اثبتت الاحداث ان مستوى الاداء السياسي لايران هو اعلى بكثير من مستوى اداء الدول العربية وهذيانها السياسي . فلقد انتصر البرود الفارسي المعروف على الحماسة العربية المعروفة , ونجحت ايران في توظيف الفوضى العربية (الهدامة) لتوازي اجنداتها في المنطقة , واختارت لذلك اكثر الافكار السنية تشددا متمثلة في داعش واطلاق العنان لها للعبث بالمنطقة كما يحصل الان . الهدف المعلن هو محاربة المد الشيعي بينما الواقع يقول بان من يدفع الثمن هي المنطقة العربية السنية وبعض الدول الاوروبية التي تراها ايران عدوة لها .
ورغم الجهد الاستعراضي الايراني لقتال داعش , فان ما تكسبه وحلفائها من هذه الحرب المفترضة هو اكثر بكثير مما تخسره , فليس من الاولويات الايرانية المدة التي تستغرفها هذه الحرب طالما هي على اراضي غير ايرانية ولا ضير من اعداد قليلة للحرس الثوري كضحايا في هذه الحرب ولا ضحايا المليشيات الشيعية طالما ان حبكة سيناريو هذا الفلم يجب ان يتضمن ضحايا لابعاد اي شبهة بتورط ايراني فيه .
ودعونا هنا نطرح بعض التساؤلات التي تثير علامات استفهام حول حقيقة ما يحصل في هذه الحرب .
– اذا كانت داعش تحارب التشيع كما يعلنون , فلماذا تتمركز عملياتها في المناطق ذات الغالبية السنية في كل الدول التي تقاتل فيها, مما حول هذه المناطق الى اطلال مهدمة ؟
– رغم ان المعارك عمت كل المناطق السنية في العراق , غير ان هناك جيوبا ( ذات خصوصية شيعيه ) بقيت بعيدة عن اي تهديد داعشي مباشر , مثل سامراء او النخيب التي لا يفصلها عن الفلوجه الا كيلومترات , اوحتى بلدة امرلي التي حاصرتها داعش ودخلت حالة من السبات على ابوابها دون ان تتمكن من دخولها .
– كنا مقتنعين سابقا بان داعش لا تستطيع اختراق المناطق المستقرة امنيا وسياسيا وانها تتحرك فقط في الاراضي الرخوة , لكن الخروقات لامنية التي حصلت مؤخرا في بعض دول الخليج ازالت هذه القناعة واثارت تساؤل جديد وهو .. كيف تستطيع داعش تنفيذ عمليات في دول مثل الكويت والسعودية بما لديها من جهاز امني عريق وقوي وتعجز عن تنفيذ عمليات مماثلة في مدن جنوب العراق (الشيعية) مع كل الضعف الذي يعاني عنه الاحهزة الامنية العراقية وفشلها في ايقاف العمليات الانتحارية والتفجيرات في بغاد العاصمة ؟
– ما سر التناوب السلمي على المدن العراقية بين الجيش العراقي والحشد الشعبي وبين داعش ؟ فكما سلم الجيش العراقي الموصل والرمادي لداعش دون قتال تاركة لها اسلحة كثيرة , فان داعش سلمت تكريت للجيش العراقي والحشد دونما اي قتال .
– بعيدا عن التهم السياسية المتبادلة بين الساسة العراقيين , فالمعروف في في العلوم العسكرية ان عقوبة القائد المنسحب من ارض المعركة دون اوامر ودون قتال هو الاعدام في ارض المعركة . ومع ذلك فلم يتم لغاية الان محاسبة اي من القادة المنسحبين من الموصل والرمادي , بل حول الموضوع الى متاهة سياسية يزايد بها الساسة على بعضهم البعض مما
افقده طابعه العسكري . وهذا يعطي اشارات بعدم جرئة الساسة العراقيين الافصاح عن الجهة التي اعطت اوامر الانسحاب كونها جهة مؤثرة فوق الجميع .
– لماذا لم تتبنى داعش لحد الان عملية ذبح او اعدام اي اسير ايراني عندها سواء كان عسكريا او مدنيا كما تفعل ببقية الجنسيات التي تاسرها ؟ وهذه ليست دعوة للذبح وانما هو تساؤل جعله الاحداث مطروحا .
– لماذا لا توجد اي عمليات لداعش على ارض اليمن في هذه الظروف الرخوه التي تمر بها هذه الدولة ؟ الا يدل هذا على ان وراء الاكمة ما ورائها ؟
– تكلمنا في مناسبات سابقة عن كيفية نشوء داعش في سوريا ومن دعمها , وتعقيبا على ذلك نتسائل .. لماذا عندما بدا الجيش الحر هجومه على قوات بشار الاسد في القلمون قبل فترة .. بادرت داعش بشن هجوم معاكس على المواقع الخلفية للجيش الحر , مما افشل محاولة الجيش الحر للسيطرة على تلك المنطقة بعد ان كانوا قاب قوسين او ادنى من احراز نصر كبير على جيش النظام ؟
– فبركة سجالات عقمية عسكرية وسياسية بين المؤسسة العسكرية العراقية والحشد الشعبي , لتبرير التماطل في تحرير المدن السنية بغية الامعان في تدميرها وسلبها من قبل الطرفين .
– كيف نفسر ان المنطقة الوحيدة التي حررها الجيش العراقي والحشد من سيطرة داعش بالكامل هي مناطق محافظة ديالى المحاذية للحدود مع ايران ؟
– لماذا لم نشهد لحد الان اية عملية كبيرة لداعش في الداخل اللبناني وفي المناطق التي يسيطر عليها حزب الله , مع كل التداخل الموجود بين لبنان وسوريا وسهولة القيام بهكذا عملية ؟
استنادا على التساؤلات السابقة تتوضح لنا حقيقة مفادها ان ايران هي من اكثر الاطراف استفادة من وجود داعش . فقد استطاعت ان تقحم العالم والدول العربية في حرب عقائديه مجنونة حسنت صورتها دوليا باعتبارها تتبنى المذهب المقابل .. وقد ظهرهذا التحسن في المرونة التي ابدتها الدول الغربية وامريكا في مفاوضات الملف النووي الايراني . واشغلت الدول العربية بحرب امنيه وعسكرية مفتوجة ضد هذا التنظيم جعلتها الدولة الاقليمية الاقوى في المنطقة .
اما على صعيد العراق فانها نجحت في تدمير المدن السنية بشكل كامل وفي نفس الوقت تمكنت من القضاء على المؤسسة العسكرية العراقية باهانتها وتشويه سمعتها رافق ذلك تاسيس الحشد الشعبي الذي يرتبط بها اكثر من ارتباطه بالحكومة العراقية , ويعتبر ذراعا عسكريا لها في العراق تحركه وفق اجنداتها ومصلحتها .
@yahoo.com2005Portalin