23 نوفمبر، 2024 1:15 ص
Search
Close this search box.

صحافة بلا صحافة بلايا تسعيرة!

صحافة بلا صحافة بلايا تسعيرة!

تأريخ يعلم الناس، أن الحياة يجب ألا تتوقف، لأن الأعداء يريدونها خالية من الامل والمطر، وإن الحق الذي يقف وراءه الأحرار، لن يذهب سدى ولو بعد حين، فالصحفيون عناصر صالحة لبناء الحياة، لأنهم يخوضون حرب الطبقات المظلومة، ضد السلطات في الأزمنة السوداء، والبيضاء، والخضراء، والحمراء، ولم تقف الصحافة عند الشجب والإستنكار، بل تعداها الى فضح المؤامرات، وخفايا السياسات، وإعلانها بالإثباتات.
نعم هكذا هم الصحفيون، نذروا اعمارهم من أجل هذا البلد الغالي دون مقابل، ولكن ما كان جزاء بعضهم؟ وما أحمله من عتب لنقابة الصحفيين، بحجم جراح العراق وآلامه، وبحجم معاناة المعدومين في زوايا النسيان، داخل حجرات العوز والفقر، يتوسلون الفرحة، ويتقاسمون لقمة يتيمة، جاءت اليهم عن طريق الخطأ!
 لم يكن عتبي حاملاً لواء الحقد والتشفي لا سامح الله، لكنه نابع من حرص وآلم، داخل إطار الحسرة على إنفسنا، نحن مجموعة من الكتاب، حين وجدنا طريق الدخول، لبيت الصحافة يملأه الشوك، وأمامه آلاف المطبات والعوائق، التي وضعها بعض المحسوبين، على هذا البيت العائلي الرائع.
سأحكي لكم حكاية مرت بي، وأنا أشاهد كثيراً ممن ينتمون للبيت الصحفي، وهم ليسوا أكثر من متطفلين، أشتروا هوية انتمائهم، عن طريق المحسوبية أوالمال، كنت في احدى مناطق بغداد، أبحث عن شخص ليصلح لي سيارتي، التي أصبحت تعشق العطل، مثلها مثل باقي الإعلاميين، فوجدت رجلاً تجاوز الاربعين من عمره، يملك محلاً للتصليح (فيتر)، شرحت له حال سيارتي، وبدأ العمل على إصلاح ما أفسده الدهر بها، ودار حديث بيننا.
الفيتر: ماذا تعمل؟
قلت: إعلامي وكاتب.
قلت: أنت زميلي في أي صحيفة تعمل؟ ولماذا تعمل في هذا المحل؟!
الفيتر : أنت زميلي، وقصدت بها أني عضوٌ في نقابة الصحفيين.
قلت: وهل مارست الإعلام؟
الفيتر: لا لكني إصلحت سيارة أحد المسؤولين في النقابة، منذ أربع سنوات وأكرمني بهذه الهوية.
قلت : ههههههه تستاهل وطلعتك المنحة؟
الفيتر : ثلاث مرات، وأنت هل إستلمت المنحة؟
قلت: لم أحصل على هوية، ومثلي المئات لتجعلنا نشعر، بأننا إعلاميون ولم نجد من نطرق بابه، أو نصلح سيارته، رغم أننا نمتلك رصيداً إعلامياً، لا يملكه نصف نقابتك المزعومة، إلا أن طلباتنا مركونة في دواليب النقابة، منذ ثلاث سنوات، حتى أمست جزءً من ديكور مخزنها العامر، والسبب هو صاحبك وأمثاله،  فلقد نسوا قوافل الشهداء، والأحياء من الإعلاميين فباتت (الصحافة بلا صحافة بلايا تسعيرة!). 
من أراد لقاطرة الثقافة أن تتعطل، وأقتحم الساعة والساحة، ليسخر من قوة الصحفيين العظيمة، وجد أن ناقوس الخطر، دق أسفينه ضد هذا الليل الأهوج، فقدم المثقفون بكافة أطيافهم أجسادهم، ليبتسم شعب الرافدين، ويؤمن بالحرية إيماناً حقيقياً، ليوحدوا نسيجهم الإجتماعي، فكانوا قناديل إستشهاد، تتوهج وحدة وألقاً، بوجه خفافيش الظلام، فعراقنا مبدأ وهوية يستحق العيش من أجله، وصحفيو العراق شعب البارئ المختار.
الحرية هي المقوم الأول للحياة، كما الصحافة لا يمكن أن تزدهر، خلف سياسة تحاول تنظيم البلد، وراء أبواب مغلقة، وتطأطئ رأسها أمام الفساد، وسرقة المال العام، وتلبس قناع التهديد والوعيد، لذا كانت قوافل شهداء الصحافة، منابر للوقفة الشجاعة، ضد الإرهاب وساسة تكميم الأفواه، والتفرقة التي تريد إستباحة الحريات الصحفية، وهذا ما رفضه شعب الكلمة المختارة الهادفة، في وسائل الإعلام وبإمتياز.

أحدث المقالات

أحدث المقالات