قال ومضى : خداع الناس اسهل من اقناعهم , انهم قد تم خداعهم – مارك كوين
هذا هو حال البعض او الكثير من الزمّر الحاكمة في العراق .. وتكشف لنا الايام المزيد وتفضح وتعرّي وغالبية الشعب صامت ولا امل .. والفاعل يتمّطّى بلا حياء , كالعاهرة لا يخجل ان يتعرى في سوق الدعارة كحال اي مومس بائرة !
المفسدون في الارض ربما في ادبيات الدين هم قطاع الطرق الذين يستخدمون قوّتهم في قطع طريق الناس ، لينهبوا اموالهم وممتلكاتهم ويهتكوا اعراضهم وقتلهم حين يدافعون عنها كحال داعش الوافد والعراقي الموالي لهم او المنخرط في زمرتهم .. وقد يمتد هذا المفهوم للكثير من مجالات الحياة ما هو متعلّق بحياة الناس في الدماء والاعراض والمصير وفي الاقتصاد وفي صحة المجتمع وفي عقول شبابه كالمخدرات والرذائل ، وقد يمتد الى الحرب على القيّم العادلة والاخلاق الفاضلة التي جاءنا بها رسل الله سبحانه والتي دعت الى التصدي لهكذا مفاسد مهلكة .. وكانت العقوبة في شرع النبي احمد(ص) قاسية وهي : الاختيار بان يُقّتلوا او ان يُصّلبوا او تقطّع ايديهم وارجلهم من خلاف ، او ينفوا من الارض .. لان مايقومون به يشكل خطرا على السلامة العامة للمجتمع في كل مايتصل بامنه وسيادته واقتصاده وقبل ذاك حياة مواطنيه ومصيرهم !
لقد أُبتلينا في البعض من – طاقم حاكم – من اكبر المفسدين في الارض .. وهم اهل النفاق في الدين، والسياسة .. وهم الذين يبطنون الغش والخداع والانحراف ويظهرون للشعب العراقي — المُبتلى بارهاب اعمى منذ سنوات — الاخلاص والاستقامة ويخدعون الناس البسطاء بالكلام المعسول والشعارات الفضفاضة .. ويدغدغون مشاعرهم بمقولات دينية ويثيرون فيهم نعرات عرقية ومناطقية ويحاربون فيهم شعورالانتماء لهذه الارض .. ولدينا الكثير منهم في دائرة الرئاسة – الرئيس ونوابه – ومايستنزفون ويهدرون من مال وبادنى شعور بالمواساة والمسؤولية الرسمية والاخلاقية عن معاناة هؤلاء الناس وهم يعلمون بان اكثر من ثلث الشعب يعيش تحت الفقر والقائمة تطول الى البرلمان بجمعه – الاّ اللمم- ونواب مجلس الوزراء وفضائحهم والكثير من الوزراء والى اخر قائمة المفسدين التي قد تنتهي ببواب لمدير وضيع في دولة العراق الفيدرالية – الديمقراطية ! ولا ننسى فضائح الفساد في الاقليم وبيعه النفط في العلن لحساب الطغمة الحاكمة فيه وتسهيله بيع النفط لزمّر داعش والارهاب وايوائه الكثير من القتلة واللصوص ودعاة الفتنه وبدون ادنى حياء .. اضافة لمساهمة البعض من قياداته في تغلغل الارهاب وتسهيل مهمة بقائه وتوسعه !؟
ولقد جاء في الاثر النبوي ما يؤشر لذلك : “ ان اخوف ما اخاف عليكم بعدي .. كل منافق عليم اللسان “ .. ومن مظاهر الافساد المتعمد هو تمزيق الروابط الاجتماعية بين الناس وتمزيق النسيج المجتمعي .. لان قوانين السماء تريد للمجتمع ان يتحرك من دوائره الصغيرة كالاسرة او المحلة او الفئة او اية خصوصية من التي تنفتح على الدوائر المتوسطة لتنطلق الى الدائرة الانسانية العامة وبدون الغاء اي خصوصية دينية او مذهبية او قومية او لونية لكي لا تنغلق هذه الدوائر على نفسها وتعيش العصبوية العمياء المهلكة { كما فعل الزمر الحاكمة في تقسيم الناس الى سنة وشيعة وعرب وكرد } .. لان بتفاعل هذه الخصوصيات اثراء للمجتمع وتطوره .. وهذا هو التعارف التي دعت له السماء “ لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم “ لا الانغلاق واثارة العصبويات الدينية والعرقية وحتى المناطقية ! .. ويستمرون — “ ويفسدون في الارض“ من خلال الذهنية العدوانية المعبأة بالعقد السوداء في النظر الى الواقع والمجتمع .. لان هناك بعض الناس الذين يعيشون الذهنية العقربية التي تلسع غرائزيا كل من تلتقي به كما العقرب .. لانها قضية غريزية وليست حالة فكرية.. وفي طارق الهاشمي وناجح الميزان والعلواني والكثير من العقارب خير شاهد .. ومن نماذج الفساد الشائعة .. الفساد المبطن حين يمرر احد المفسدين تلك المعاملة التي ادخلت دواءاً فاسداً او عندما اخفى معلومة اساءت الى امن الناس.. او عندما يُبّيض صفحة مجرم او عميل او سهل وصول شخص غير مؤتمّن الى موقع حساس.. ومن التدابير التي تقطع الطريق على الفساد والتي تكمن في ابعاد تاثير المال العام في القرارات والمواقف والسياسات والافكار ! كالرشوة .. ولذا حرمت الرشوة في شرع محمد وعنه ص : “ اياكم والرشوة ، فانها محض الكفر ، ولايشم صاحب الرشوة ريح الجنة .. ولهذا لعن رسول الله : “ الراشي والمرتشي والرائش بينهما “ .. ولايخفى على احد ان الرشوة قد تلبس اكثر من لباس فقد تعرض على المرء بلبوس هدية , دعوة مجاملة , او تسهيلات او خدمات او وعود او دعم مادي , او ماشاكل ذلك من صوّر الرشا , وكل حسب موقعه والدور المطلوب .. وما كشفته وثائق ويكيليكس يخجل منه المومسات ولم يُخجلْ العملاء من العراقيين ! علما ان مصطلح الهدية لم يغب موضوعها عن بال رسول الله محمد (ص) .. وتنقل لنا سيرته انه استعمل – مرة ً- رجلاً ليجمع له الصدقات , وجاء هذا الرسول يحمل كيسين وقال للنبي : هذا لله واعطاه احدهما .. والكيس الثاني لي , وقد أهديَّ إليً هدية ! فقام النبي (ص) خطيبا وقال- بعد ان حمد الله وأثنى عليه – : { مابال العامل نبعثهُ , فيقول هذا لله وهذا لي ؟! فهلاّ جلس في بيت ابيه وامه , فينتظر أيُهدى له ام لا , والذي نفسي بيده لاياتي العامل بشيء الاّ جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته , ان كان بعيراً له رُغاء او بقرة لها خوار … فرسول الله كان يعي انه عندما يُطعم الفم , فمن الطبيعي ان تستحي العين , ويخرس اللسان , ويتحرّك عند ذاك الفساد !
والمحسوبية : هي الاخرى من مظاهر الفساد , عندما تنفّذ اعمال , او يُوظف اشخاص , لا لكفاءة الرجل او استحقاق , وانما لاجل علاقات شخصية تتعلق بالقرابة او الانتماء الحزبي او العشائري او المناطقي , وقد حذًر رسول الله من هذا المنطق عندما قال (ص) : { إنما هلك من كان قبلكم , انهم كانوا اذا سرق الشريف تركوه , واذا سرق الضعيف اقاموا عليه الحد , وأيم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها !
فاليوم ونحن نعيش اشًد الازمات , نتيجة الفساد المنَظم المدعوم بدول ومنظمات عالمية وانظمة كبرى ( صانعة الارهاب الداعشي والقاعدي والداعمة له تموينا وتخطيطاً ) .. واجبنا الوطني والاخلاقي ان نخرج من سكوتنا ومن ترددنا لنقول لانفسنا اولاً : ان هذا الفساد ليس قويا ولكن ضعفنا هو الذي يقوّيه .. ونحن قادرون .. فالركون الى فساد الظالم والظالمين يعني الموت .. فلنخرج لنقول لا لكل فاسد !
لك الله ياعراق الضيم
قال : اهل الفصحى : الباغي : الظَّالِمِ الجائِرِ .. وأراذل : مِنْ أَسْوَأ النَّاسِ