19 ديسمبر، 2024 5:57 ص

سورية إلى التقسيم … والنظام يجري التخطيط لإسقاطه عسكرياً !؟

سورية إلى التقسيم … والنظام يجري التخطيط لإسقاطه عسكرياً !؟

سورية إلى التقُسّيم… والنظام يجري التخطيط لإسقاطة عسكرياً..أصبحنا اليوم نسمع كثيراً هذه الجملة التي يردّدها الكثير من المحللين على شاشات الإعلام على تعدّد مرجعياتها وتوجهاتها، في الوقت الذي يستكمل فيه الجيش العربي السوري وقوى المقاومة خطط حسم المرحلة الأخيرة من تطهير  مناطق واسعة من الجغرافيا  السورية من البؤر الإرهابية المتواجدة في مناطق معينة ومحدّدة يتم استأصلها وفق اولويات الميدان العسكري، وعلى الجانب الآخر من عمليات الجيش المستقبلية يجري وبكلّ هدوء ومن دون أي ضجيج إعلامي التحضير لمعارك تحرير ارياف حماه “وخصوصاً بعد الغزوة الاخيرة للمجاميع المسلحة ” وصولاً لجسر الشغور في ريف إدلب الغربي وخان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، ومناطق أخرى في محافظة إدلب، التي ما زال الجيش العربي السوري يحافظ على تواجد وإنْ كان محدوداً في داخلها، وخصوصاً في ريف إدلب الشمالي.

يتزامن التحضير لمعركة محافظة إدلب مع التحضير لنقل زخم عمليات الجيش العسكرية من ريف حمص الشرقي إلى بلدة السخنة الفاصلة بين  حمص ودير الزور بعد الانتهاء من حسم معركته في ريف حمص الشرقي ، استعداداً لإطلاق المرحلة الثانية من عمليات تحرير بعض المناطق الاستراتيجية في الجنوب السوري، والتي بدأت توضع على سلم الاولويات منذ مطلع شهر شباط الماضي.

ويتزامن التحضير لمجموع هذه المعارك الكبرى مع المعارك الكبرى التي يخوضها الجيش السوري وبحرفية عالية دفاعاً عن ريف حماه وسط  سورية، والتي أسقط من خلال دفاعه المستميت عنه في وجه المجاميع الراديكالية الإرهابية الغازية لأرياف المحافظة ، مخططاً تآمرياً كان معداً لتشكيل واقع تقسيمي جديد للشمال للسوري، لكنّ صمود الجيش وتكامل هذا الصمود بدعم أهالي المحافظة ، أسقط مرحلياً هذا المخطط.

كما يستكمل الجيش العربي  السوري اليوم مخططاً محكماً وضعه لتحرير مناطق استراتيجية في مناطق شرق ريف محافظة حمص، ونجح من خلاله في تحرير مرافق اقتصادية ونفطية هامة في عموم هذه المناطق في ريف حمص الشرقي، أما في حلب المحافظة  فهو  يستعد اليوم لعمل عسكري شامل في ريف حلب الجنوبي الغربي ، وعلى ما يبدو أنه يهيّئ الأرضية العسكرية والميدانية لاستكمال مخطط عملياته من جديد للإطباق على كل اريف المحافظة بعد تطهير اجزا واسعة من ارياف حلب الشمالية والشرقية ، وفي ادلب هناك أيضاً ضربات محكمة يوجها الجيش العربي السوري للمجاميع الإرهابية المتصارعة في هذه المناطق.

وبالنسبة إلى ما جرى مؤخراً في “شمال شرق سورية ” الرقة “، وغزوات قطعان المسلحين المدعومين بأجندة «إسرائيلية» ـ أميركية ـ سعودية ـ بريطانية، لبعض المناطق في المحافظة  ، فهنا يجب التنويه بأنّ ما جرى في بعض المناطق في ريف الرقة ، وما رافق ذلك من حرب إعلامية، تدعي أن مخطط  تقسيم سورية سيبدأ من الرقة وأن هناك احتلال أمريكي قادم  لسورية من بوابة الرقة ، فهذا الحديث ما هو إلا صدى لإفلاس الأمريكي ومجاميعه المسلحة وأدواته الاقليمية والمحلية ، فالأمريكي أن قرر بالفعل السير بهذا المخطط فعليه أن يتذكر تجاربه في فيتنام و لبنان والصومال والعراق ،والتجربة السورية ستكون أقسى من كل التجارب السابقة ،هذا ليس حديث عاطفي بقدر ما هو حديث مبني على معطيات ميدانية ووجدانية نعرفها جيداً عن اخوتنا في سورية .

اليوم وبعيداً من تطورات الميدان، فإنّ ما يهمنا من كل هذا هو واقع سورية المعاش في هذه المرحلة، وبعيداً من حروب الإعلام وكلام المتآمرين وشركاء الحرب على سورية. ومع مرور ستة أعوام على حرب أميركا وحلفائها على سورية يتضح في أحيان كثيرة أنّ الأحداث والمواقف المتلاحقة للمتابع لأحداث الحرب «المفروضة» على الدولة السورية، بأنّ الدولة السورية استطاعت أن تستوعب وتتكيّف طيلة ستة أعوام مضت مع موجات أكثر صعوبة من الموجة الإعلامية  التي نعيشها اليوم ، فقد كانت الموجات السابقة متعدّدة الوجوه والأشكال والفصول عسكرية واقتصادية واجتماعية وثقافية وإعلامية ودموية ، ومجموع هذه الأنماط هزم وكسر على أبواب الصخرة الدمشقية والسورية الصامدة.

وهنا يجب عدم إنكار أنّ الحرب على سورية التي كانت رأس الحربة لها الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها في المنطقة «إسرائيل» الصهيونية وفرنسا وبريطانيا وشركاؤها من الأتراك وبعض القوى الصغيرة والأدوات الأخرى في المنطقة، قد ساهمت في شكل كبير خلال مرحلة ما في إضعاف الدولة السورية، وقد كادت كثافة الضغط على الدولة السورية أن تؤدي إلى إسقاطها ككل في الفوضى، لولا حكمة العقلاء الوطنيين من الشعب السوري بغضّ النظر عن مواقفهم السياسية، وقوة وتماسك الجيش العربي السوري، وقوة ومتانة التحالفات الإقليمية والدولية للدولة السورية مع «روسيا إيران»، فهذه العوامل بمجموعها ساهمت «مرحلياً» في صدّ أجندة وموجات هذه الحرب الهادفة إلى إغراق كلّ الجغرافيا السورية في الفوضى.

كما أنه في هذه المرحلة تحديداً، لا يمكن إنكار حقيقة أنّ حرب أميركا وحلفائها على سورية ما زالت مستمرة، ولكن مع كلّ ساعة تمضي من عمر هذه الحرب فإنّ أميركا وحلفاءها يخسرون أكثر مما تخسر سورية في هذه الحرب، والأميركيون يدركون هذا ويعرفون أنّ هزيمتهم في سورية ستكون لها مجموعة تداعيات مستقبلاً، فاليوم أميركا مجبرة على استمرار حربها على سورية إلى أمد معين ولكن لن يطول هذا الأمد، فهي اليوم بين خيارين لا ثالث لهما، إما الحرب العسكرية المباشرة، أو الاستدارة بموقفها في شكل كامل للتفاوض العلني مع الدولة السورية، وفي كلا الخيارين أميركا خاسرة، وهذا ما يؤكد أنّ الصمود السوري على مدى ستة أعوام قد وضع أميركا في أزمة حقيقية وحالة غير مسبوقة من الإرباك في السياسة الخارجية للإدارة الأميركية، وهي أزمة ستكون لها تداعيات مستقبلية وستطيح بكلّ المشاريع الصهيو أميركية الساعية إلى تجزئة المنطقة لتقام على أنقاضها دولة «إسرائيل» اليهودية التي تتحكم وتدير مجموعة من الكانتونات الطائفية والعرقية والدينية التي ستحيط بها، بحسب المشروع الأميركي.

ختاماً، إنّ صمود سورية اليوم عسكرياً، ودعم حلفائها لها عسكرياً  ، وتوسّع الجيش  العربي السوري بعملياته لتحرير الأرض مدعوماً ومسنوداً من قاعدة شعبية تمثل أكثرية الشعب السوري، هذه العوامل بمجموعها ستكون هي الضربة الأولى لإسقاط أهداف ورهانات الشركاء في الهجمة الأخيرة على سورية، وبحسب كلّ المؤشرات والمعطيات التي أمامنا ليس أمام الأميركيين وحلفائهم اليوم، ومهما طالت معركتهم وحربهم على سورية، إلا الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سورية، والمطلوب منهم اليوم هو الاستعداد والتحضير لتحمّل كلّ تداعيات هذه الهزيمة وتأثيرات هذا الفشل عليهم مستقبلاً

أحدث المقالات

أحدث المقالات