بين حين واخر يطل علينا المركز الفلاني العالمي للدراسات الستراتيجية والمؤسسة الفلانية العالمية للاحصاءات الاجتماعية والبيئية والثقافية اما بدراسة، او باحصائية مقلقة، او باستطلاع مخيف، او بتقدير مسهب حول مختلف الاهتمامات والمشتركات الانسانية التي تجمع شعوب الكرة الارضية والستراتيجيات السياسية والاقتصادية الحالية والمستقبلية والتي هي من اختصاص الدول والحكومات.
وكون العالم صار قرية صغيرة بفضل الطفرات الحضارية والتقدم التكنولوجي المذهل المتسارع وبعيدا عن التشكيك في اهداف وصدقية ومرامي هذه المؤسسات والجهات الداعمة لها فان وجود مثل هذه المراكز والمؤسسسات والمنتديات امر ضروري ولازم، وصدور تلك الدراسات والاحصاءات والاستطلاعات حاجة مفيدة شريطة ان تكون دقيقة ونزيهة ومحايدة فمع ضرورتها وفائدتها ستكون سلاحا ذا حدين.
ففي حال دراسة هذه الاحصاءات والاستطلاعات والوقوف عند المحددات الاساسية التي قامت عليها ونقاط السلب او الايجاب التي تتسبب في حصول الحالة سيتم وضع الحلول المناسبة تارة بمعالجة الجانب السلبي الذي اوجد وتسبب في حصول حالة الفساد او الفقر او الرشا مثلا وتارة باستحداث اساليب جديدة للرقي بالحالة الايجابية والنهوض بها وتطويرها مثل النظافة، والنزاهة، والمواطنة المتميزة وكذلك السعادة والانتعاش الاقتصادي، والاستقرار النفسي. اما في حالة الاستخفاف بها واعتبارها نوعا من الترف فان ما شخصته سيزداد سوءا وستنظر الشعوب للبلد الاكثر فسادا وتعاسة باحتقار والتعامل معه بحذر. قبل شهور خرج علينا احد المراكز العالمية المتخصصة بتقدير عن الفساد المالي والاداري، ارفق مع هذا التقرير قائمة طويلة بأسماء الدول التي شاع وانتشر فيها الفساد المالي والاداري، فكان العراق في خانة العشرة الاوائل في الفساد وعلى ما اظن جاء ثالثا وبتفوق وجدارة بعد ارتيريا والصومال وبغض النظر او ربما وجود مبالغات في الموضوع الا اننا لا نستطيع ان ننكر وجود هذا الفساد!. وقبل شهر اظهرت احدى المؤسسات العالمية المتخصصة دراسة عن الشعوب التي تشعر بالسعادة والاخرى التي تشعر بالتعاسة طبعاً وفق معايير محسوبة بدقة مضافا اليها استطلاع كبير شمل شرائح مختلفة وعينات عشوائية من تلك الشعوب. وفي هذه المرة سجل العراقيون موقعا متميزا في ذيل قائمة التعساء واظن انهم احرزوا المركز ماقبل الاخير!.
الى وقت قريب كنت اشكك بصحة هذه التقارير والدراسات واجادل واناقش واساجل ولكن:
بعدما اظهرته وتظهره الهيئة العامة للنزاهة وما كشفته وتكشفه تباعا من بؤر فساد وافساد مالي وبارقام خيالية،. بعد هذه الفضائح السوداء لم يبق مجال للشك بان العراق وبالتاكيد سيدخل ضمن البلاد الافسد ماليا واداريا وعلاجه بهذه الرخاوة لن ولم يجد نفعاً ولا اصلاحاً.
وبعد مناظر شظف العيش التي نتابعها ونعانيها، وبعد الازمات والمعانات اليومية وليس اخرها انقطاع التيار الكهرابائي عن عاصمة العراق في صيف اب اللهاب والارتفاع المفاجىء للحرارة وفي شهر الصيام لم يبق شك ولا جدال في ان العراقيين هم الاتعس والابأس والانكد.
و”لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم”