كتب – سعد عبد العزيز :
نشر موقع “آراب سينسور” الإسرائيلي مؤخراً مقالاً تحليلياً للكاتب “يفجاني كلاوبر” تناول فيه التحديات التي تواجه المملكة العربية السعودية, لا سيما التهديدات الإيرانية والحرب اليمنية. كما تطرق إلى أسباب تفاؤل المملكة السعودية بسياسة الرئيس “دونالد ترامب” وإمكانية عودة الدور الأميركي الداعم للسعودية.
يقول الكاتب الإسرائيلي: “مع انتصاف شهر آذار/مارس الجاري توجه وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان لزيارة البيت الأبيض بهدف تنسيق المواقف مع الادارة الاميركية. وأمضى هناك عدة أيام في محادثات ماراثونية حول آفاق التعاون بين البلدين. وإلى أي حد يمكن لتصريحات دونالد ترامب ضد إيران أن تتحول إلى نوايا بل وإلى أفعال. فهذا هو المهم بالنسبة للرياض”.
ويري كلاوير أن نتائج المحادثات التي أجراها “محمد بن سلمان” في واشنطن مهمة بالنسبة لتل أبيب, لذا سافر “بنيامين نتنياهو” لتشجيع موقف ترامب المناهض لإيران. “والآن سيتضح بشكل أفضل إلى أي مدى يتبلور تحالف سعودي أميركي، والذي سيشمل أيضاً إسرائيل لوقف المد الشيعي الإيراني”.
تحالف أميركي سعودي إسرائيلي
يشير الكاتب الإسرائيلي إلى أن التصريحات الرنانة التي كان ترامب قد أطلقها خلال الأسابيع الأولى لتوليه منصبه, حول إقامة “حلف ناتو” خاص بالشرق الأوسط, لم تعد مطروحة للنقاش. وبدلاً من ذلك هناك تحالف أضيق سيتكون من مثلث (أميركي – سعودي – إسرائيلي) له مهمة محددة, ألا وهي التصدي للتهديد الإيراني. ترامب من ناحيته يبحث مدى قدرة السعودية لأن تصبح قوة مضادة لتنامي القوة الإيرانية. حيث اعتادت السعودية دوماً على أن تلعب دور السند للسياسة الأميركية في المنطقة, لكن قدرتها على لعب هذا الدور ترتبط إلى حد كبير باستقرار العائلة المالكة وضرورة تبادل السلطة بين الأجيال بصورة سلسة.
الرياض وطهران.. خلافات وصراع مكبوت
فيما يلفت كلاوير إلى أن نظام الحكم السعودي يدرك أن إيران تسعى لإسقاطه عبر تصدير الثورة الإسلامية. ليس هذا فحسب بل إن الإيرانيين يريدون قيادة العالم الإسلامي بكامله تحت لواء المذهب الشيعي. أضف إلى ذلك أن السعوديين قلقون من علاقات إيران التآمرية مع الطوائف الشيعية في منطقة الشرق الأوسط، ففي “العراق والبحرين ولبنان وسوريا” نجد أن الأهداف السعودية والإيرانية متضاربة تماماً. حيث يرى المحللون أن السعودية تنظر إلى أن التغييرات التي تشهدها المنطقة تشكل خطورة على مصالحها، بينما تسعى إيران لقلب الأوضاع في المنطقة. ويتعامل السعوديون بجدية ليس فقط تجاه تهديد الإرهاب الشيعي، بل أيضاً تجاه المشروع النووي الإيراني.
يؤكد الكاتب الإسرائيلي على أن هناك تقارير تفيد بأن العربية السعودية قد استعدت جيداً لمواجهة التهديد الإيراني من خلال التعاون مع “باكستان” وهناك قنايل نووية باكستانية بتمويل سعودي جاهزة للإرسال إلى الرياض. وأورد كلاوير تصريحات للرئيس السابق للمخابرات الحربية الإسرائيلية قال فيها: “لو قام الإيرانيون بتصنيع قنبلة نووية فإن السعوديين لن ينتظروا شهراً واحداً وسيتسلحون هم أيضاً بالسلاح النووي.. بل إنهم قدموا بالفعل التمويل اللازم لباكستان نظير القنبلة النووية، وسيحصلون منها على ما يريدون”.
مغازلة ترامب
يتحدث يفجاني كلاوبر عن مدى استياء المملكة السعودية من الأدارة الأميركية السابقة التي تخلت عن حلفائها في المنطقة مثل “مبارك” و”بن علي”, وساندت جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها الرياض عدواً سياسياً يهدد استقرارها. ولقد تنفست السعودية الصعداء بعدما قام الجيش المصري بالإطاحة بالرئيس الإخواني “محمد مرسي”, بعدها مباشرة اتصل الملك الراحل “عبد الله” بالرئيس الانتقالي المصري “عدلي منصور” مهنئاً إياه بأن الجيش المصري “أنقذ الدولة من النفق المظلم”. فيما أكد الكاتب الإسرائيلي على أن دونالد ترامب الذي انتقد كل سياسات أوباما تجاه الشرق الاوسط قد أحيى من جديد آمال الرياض. حيث أعرب وزير الخارجية السعودي “عادل الجبير” عن تفاؤله الشديد إزاء قدرة إدارة ترامب على تحقيق الاستقرار في المنطقة.

يضيف الكاتب الإسرائيلي قائلاً: “لكن القضية الجوهرية التي تشغل بال النُخب السعودية هي من سيخلف الملك الحالي. ويشير المحللون إلى وجود منافسة شديدة لخلافة الملك بين كل من الأمير محمد بن سلمان وولي العهد الأمير محمد بن نايف البالغ من العمر 56 عاماً يتقلد منصب وزير الداخلية. لكن كون الأمير محمد بن سلمان هو الذي زار واشنطن, يعني أن الملك السعودي يريده خليفة له, حتى وإن كانت المنافسة لم تُحسم بعد”.
وبحسب الكاتب, يبدو أن الأمير “محمد بن سلمان” قد قدم خلال محادثاته في واشنطن مقترحاً مُغرياً للرئيس دونالد ترامب يتعلق بسياسته تجاه سوريا والعراق – وهو يحوي إغراء لا يمكن رفضه. لأنه ينص على إرسال قوات خاصة سعودية لمحاربة تنظيم داعش, ولترسيخ الهيمنة العراقية في الموصل. وليس من قبيل الصدفة أن زيارة محمد بن سلمان لم تكن قصيرة بل كانت زيارة مُطولة تضمنت محادثات ماراثونية جادة. حيث ألتقى بوزير الدفاع الأميركي “جيمس ماتيس” وبمدير وكالة المخابرات المركزية “مايك بومبيو”. ورغم أن ولى العهد “محمد بن نايف” كان هو السعودي المحبوب لدى واشنطن إلا أنه بقي في الرياض, وهذا له دلالته الواضحة, فالأمير الشاب محمد بن سلمان هو الذي سافر بدلاً منه وتطرق حتى للقضايا الاستخباراتية.
وفي الختام أكد الكاتب الإسرائيلي على أن أكثر ما يؤلم المملكة السعودية هو فشل التحالف السني الذي تتولى هي قيادته في استرداد شرعية الحكومة اليمنية وتدعيم القوى المحاربة على الأرض. ولو كان الأمير محمد بن سلمان قد تمكن بالفعل من إقناع الرئيس ترامب بتقديم الدعم اللازم للسعودية في اليمن, فلن يكون الملك السعودي في حيرة بشأن من سيخلفه. لذا فمن الواضح أن الزيارة الناجحة التي قام بها محمد بن سلمان كانت مصيرية بالنسبة لمستقبله.