26 نوفمبر، 2024 3:27 م
Search
Close this search box.

العراق ، قلقٌ لاينطفىء…!

العراق ، قلقٌ لاينطفىء…!

 عندما يكون العراق موقد جمر فتنة وصراع ومفخخات وكواتم ، فهذا يعني أن النبوءات المنسوبة الى الألواح التي دونها كهنة بابليون  قد صُح وقيعتها ، وأن الخوف على احتراق البساتين وهجرة الناس وشيوع ثقافة التلاسن والبدء بشحذ همم الاقتتال قد قرُبت ملامحها ( لا سامح الله ) ولكن من يتابع ما يجري وما يجاهر فيه ويتنابز به شركاء العملية السياسية وما تفعله السيارات المفخخة والدمى البشرية المنتحرة بإحساس بقتامةِ اللون والمستقبل ، وهذا الاحساس طبيعي في ظل هكذا مستوى من الصراع بين الاخوة المتآلفين في يافطة المكان والمؤسسة ( البرلمان ، مجلس الوزراء ، الرئاسة ) ، ولكن عندما يظهرون على شاشات التلفاز تراهم كما في طروادة ، جيش يحارب جيشا ، وخيول ترتطم بخيول والكل مدجج بطائفته وكتلته ومصالحه ووطنينته ، والمتفرج في هكذا دراما مضحكة ( المواطن البسيط ) الخاسر الأول ، كونه ليس حيويا وهو الاقرب لينال أذى المفخخة والارهابي ( الأرعن ) فصارت شكواه وبلواه ونحيبه المسلسل الذي تتغذى منه وسائل الاعلام وتسمن ، فيما تحصنْ ( الساسة ) في المنطقة الخضراء والبعض في ضياعهم وعشائرهم وظل المواطن ( العراقي ) مكشوفا لمديات الرمي فلا يسلم المقهى ولا البيت ولا طابور العمالة ولا نقطة التفتيش ، وعندما نضع الجندي والشرطي المسكين مع عامة الناس يكون مصيره مع اهله وذويه حيث يتحملون غدر الكواتم وتفجير منازلهم .

أن رؤية العراق في هكذا مشهد حزين ومفجر ودامع ويلتهب حرا وفوضى في ظل انقطاع الكهرباء وغياب الخدمات بسبب عدم اكتمال المؤسسات التنفيذية الحاكمة في المحافظات مدفوعة ( بالزغل ــ أي المراوغة ) وعدم الرضى لدى البعض في توزيع غنائم المناصب يقودنا الى رؤية ( عبوسة ) لما سيجري ، وربما نُقاد الى وضع طائفي يُصفق له كل كاره لهذه البلاد وغرابيئتها في خلطتها الحضارية والتاريخية وقدسيتها ، وربما سنلتحق بالمشهد السوري وقد التحقنا فعلا مع ضياع ثلاث محافظات فنضيع ثانية في حدائق المنفى نندب حظنا كما عبد الله الصغير عندما ندب ملكا مضاعا.

لهذا سأكون كما في رؤى نيتشه ( المتشائم ) وأشعل نار زرادشت بقلبي ، فقط لأحرق فيها كل النبوءات الغير متفائلة التي تريد ان تذهب بالبلاد الى خراب ( البصرة وقيامة الحسرة ) وانا ادرك تماما ان الرؤية في مجد البلاد واعادتها الى حمائم سلامها وبساتين جنانها يقوم على العقل . ولكن صديق لي ابتسم وقال :من لديهم سلطة العقل ازدوجت جنسياتهم  واشتروا في البلاد الامنة عقاراتهم ، وامنوا جوازات حمرا لعوائلهم لهذا فعقولهم قائمة الآن على أثارة الناس بوهم الخوف من أن تُبيدَ طائفة الطائفة اخرى ، وهذا لا يحصل ، فليس هناك مظلومية بين شعب ابتدأ حياته مجتمعا منذ ايام سومر وبابل ونينوى. ولكن هناك من يتعمد ليصنع المظلومية ، وعلى الاخر ( العراقي ) ان يؤمن بأراده التاريخ في صناعة الحاكم ، كان الأمس ( سنياً ) فما ضير ان يكون اليوم ( الشيعي ) او المسيحي ، او الصابئي او اليزيدي ولكن بالمشاركة العادلة.

انها حركة التاريخ ، ومتغيراتها لا يمكن تغيرها برضى المفخخات والتكفير والتعصب والتحريض وجعل المنابر بدء الشرارة لنار قلوبنا التي يبدو اننا سنقول لها :

لا تنطفئي ، ابقي مشتعلة ، ليس لتحرقي الأخضر واليابس ، بل لتبقي نار العشق في بلاد علمتنا الغرام وصرنا في طرقاتها نضيء مشاعل الحرية حتى لا تضيع من خطواتنا الطرق .البلاد التي توحدها القبلة والقصيدة ودموع الفقراء .

أحدث المقالات