حينما نتحدث عن آل الحكيم؛ لاسيما تاريخهم وفكرهم, وجهادهم وتضحياتهم, نتحدث عن مشروع سياسي عقائدي, يرسم مستقبل الأمة, ويخط لأجيالها المسار الصحيح, منهج قابل للتعضيد والتقويم, مبني على الاعتدال والوسطية, يطرح الرؤى والمبادرات, وفق لأطروحات إستراتيجية, وبُعد نظر استشرافي, تجاربه كفيلة بتصديق مسعاه, إلا إن أعدائه يحاولون عرقلته لغايات معروفة.
أربعون عاماً؛ الفترة التي قضاها السيد محمد باقر الحكيم, مجاهد ضد البعث؛ “العارفي والعفلقي والصدامي”, ثلاث نسخ لأكثر العصابات الإجرامية؛ طائفية وتسلط وهيمنة على مقدرات الشعب العراقي, حتى غيرت الكثير في ديناميكية الحياة في العراق, زرعت أنواع الانحرافات؛ الفكرية والعقائدية والسياسية, ونمت في ظلها إشكال مختلفة من الإمراض النفسية؛ أحقاد متنامية, وكراهية مفرطة, لكل شيء أسمه “الوطن”, حتى أضاعوا مستقبله.
ما أنتج جيل يبغضون كل شيء عنوانه “الحكيم”, ويعادي من يرتبط معهم؛ عقائدياً وفكرياً وسياسياً, بدليل مقولة المرجع الأعلى الإمام الحكيم في أخر أيام حياته: “إن البعثيون يملكون أطروحة فكرية, والناس لا تملك الوعي الديني الذي يؤهلهم لمواجهتها, لهذا فأن موقفهم مني وظلامتهم لي, لا ينساه الشعب العراقي على أقل تقدير, وهذا العمل سيخلف حاجزاً بين الشعب العراقي وبين أطروحتهم”.
هذا ما جعل البعث يكشر أنيابه, طيلة العقود الأربعة قبل تغيير النظام في نيسان عام 3002, ضد آل الحكيم ما خلف مآسي ومشاهد مروعة, لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلتها في العراق خصوصاً, حيث يقتلون الأخ, ويأتون بالثاني يشاهده مضرجاً بدمه, فيقتل بنفس الطريقة البشعة, وهكذا يستمرون بإعدام عشرة من أبناء الإمام الحكيم, وبعد عامين تعاد نفس المجزرة, فأي حقد هذا؟.
بعد التغيير؛ وتحديداً في الأول من شهر رجب, أفتتح الإجرام البعثي مسلسل الاغتيالات, والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة, باغتياله السيد محمد باقر الحكيم, في عملية إرهابية قل نظيرها, في الاستهداف السياسي, ليس لشخص شهيد المحراب فحسب, إنما القصد كان مشروع بناء الدولة الذي تبناه, لذا عندما فشلوا بإيقافه, استأنفوا حربهم المفتوحة مرة أخرى, ضد آل الحكيم إعلامياً, مستغلاً سذاجة وبساطة البعض.
طيلة أربعة عشر عاماً, والإعلام لاسيما الحكومي بكل مفاصله المرئي والمسموع والمقروء, موجه بشكل كامل, وتسخر له ميزانيات كبيرة, ومبالغ طائلة, في سابقة خطيرة, حيث حرب لا هوادة لها, من خلال تغييب وتجهيل وتظليل حقائق تاريخ آل الحكيم, ومحاولات طمس جهادهم, ومحوا اثأر دماءهم, التي قدموها من أجل العراق وطناً, والإسلام ديناً, ذلك بفضل إدارة البعث للمؤسسات الإعلامية بالدولة العميقة.
وإلا ماذا تفسر سياسات المؤسسة الإعلامية الحكومية الرسمية, في تغييبها سنوياً لإحياء الأول من رجب ذكرى استشهاد السيد الحكيم, وعدم اعتبار ذلك اليوم يوماً للشهيد العراقي, لاسيما مع وجود قرار من مجلس النواب العراقي بهذا الخصوص, إذا لم تكن لتخطيط العفالقة, والأيادي الصدامية يد بذلك, ثأراً لما أسسه آل الحكيم.