تنبهت الشعوب الحية الى استخدام التظاهر السلمي كوسيلة حضارية للتعبير عن تأييدها لقضية وطنية ، او اجراء حكومي صائب ، اوتعبيرا عن رفضها وشجبها واستنكارها لقرار جائر، اورفضا لسلوكيات وحكم دكتاتور متعسف وسعيا لاسقاط نظامه ، او تضامنا مع شعب من الشعوب المضطهدة او المتعرضة لعدوان غاشم، او لامور اخرى لاتخرج ولا تبتعد كثيرا عن هذه الموارد ، وقد سبق الشعب العراقي الشعوب العربية قاطبة ومعظم شعوب العالم الى استثمار التظاهر السلمي منذ عشرينات القرن الماضي متصديا لمعاهدات بورتسموث وسايكس بيكو وحلف بغداد والتي اسقطت عدة وزارات وحكومات خلال فترة الحكم الملكي التي امتدت الى سنة 1958.ثم اعقبتها تظاهرات تحولت الى انتفاضات عارمة منددة باساليب سلطة البعث القمعية كان ابرزها انتفاضة صفر والانتفاضة الشعبانية الظافرة .
كانت تظاهرات بحق ..اثمرت وانتجت واكتسبت الخلود للدرجة التي اتخذتها الشعوب العربية نموذجا وامثولة فتظاهر التونسيون واسقطوا دكتاتورية زين العابدين بن علي ،وتظاهر المصريون واسقطوا دكتاتورية حسني مبارك ،ثم عادوا للتظاهر فاسقطوا محمد مرسي ،وتظاهر الليبيون واسقطوا دكتاتورية معمر القذافي ،وتظاهر اليمانيون واسقطوا دكتاتورية علي عبد الله صالح …وعاد العراقيون للتظاهر السلمي في عهد ديمقراطية العراق الجديد رافضين لبقاء القوات المحتلة …وتظاهروا مطالبين بتحسين الخدمات وخاصة الكهرباء ..وتظاهروا مطالبين بالغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين وتخفيض رواتب المسؤولين . لا غبار ولا شائبة على تظاهر سلمي بناء ،اما ان تستغل ظروف استثنانية من قبل بعض ( الثأريين) لتحشيد الناس البسطاء وتحريضها على اثارة الفوضى والبلبلة واطلاق الشعارات الطائفية او الشعارات المسيئة للمرجعية او تسيس وتجير لجهة بعينها فهذا هو التخريب المقصود وهذه هي الثأرية العدوانية التي تفقد التظاهرات حقها وتشتت اهدافها . وحتى تؤتي التظاهرات ثمارها يتوجب على الجميع وفي مقدمتهم القائمين على تنظيمها توحيد الاهداف والمطالب والشعارات. ايها المتظاهرون الاصلاء : الامر اكبر من الكهرباء والخدمات – وان كانت من ابسط الحقوق المفقودة – الامر ابعد … الفساد نخر عظم العراق وجره الى حافة الانهيار والسبب يكمن في نوعية واسلوب ونظام الحكم !.لو استبدل وزير او عشرة وزراء او كل الوزراء سيبقى الحال على ماهو عليه طالما كان نظام المحاصصة هو السائد…وطالما ظل المفسدون والارهابيون يسرحون دون حساب وعقاب .. وطالما كان رئيس الوزراء محكوما باوامر الكتل والاحزاب بحيث لا يستطيع معاقبة او استبدال مدير بسيط الا بموافقة الكتلة التي تضع قائمة شروط حتى توافق على استبداله باتعس وافسد منه !.