والملهم وان حديثه هو عين الصواب ولا شيء اكثر نبوغا منه في بلادهم.
لو رجعنا قليلا منذ انطلاق مجلس الحكم بعد سقوط نظام صدام، مع كل الاحداث الامنية التي اربكت البلد، اضافة لظهور تنظيمات متطرفة كبيرة، تهدف لاقامة حكم الله في الارض وفق سياقاتها هي وليس غيرها، اغلب تلك الحوادث التي حصلت والمجازر تمر على السياسيين في العراق مرور الكرام، وتمر على المواطنين ايضا مرور الكرام، لكن ما الغريب بالامر؟
لماذا تحصل كل تلك الاحداث دون ان نجد صرخة جماعية كبيرة، ومع ارتفاع منسوب الفساد، وتهريب اموال طائلة خارج البلد مع هروب الاشخاص، الذين كانوا قيادات في احزاب اسلامية، دون ان يحاسبهم احد، فيما بات القضاء عنهم بعيد، يبدو الناس مخدرة تماما، الا بعض الاصوات التي خفتت ايضا، ربما لحقتها قصة التخدير ايضا.
في الهند، خرجت تظاهرات عارمة وكبيرة ضد اغتصاب النساء، في اليابان يستقيل المسؤول لأنه اخفق بعمل ما، في دول عربية قريبة للعراق، لم تسكت عن حقوقها بسبب حوادث تحصل، تثير الرأي العام، في تونس حينما ضرب الارهاب خاصرة السياحة فيها، اجراءات حكومية ضد المتطرفين ورفض شعبي لهم ووقفات احتجاجية مستمرة، لكن لماذا كل من يخرج في تظاهرة في العراق، تكون مدعومة بحزب، وحينما تخرج اخرى مستقلة يكون اعداداها قليل جدا، اين الخلل؟
دأبت تلك الاحزاب على تخدير الناس، وعلى حماية الفاسد، رغم حجم فساده، لكن كل ذلك جاء بخطط ناجحة بأنه كيف يمكن ان تكون فاسد، من خلال استثمار كثير من الطاقات لأن تكون مشاريع فساد مستمرة.
ولكي تكون فاسدا جدا، عليك ان تتخذ بعض الخطوات والاجراءات المهمة، عليك ان تنضم الى حزب ديني، ان تظهر لهم بالولاء المطلق، ان ترفض باقي الاحزاب الدينية الاخرى، لأنها فاسدة، وان تتحدث بشكل انسيابي ومستمر عنهم في كل مكان تتواجد فيه، وان ترتدي ما يقتنع به الحزب، حتى لو اضطررت ان تضع لحية طويلة او قصيرة مع عدم وضع ربطة العنق لأن الاحزاب بعضها لاتحبها.
اما في بيتك فحاول ان تضع صورة او اكثر من صورة لزعيم الحزب او للشخص الذي يمثل قيم وشعار الحزب وقاعدته الشعبية، وحينما تصبح مسؤول فحاول ان تخصص من راتبك الشهري مبلغ كبير للحزب، وتستطيع ان تحصل على العمولات من قبل الشركات الاستثمارية.
وفي كل مناسبة، يجب ان تدافع وتقاتل عن قيم ومبادئ الحزب قتال الابطال، هذه الخطوات والاجراءات التي تقوم بها لأجل الحزب ستضمن لك حماية وحصانة من القانون، واذا كثرت المشاكل عليك، سيتم ترحيلك خارج العراق مع اموالك الطائلة كي تعيش في حياة امنة انت وعائلتك.
هذه اهم الخطوات لكي تكون فاسدا حقيقيا وجديرا بالاحترام وسط الكم الهائل من الفاسدين، واخيرا يسعى رئيس الحزب من خلال خطبة او كلمة يلقيها على مواطنيه واتباعه لغرض الدفاع والولاء اكثر لحزبهم الذي يدافع عن البلد من خلال محاربة الفساد.
