ببساطة، وبدون ضجة، انتهت حياة المصور الصحفي الشاب جلاء العبادي مثلما أنهى داعش من قبل حياة زملائه الصحفيين بإطلاقات ساخنة خلف رؤوسهم التي كانت تعج بأحلام كثيرة، وذكريات حزينة ومتعبة للصحافة وهي مهنة الموت التي كانوا يعملون فيها حاملين أرواحهم الغضة على كف عفريت.
يذكر أحد أقارب المصور الصحفي جلاء العبادي أن عناصر من داعش وبعد مضي 42 يوماً على اعتقال المصور أبلغوا أفراد عائلته باعدامه وطالبوهم بإستلام جثته من دائرة الطب العدلي في الموصل، كما أبلغوهم بعدم اقامة مجلس عزاء للعبادي كونه (كافر ومرتد لأنه عمل مع قناة الموصلية وهي من القنوات المعادية والمرتدة) بحسب ما أبلغهم داعش.
جلاء العبادي (أو جلال العبادي كما تذكره بعض المصادر الصحفية، لكن اسم جلاء يليق به أكثر لأن الموصل لا ينقصها سوى جلاء داعش عنها فتعود الى حضنها العراقي)، وجلاء أب لطفلين، وهو من مواليد الموصل 1989 ، وقد عمل في عدد من الفضائيات كمصور تلفزيوني حيث بدأ العمل الصحفي عام 2006 وهو بعمر 16 عاماً، وكان في حينها أصغر مصور صحفي في الموصل، وكانت بداياته مع قناة الموصلية الفضائية ثم عمل بعدها مصوراً لوكالة عين الأخبارية، ثم عاد الى قناة الموصلية مرة أخرى لحين سقوط مدينة الموصل في العاشر من حزيران 2014 وفي العشرين من حزيران من نفس العام اعتقل أثناء قيامه بتصوير شوارع مدينة الموصل، ثم أخلي سبيله بعد يومين، مما اضطر العبادي بعدها الى ترك العمل الصحفي، وعمل سائق تكسي داخل مدينة الموصل.
لكن تنظيم داعش عاد في الرابع من حزيران 2015 ليعتقل العبادي مرة أخرى من منزله في حي السكر ومعه ابن شقيقه. وقام بمصادرة أجهزة الموبايل والحاسبة وعدد من مقتنياته، كما صادر التنظيم أغراض منزله، وأفرغه من محتوياته، وأبلغوا ذويه بأنه مرتد لأنه كان يعمل مع الأجهزة الأمنية قبل سقوط مدينة الموصل.
ويذكر أقارب العبادي أن القوة التي قامت باعتقاله كان برفقتها شخص ملثم أشار الى الصحفي جلاء أثناء اعتقاله، وأبلغ القوة المسلحة أيضاً أنه كان يعمل مع قائد الفرقة الثانية اللواء الركن ناصر الغنام الذي كان يشغل ذلك المنصب قبل سقوط مدينة الموصل في العاشر من حزيران 2014، ومنذ ذلك اليوم الذي يسميه بعض العراقيين بنكسة حزيران الثانية بدأت عصابات داعش وبالتعاون مع الملثمين من أهل الموصل بملاحقة الصحفيين والإعلاميين وإعتقالهم وقتلهم بذريعتي الردة أو الكفر، وهما التهمتان الجاهزتان للتخلص ممن تعتبرهم داعش مناوئين لأعمالها الإجرامية في المدن المحتلة.