لا زال البعض يظنّ بالأحزاب “الاسلاميّة” على خطى آل البيت رغم ما انفضحت انتماءاتها على الملأ وبانت حقيقتها أمام العين المجرّدة بارتباطاتها المتشعّبة خارج حدود الوطن تأسيسًا وأداءً سياسيًّا وعسكريًّا وميلشاويًّا وتمويلًا في السابق ,وقولًا وعملًا وممارسًة وإغداق لتلك الجهات بمئات المليارات حاضرًا ,وهل جزاء الإحسان إلّا الاحسان”! أصبحت خلالها زيارات قادة هذه الأحزاب إلى البيت الأبيض بواشنطن وطهران تنافس مراسيم الزيارات الدينيّة إلى مكّة أو داخل البلد عدا الخضوع المذعن لتوجيهات كلا العاصمتين “كافرتها ومؤمنتها!, انهارت آمال المواطنين وأصبح بنظره محال ارتباط هذه الأحزاب بدار الأرقم ابن الأرقم المخزومي كما كان يدور بخلده ومن دون أن يتنازل المواطن لنفسه ولو قليلُا على الأقل ليستوعب “المرحلة” إن كانت لدى هذه الأحزاب برامج ومخطّطات أو مراحل أو أولويّات .. السيّد العبادي بعث الآمال في نفوس العراقيين “سنّة” قبل “الشيعة” وكلّ من قلبه على الوطن وساد التفاؤل بتغيير حقيقي حال مباشرة السيّد العبادي مهامّه وبالأخصّ بعد نشر سيرته الذاتيّة المعتبرة وهي على غير عادة أعضاء مثل هذه الأحزاب المشبّعة بثقافة العصور السحيقة, فتأمّل الجميع خيرًا وانتعشت الآمال بواقع جديد من العيار الثقيل خاصّةً وقد تماهي الرئيس الجديد جلّ حياته مع بيئة عصريّة لا شرق أوسطيّة متحجّرة ,ما سينعكس إيجابيًّا على أوضاع العراق المتهاوية وينتشله.. لكنّ الواقع, وعلى غير المتوقّع بدأت إشارات التمدّد يستقبلها المواطن البائس بموجات متأزّمة أطول من سابقاتها, فالحروب الداخليّة اتّسعت ,والحضور العسكري الأميركي عاد ثانيةً ومعه الحلفاء الّذين سبق وهربوا بجلودهم من العراق زمن المالكي رغم محدوديّة مداركه وتراث البلد المعرفي بكنوزه بدأت تُزال من الوجود والعجز أوصل الميزانيّة لحافّة الافلاس وتهاوي الدينار بمنتكس خطير يسهّل عمليّة “التقسيم” وتوسّعت رقعة التجييش العسكري لتشمل مسمّيات جديدة بدل جيش واحد قوي كما كان المأمول من العبادي يحوي الجميع بوظيفة دفاعيّة واحدة بالذود عن حياض الوطن.. وإذا بهذا الجيش مُتنازع عليه وإذا بتأسيس مكوّن مسلّح خارج سياق الدستور وخارج وعود العبادي, مُرسّخ للطائفيّة أكثر لم يجرء المالكي نفسه على استحداثه, فلا هي شيش ولا هي كباب ,زاحم الجيش في تولّي وظائف نزاعات “بلديّة” داخليّة! وبدل ما كان الجندي يقول سألتحق بوحدتي العسكريّة في جبهة الشوش أو ديزفول أصبح اليوم يقول سألتحق بالجبهة في أبو غريب أو بتكريت! لقد بات الاقتتال داخلي داخلي بتغطية أميركيّة إعلاميّة “مدوعشة” مختلقة لم يجرؤ المالكي على الاقدام عليها بكلّ ما كان يبذخ من أموال البلد ..لولا أنّها حقائق لم نكن لنستعرضها مخافة اتّساع الهوّة مع قطع شوط مخيف من تشقّقات لجدران اللحمة الوطنيّة التاريخيّة.. تتراكم هذه العقبات المنتّأة, بينما السيّد العبادي لا زال يعد بثقة ويطمئن! في وقت بدا نصف شعب العراق غريبًا داخل وطنه وأصبح حقّ بيع وشراء العقار ببغداد لفئة دون أخرى وبنطاق أوسع من إجراءات النظام السابق ومن إجراءات الجعفري بتجريف بغداد من السنّة ففشل, وبدل هويّة الأحوال “الجعفريّة” نصف الشعب بات لا يحقّ له دخول عاصمته إلّا بكفيل ,نعم أزاح العبادي التابو المالكي الكونكريتي المسلّح لكنّه صهره وشكّله تابوهات من القطعات العسكريّة تفصل بين المحافظات! وبدل ما كان لا يجرؤ سليماني الظهور علنًا في بغداد زمن المالكي بات يتبختر بالظهور والتوضّؤ والصلاة علنًا وارتداءه عمامة نابليون ,قصدي ارتداء الغترة والعقال العربيين يجوب بهماسوح القتال بطول العراق وعرضه وأصبحت قطعات وصواريخ الحرس الثوري الإيرانيّين تستعرضان علنًا وجثثهم تصل طهران علنًا والتعتيم على الخسائر البشريّة العراقيّة نافست التعتيم الأميركي على خسائر جنده “تلميذ الأسطة أسطة ونصّ” وبدل ما كانت موصل وفلّوجة واحدة وصحفيين ضحايا بالمفرد باتت الأنبار بمساحتها الّتي تفوق مساحة بريطانيا العظمى بأيدي داعش والضحايا الصحفيين بالعشرات, وبدل ما كان المواطن يعبر إلى سوريّا برًّا بأمان من منطقة الوليد أصبح فقط بالطائرة وبدل ما كان يتستّر المالكي على السرّاق وقتلة الصحفيين وميليشيّات التصفية باتت زمن العبادي بالعشرات وبات ليس المالكي وحده يتنصّل عن محاكمته العبادي بين شدّ إعلامي وجذب بل وجميع اللصوص الّذين أخفاهم المالكي بكامل سرقاتهم..