لنتحدث بصراحة، ونبتعد عن الشعارات .. العبادي طرح إصلاحاته قبل تشكيل حكومته، وطالب بترشيق الوزارات وبخطة عمل لإدارة البلد، وما صار بعدها ان شركاءه كلهم لم يتنازلوا عن مناصبهم ونفوذهم، وقالوا إنما هي استحقاقاتنا ومكاسبنا كنواب ووزراء نمثل مكونات اجتماعية وإثنيات واحزابا لها ثقلها الشعبي، وعلى الآخر ان يسبقنا بالتنازل اذا راد الترشيق والإصلاح، وهم هنا محقون فعلا فهم لم يأتوا من ثقب الحائط، بل الشعب هو من اختارهم في انتخابات صفق لها الناخبون كسابقاتها، وعدّوها واحدة من أعراسهم الانتخابية معيدين بذلك انتاج نفس الفاسدين، وزادوا عليهم عددا.
إصلاحات العبادي القديمة الجديدة ستعيد فتح أبواب السجالات والمهاترات السياسية على مصراعيها، واليكم بعض سيناريوهات قادم الأيام:
# انطلاق حملة اتهامات جاهزة للعبادي منها، سعيه الى تنفيذ انقلاب ابيض على الشراكة والعملية السياسية، والانفراد بالسلطة وتنفيذ اجندات خارجية..
الكتل السياسية التي تتكلم الآن امام الاعلام عن دعمها للقرارات الإصلاحية هي نفسها ستكشر عن مصالحها خلف الأبواب الموصدة وتدافع عنها لحد الثمالة، وستتعكز من جديد على استحقاقاتها الانتخابية ..
# تعريض التظاهرات لحملة شرسة من التشكيك والتخوين والتحريض ضدها..
وربما تتعرض التظاهرات لمحاولات إجهاض من داخلها، كيف؟ دعمها بكتلة جماهيرية موجهة والتحكم بذلك الثقل لعزل اصحاب الحقوق الحقيقيين والخارجين للإصلاح واظهارهم كجموع صغيرة وغير مؤثرة او قابلة للتبعثر والضياع. والفئة الاخيرة ينبغي ان تعي هكذا محاولات..
# اتباع استراتيجية خلط الأوراق للوصول بالاصلاحات الى نهايات تائهة..
القوى والاطراف السياسية خبرت هكذا استراتيجيات، وتمتلك اليوم عبقرية فذة وذات باع طويل في ابتكار المتاهات المحبوكة جيدا وإدارة وتوجيه أية أزمة او مطالبات شعبية الى نقطة اللا شيء. وهناك عدد لا يحصى من القضايا والكوارث المجلجلة بدأت بلجان تحقيقية وصخب وعراك وسرعان ما تطوى الكارثة ولجنتها لتصبح جزءا من الماضي الحافل بالأوراق المخلوطة.
واقولها، مهما يبلغ ضغط الجماهير مبلغه من اليقظة والتصادم والشعور بفعل المستحيل لقلب الكراسي على أصحابها.. سيجد المتموضعون في الضفة الاخرى ألف حيلة وتخريجة لإفراغ شحنات الغضب الشعبي من محتواها.. وحدها الانتخابات قادرة على انتزاع شرعيتهم ومكاسبهم، شرط ان نختار صح، وهذا بحد ذاته مشكلة كبرى تقتضي من المثقفين والناشطين المدنيين والاعلاميين والكتّاب بذل كل ما لديهم لتوجيه وتثقيف الناخبين وعدم السماح للطائفيين والفُسّاد بتصدر اي مشهد انتخابي !.
الانتخابات ميدان الشعب، الشعب الذي يجب ان يدرك كيف يعري سارقيه لا ان يمنحهم صوته ومن ثم يتباكى على سوء الخدمات واستشراء الفساد.