اذا اردنا للعراق اليوم ان يسير بخطى ثابتة دون عراقيل حتى نضمن بالتالي النتائج، علينا ان نعد العناصر المؤهلة لذلك، وعلينا ان نحرص كل الحرص على استخدام اصحاب الكفاءة والخبرة، ولكن بالمقابل لا بد ان نحمي هذه الكفاءات وان نهيء لها الجو الصحي ونمهد لها الطريق لتبدع ولتعطي دون توقف، ونأخذ ما نريد منها ونعطيها حقاً كاملاً سواء أكان الحق معنوياً ام مادياً.
التطور والتقدم والنجاح، كلها مفردات مرتبطة بالكفاءة وبأخلاص المخلصين وتفاني المتفانين وابداع المبدعين. ومن خلال ما حققناه في سابق العقود… نستطيع القول- ان عراقنا يزخر بكل مقومات النجاح والتقدم التي تحتاجها اي بلاد ترغب في التقدم والتطور. واهم تلك المقومات هي كفاءة الكوادر التي تعمل في مختلف المجالات… فلا تطور ولا تقدم الا على سواعد تلك الكفاءات، الكفاءات الحقيقية المخلصة من ابناء هذا الوطن العزيز.
ولكن بكل أسف، هذه الكفاءات الحقيقية بعملها الجاد واخلاصها الوطني الكبير، اصبحت محط حسد الحاسدين من قبل مدعو الكفاءة الذين يفهمون الكفاءة من خلال شكليات مرفوضة لا تفيدنا ولا تفيدهم، ومع قناعاتهم التامة انهم لا يملكون العطاء ولا القدرة التي تجعلهم يحلون محل الكفاءة الحقيقية، الا انهم يصرون كل الاصرار على تخطي المستحيل والنيل من الكفاءات الحقيقية في كل كبيرة وصغيرة حتى اصبحنا نرى بأم اعيننا اصحاب الكفاءات وهم يزاحون من اماكنهم الحقيقية ويركنون في الزوايا الخربة بمبرر او دون مبرر تساعدهم في ذلك الظروف القائمة المحيطة بهم، حيث يعرفون كيف يستفيدون منها ويضعون لها المسميات البراقة ويحشدون لها التكتلات والشلل المختلفة التي اصبحت ستاراً لكل ما يتعارض مع مصالحنا الوطنية واهدافنا النبيلة لاكمال مسيرة التقدم بنفس الخطى التي بدأنا بها سابقاً.
لذلك، فعلى كل جهة مسؤولة اليوم ان تحمي الكفاءة الحقيقية التي تعمل ضمن مجالها في ادارة العمل ودفعه الى الامام بكل اقتدار، بعيداً عن ادعياء الكفاءات الذين ما ان يحلوا في اي مكان الا ويفسدوه ويجعلوه يعود الى الخلف بخطوات تثقل كاهل التقدم والتطور الذي تعيشه تلك الجهة.
ومن الضروري ان نتأكد تماماً من مقاييس الكفاءة الحقيقية وضرورة توافرها في كل من يدعيها، والا نخدع بمن يتسير بخدمة الصالح العام لخدمة مصالحه الخاصة، والا نهمل من اعطى وقدم خلاصة جهده وعطائه خلال الظروف الصعبة التي مررنا بها وما زلنا نعيشها… ثم علينا ان نسلم راية ذلك الانجاز الى الذين يقدرونه ويحرصون على الافادة منه خلال سيرهم على طريق المستقبل… واذا اردنا البديل فعلينا ان نحرص كل الحرص على ان يكون البديل ذلك الذي تتوفر فيه كل صفات الكفاءة الحقيقية.
المقصود مما تقدم، اننا بدأنا نرى وجوهاً جديدة تخدم افكاراً جديدة ومصالح تتعارض كل التعارض مع مصلحتنا العامة، واول مؤشر على تلك الافكار الهدامة الجديدة تدني مستوى الاداء الوظيفي بكل مفاصله وانعدام
الكفاءة والخبرة في اغلب دوائرنا… ومع هذا فهي – اي الكفاءات المزيفة – من خلال مطالبتها عبر احاديثها ونداوتها وكتاباتها المفبركة تنادي بأمور وقضايا تهدف الى ترسيخ قواعدها وتوسيع دائرة الشللية التابعة لها، لانها تعتقد ان قوتها نابعة من خلال توسيع دائرة هؤلاء المصنفين المنافقين الذين ينتظرون الغنائم والعطايا التابعين لها.
ولا شك انها في واد والكفاءة الحقيقية في واد آخر. وهذا ما لا نريده ونكره ان ينتشر بيننا ويكون اساساً عندهم لانتقاء الكفاءات حسب ما يريد من يدعي الكفاءة. وبهذا نكون قد سمحنا لذلك الداء ان ينتشر في جميع مفاصل حياتنا المهنية ليضيع عطاء المخلصين عبر السنوات وتجعله هشاً آيلاً للسقوط، ويتم كل هذا والمخلصين الغيارى تتفرج على هذه المهزلة التي تقف في وجه كل وطني مخلص دون ان يجد من يرعاه ويحافظ على وجوده في وطننا الذي هو الآن في ظروفه القاسية التي يمر بها بأمس الحاجة الى اخلاص الجميع.
ان المشكلة الكبرى، ان الكثير من المخلصين الشرفاء وبخاصة من ذوي الكفاءة الحقيقية اصبحوا يعانون من تلك المشكلة التي بدأت تطفو على السطح بشكل يثير الدهشة والاستغراب، فهل يعقل ان تحارب وتزاح الكفاءات الحقيقية بهذا الشكل كي يحل محلها مدعو الكفاءة والمتاجرين بها؟
نعم، هناك كثير من علامات الاستفهام، ومع هذا، فقد اصبح هؤلاء الادعياء بقدرة قادر رواد من رواد التقدم المزيف، وذلك بكتاباتهم واحاديثم عبر صحفنا وفضاءياتنا وندواتهم، وبقدرة قادر ايضاً اختفى اصحاب الكفاءات الحقيقية للأسف… فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض.