في بداية الامر علينا ان نستذكر بأن حكومات العراق المتعاقبة منذ التأسيس سنة 1921 م وتثبيت دستورها وبرلمانها سنة 1923م أقرّت وتقر “العلمانية الايمانية” وفصل الدين عن السياسة . وهذا هو الحال الافضل للمجتمع العراقي نتيجة تنوعه الديني والمذهبي واستحالة العمل بأحد منها كذلك نبذ التعنصر القومي وجعل الانتماء الوطني اساس مركزي فوق جميع الاسس . وهذا النموذج هو الاصلح من الناحية السياسية لأستقرار وتطور المجتمع العراقي المتنوع عكس ذلك الاضطراب هو الحال المفضي الى الفوضى والقلق وعدم الاستقرار والتراجع في جميع مجالات الحياة العامة والخاصة .
بعد الاحتلال الاميركي للعراق سنة 2003م عمل المحتل ويعمل على نقيض ما ذكرناه بغية السيطرة على مجريات الامور وما يفضي اليه حال التفرق واول الشروع في هذا المجال الحيوي الخطر هو العمل على تثبيت دستور مضطرب يتضمّن أمور غريبة وغير منطقية أشبه بندى القيح والصديد من جرح بليغ , في بداية الامر كانت نتائج التصويت على الدستور رفضه من معظم من صوت عليه لكنه فرض بالحيلة والقوة . في الدستور مثالب تؤدي لخراب العراق وفساده منها على سبيل المثال لا الحصر موضوع الامتيازات الغير مشروعة للكرد مما جعلهم دولة داخل دولة وعززّهم بإمتيازات لا يستحقونها في النواحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية , الاسطوانة المشروخة التي تشدّقوا بها ولا زالوا يتشدقون مَثَلَهم كَمَثل الاحزاب الشيعية الحاكمة والموالية لأيران ( المظلومية ) تجاه العالم وخاصة اميركا معتقدين بأنها واسرائيل صمام الأمان لهم ولأمثالهم وهذا معتقد اغلب حكام العرب وفيه شيء من الصحة في الحال الراهن نتيجة خذلان وانانية حكام العرب للحفاض على مواقعهم مما يفضي الى تناقضهم مع مصالح شعوبهم ومصلحة الامة العربية والاسلامية . دأبَ قادة الكرد التقليدين الملا مصطفى البارزاني وأولاده وآخرهم الملا مسعود البارزاني على تبني حالة العصيان والتمرد لا في سبيل مصلحة الشعب الكوردي بل مصلحة فردية عائلية عشائرية بغية الفائدة والكسب المادي من جهات مختلفة تعادي العراق وابتزاز الدولة العراقية بحكوماتها المتعاقبة ” فرسان في النهار وعصاة في الليل ” والوجاهة والسيطرة على الاكراد الملا مسعود تجرد من لقب الملا تماشياً مع حال التطور الاجتماعي العراقي والعالمي وخفوت بريق ولمعان مثل هذه الالقاب والصفات . يعيش حالياً في ازمة نفسيّة ومأزق شخصي . اتجاهات الحركة الكردية وتطلعاتها تتبنى حالة علمانية وانهاء دور الفرد والعائلة والعشيرة الفاعلة في الحياة السياسية العامة للكورد وهذا لايروق لمسعود البارزاني يدور خلاف بين القوى السياسية حول انتخابات رئاسة الاقليم المقررة في العشرين من آب المقبل مع طرح كل من الاتحاد الوطني الكردستاني وقائمة التغيير والاحزاب الاسلامية الكردستانية مشاريع قوانين تحدد صلاحية رئيس الاقليم ونائبه مع سعيها لتحويل نظام الحكم في كردستان الى برلماني وليس رئاسياً الامر الذي رفضه الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود البارزاني عاداً اياه خروجاً على مبدأ التوافق الوطني وانعكس هذا الخلاف بشكل واضح في جلسة برلمان الاقليم التي عقدت في الثالث والعشرين من حزيران الجاري حيث انسحبت كتلة الحزب الديمقراطي من الجلسة مع تقديم باقي الاحزاب مشروع تحديد صلاحيات رئيس الاقليم وتطورت الازمة الى وصف حزب البارزاني ما قدمته باقي الاحزاب الكوردية بالمؤامرة الفاشلة وتحمل اجندات خارجية ملوحاً بمراجعة كل الاتفاقيات السياسية بينها بما فيها توزيع المناصب كرئاسة الجمهورية والوزراء . يسعى هو ويطبل له بعض وعاض السلاطين بأنه يرتقي الى نماذج تاريخية كأشخاص سجلهم التاريخ رموز لبلدانهم وللعالم في الجانب الوطني والانساني وهذا غير صحيح ومبالغ فيه , يسعى الملا مسعود البارزاني جاهداً لتثبيت حاله على انه الشخص الذي لا يمكن الاستغناء عنه الى الابد من خلال التأكيد على الجانب العنصري الكوردي بالتهجم على العرب تارة والاسلام تارة اخرى منه شخصياً ومن من يلهثون ورائه الذين بلغ به الحال بالاسائة الواضحة والعلنية في التهجم على العرب والدين الاسلامي وحتى على النبي محمد صلى الله عليه وسلّم ويمجدون ديانتهم قبل الاسلام من عبادة النار . يأتي ذلك من خلال الكثير من الكتّاب الكورد والصحف الكردية كذلك يسعى الملا مسعود البارزاني الى اضهار تبعيته لأميركا واسرائيل بمناسبة أو بلا مناسبة لأستغلال موافقتهم كتابع لهم بما يريده ويصبو اليه ,الاكراد العراقيين تمتعوا بحقوق متميزة عبر الحكومات العراقية المتعاقبية بأمتيازات تفوق المعقول أصبحوا بموجبها دولة داخل دولة لا بل هم من يقود الدولة من خلال رموزهم السياسية في دولة العراق الحالية مستغلين فقرات الدستور الملوثة بالخداع والتردي والانحطاط العنصري الشيفوني والمذهبي المتظمنة بشكل مبطن التوجه للأنفصال عن العراق الواحد , لكن مصلحة دول الجوار الحاوية لأقليات كردية ترفض ذلك وتمنعه والاكراد مستغلين تحالفهم مع الشيعة لتمكنهم من الحكم في العراق مقابل حصولهم على ما يريدون متاجاوزين استحقاقاتهم في المجال السياسي والاقتصادي والعسكري هذا جانب من جوانب الدستور المريض والمشوش الذي فرض على الشعب العراقي بالخداع والقوة مسنود من بعض الرموز السياسية الطارئة المحسوبة على المكون السني مثل صالح المطلك وغيره , في تصريح له يحث الناس على القبول بالدستور وما جاء فيه أنه بالامكان تفيير الفقرات الغير مرغوب فيها بعد اقراره متناسياً الاشكالية الكبيرة والمربكة في ذلك , اراد صالح المطلك وغيره من سياسيّ ” الغفلة ” اتباع الاحتلال تثبيت نفسه في العملية السياسية مستخدماً طرق شتى في تثبيت حاله في الانتخابات الاولى حاول اثبات نفسه كسياسي مقبول من مكون معين خرج بمظاهرة من مقره الكائن في حي الجامعة حينها لم يتجاوز عدد المتظاهرين خمسون شخصاً واستغل حالة الاحباط والعداء للأحتلال التي كان يعيشها الشعب العراقي , كذلك كان يوحي بأنه يتعاطف مع حزب البعث ويتداول مع البعد العشائري في المناطق الغربية من العراق مما دفع الكثيرين لأنتخابه مما مكنه من تبوء مركز سياسي في الدولة العراقية غير مؤهل لأشغاله , وكان هذا واضحاً في ردود الفعل الشعبية تجاهه من قبل المعتصمين في الانبار وغيرها . من هذا يتضح انه لا مجال لأصلاح الحال السياسي الا بأعادة صياغة الدستور مجدداً مبنياً على مصلحة الشعب العراقي بشكل عام متجاوزاً المصلحة الشخصية والانانية للمكونات العراقية الدينية والقومية والتركيز على الحالة الوطنية والانتماء الوطني كمقياس للتعامل فيما بين الشعب العراقي وفصل الدين عن السياسة والخلاص من التبعية للجهات الخارجية المعادية للعراق كأسرائيل واميركا وايران و الرجعية العربية , عند ذاك سيكون العراق وشعبه بخير وامان وقابل للتقدم والتطوير في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والعملية نسأل الله التوفيق في ذلك