3 نوفمبر، 2024 12:27 ص
Search
Close this search box.

العصا والغنم حكاية من زمن الانفلات

العصا والغنم حكاية من زمن الانفلات

عرفته منذ أن كان صغيرا يمسك عصاه ليهش بها على غنمه ليس له فيها مآرب أخرى ، عرفته حين انتقل الى ( دور المراهقة ) وما زال يحمل ذات العصا لايهش بها على الغنم هذه المرة إنما يضرب المصلين الذين يصلون خلف أبيه ولست أدري لماذا ؟ وهذا الانسان غريب الشكل ممتلئ الجثة مشرئب الابعاع شلولخ ؛ له وجه يطرد البركة من المكان الذي يحل فيه ، كما إن فمه قد أمتد ما بين أذنيه وانف يحاكي الجبال نظرا لطوله المفرط فسبحان الخالق العظيم!!..عرفته خلال زيارتي لقريته في أقاصي الجنوب الغربي ،أيام كان فيها الشعر الاسود يسكن لحيتي ولم يفارقها بعد ، جمعتني به صدفة لم تكن افضل من ميعاد ! .. بدأة كان هذا ( الفريد ) لايعني لي شيئا يذكر إنما كنت على موعد مع ابيه ، لكن احدهم قال لي : لايجوز لقاء الاب دون المرور بهذا الافنص والذي يحمل عصا لن تفارق يده الشمال ! فقلت لذلك الرجل : ماعلاقة هذا ( المرعبل ) بأبيه ؟ هل هو سكرتير أم ماذا ؟ فقال : هكذا جرت العادة يجب المرور بالابن ومن ثم الاب ! … لم أجد مفرا من مقابلة هذه المصيبة خصوصا وانه يلوح بالعصا فخيل لي انه يريد أن يضربني بها !! .. توجهت اليه بحذر شديد وناشدته أن يسمح لي بمقابلة والده الشيخ الجليل لاسباب خاصة ، نظر لي بنظرة كاد يطير منها لبي فقال بلهجة بالكاد افقهها : ( ها شتريد من ابوي ؟ ) قلت : امر هام معه شخصيا هكذا ابلغوني ولكم فائق الشكر والتقدير ! وهنا انتفض كأنه ( علي شيش ) ثم ارعد وازبد وقال : انت ملعون ناصبي خبيث إرجع من حيث اتيت ! اراك تناصب امير المؤمنين العداء !!!!
يالله مالذي تقوله ياهذا ، مالذي قلته أو فعلته لتتهمني بهذه التهمة الشنيعة أعندك علم الغيب ام تراك تضرب الودع فوشوش اليك بتهمتي ! ثم اخبرك ما بقلبي هيا إذهب وأخبر السيد الوالد وقل له : فلان الفلاني يطلبك لأمر هام .. قام هذا المجنون فرفع عصاه ليضربني ، أستطعت أن أتفادى تلك الضربة حينها صرخت بأعلى صوتي : ياسامعين الصوت الا من مغيث يغيثني من هذا المسودن ؟ !! في هذه الأثناء خرج الشيخ الجليل فتوجه الى ولده ( المخبل ) فوبخه بشدة قائلا : تاليها وياك إي متفهمني ؟ .. لاحت على وجه الشيخ ابتسامة جميلة وبادرني القول : تفضل بني الك حاجة ؟ شكرا شيخنا فلان الفلاني يبعث بتحياته لجنابكم الكريم ويدعوكم لتناول طعام الغداء ومن ثم الاشراف على توزيع التركة حسب ما تقتضيه الشريعة الاسلامية وليس هناك من هو أعلم منكم بهذا الامر ، قال الشيخ : سمعا وطاعة سآتي حسب الموعد ، شكرا شيخنا مع السلامة .. عدت أدراجي الى بغداد واخبرت صاحبي بما حصل خصوصا مع ذلك الشاب ( المسودن ) .. ضحك صاحبي وقال لاعليك سيتعقل فيما بعد .. وفي الساعة الثالثة من عصر يوم الجمعة المتفق عليها مع فضيلة الشيخ ، توقفت سيارة دفع رباعي بيضاء نوع لاند كروزر ترجل منها الشيخ الجليل وإثنان من مرافقيه ومعهم ذلك ( المخبل ) وهو يحمل ذات العصا !!
على الفور أعد طعام الغداء وطلب من الحاضرين التفضل الى المائدة ، وهنا حدثت المفاجأة إذ انهال الشاب المخبول على الطعام بكلتا يديه وكأنه لم يأكل منذ سنين ! الأمر الذي سبب إحراجا للحاضرين وخاصة لوالده ؛ لكن الحضور لاذوا بالصمت مثل كل مرة ولم ينبسوا ببنت شفة مجاملة لوالده المحرج ، وخوفا من الفضيحة ، وبعد أن أنهى طرزان هجومه الكاسح على كل ما في ( الصواني ) من ثريد ولحم تنحى جانبا وهو يتجشأ بشكل مضحك أثار حفيظة الجالسين ، حينها رفعت المائدة فطلب الشيخ الإذن بتوزيع التركات وفعلا تم ذلك بطريقة أرضت جميع الأطراف ، واستمرت العملية الى آذان المغرب حيث نودي للصلاة وقد أم الشيخ الجليل الحاضرين ؛ وهنا قفز المخبول حاملا عصاه وبدأ بضرب المصلين ضربا مبرحا ومن ضمن أولئك الذين ضربوا كاتب هذه الحروف حيث أكلت ضربة على اليافوخ أفقدتني صوابي ! لم يتكلم الشيخ مع ولده لكنه قال بحسرة : إنا لله وإنا اليه راجعون . حسبي الله ونعم الوكيل ! .. أحس المخبول بغضب أبيه ففر هاربا صوب السيارة ودخل فيها وأغلق الأبواب والنوافذ ولم ينزل منها على الرغم من النداءات المستمرة .. الى هنا ويبدو الأمر طبيعيا جدا ، لكن الغريب في الأمر ما رأيته في شهر حزيران من عام 2003 ؛ رأيت ذلك الخبل الرسمي على شاشة التلفاز يعتمر عمامة سوداء ويستقل سيارة دفع رباعي فارهة تحيط به مجاميع من المسلحين داخل سيارات رباعية الدفع ايضا !! وتلك العجلات لاتحمل ارقاما تعريفية ! يالله لو كنت أعلم إن ضرب الناس بالعصا يؤدي الى نيل المناصب لفعلتها وليكن ما يكون ؛ لكني أعرف حظي جيدا ؛ فلو قمت ببيع الأكفان لم يمت أحد !! والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحكاية : هل كتب على العراق أن يحكمه المخابيل والمفجوعين وشذاذ الآفاق ، وهل خلت الساحة من العقلاء والحكماء ليتسلط اولئك الأغبياء ؟ وأخيرا من عرف منكم هذا الخبل فليسكت لدواع أمنية وخوفا على السيد

قائد عمليات بغداد من الصدمة فربما أصدر أمرا بإلقاء القبض على ذلك المسودن حينها ستكون حربا ضروسا ستأكلنا كسابقتها من الحروب ؟

أحدث المقالات