اربع دقائق هي مدة الشريط المصور الذي بثه تنظيم داعش قبل ايام، والذي استعرض من خلاله هجومه على سجن الخالص الذي شنه قبل نحو اكثر من شهرين واسفر عن فرار العديد من عناصره المحتجزين في هذا السجن الذي يقع ضمن حدود مدينة ديالى.
وهنا تستوقفنا العديد من الملاحظات، اولها ان تركيز داعش يبدو منصباً على مدينة ديالى تحديداً، وهي التي شهدت اول ايام عيد الفطر اشرس هجوم طال الابرياء فيها، وذهب ضحية حقدهم الاعمى للحياة اكثر من 250 بين شهيد وجريح، والتي تتزامن مع الجهود الحثيثة في تسهيل عودة النازحين اليها وهو امر يواجه صعوبات كثيرة على الارض بسبب السياسة المتبعة من قبل الحكومة واطرافاً حزبية طائفية استطاعت ان تفرض غطرستها على هذه البقعة، وهنا قد يقفز تساؤل اخر، هل ما يجري مدبر لخلق حالة من العداء بين اهل هذه المدينة.
فكل المعلومات المتواترة تؤكد وجود استهداف للنازحين، وبحسب لجنة المهجرين النيابية فان العديد من العوائل الذين عادوا الى مناطقهم تمارس عليهم ضغوط من قبل الحكومة وبعض المليشيات التي تسيطر هناك، مما دفع البعض الى النزوح مرة ثانية تجنباً للمداهمات الامنية وعمليات التفتيش التي تطالهم بعد عودتهم التي يفترض انها جاءت باتفاق سياسي!!
اذن فتوقيت بث هذا الشريط غريب، وهو يحاول ان يبرز لغة تحدي هذا التنظيم لرغبة اهالي هذه المدينة الوادعة بالعيش بسلام متاخين، وعله يرتبط كما ذكرت باستهداف هذه المدينة والتركيز عليها بسبب اطماع لا يمكن نكرانها لاطراف معروفين سواء في الحكومة او خارجها الذين يفرضون القوة بطائفيتهم المقيتة ولتبعيتهم لبعض الدول الطامعة بالبلاد.
الامر الاخر الملفت وعله قد يكون الاهم، التهديد الصريح لرئيس البرلمان وهذا ما يؤكد لدينا الانطباع ان الموضوع يقصد به المدينة واهلها الذين يرغبون العيش ضمن اطار الوطن الواحد رافضين الاساليب التي يراد منها تجزئة النسيج الذي جبل عليه المجتمع العراقي ككل ومنه مدينة البرتقال.
ولعل كثيرين يستغربون، وانا منهم، هذا النهج المعادي لهذا الرجل الذي يعرف عنه الاعتدال في منهجه، فقد كسر الحدود بين الطوائف واراد التوصل الى صيغة تضمن عيش الجميع ضمن منظومة الدولة الواحدة، وهو امر قد يكون في غاية الصعوبة وسيكلفه الكثير وسيخلق له الاعداء سواء من ابناء جلدته او اولئك الذين لا يرغبون للعراق ان يعيش بسلام.
ان داعش والاطراف الذي ترفض الحياة او التوصل الى ابسط مقومات العيش السليم سيستمرون في استهداف الرموز الوطنية، (السنية على وجه الخصوص)، وغيرها ممن تولي للبلد الاولية، وسيحاولون ممارسة سياسة لي الاذرع، وهذا امر لا نتمنى حصوله في الوقت الراهن.