سأقول كلام بحق الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله , وأعلم علم اليقين بأنه لن يروق للبعض , وخاصة من خانوا العراق , وخانوا الأمانة التي أودعها عندهم الرئيس الراحل قبل احتلال بغداد ببضعة أسابيع , بعد أن تأكد بأن أمريكا عازمة على غزو العراق واحتلاله , ويجب الاستعداد لمقاومتها مقاومة شعبية , كونها عازمة هذه المرة على اسقاط نظام البعث الأقوى في تاريخ العراق والمنطقة , وهذه حقيقة لمسناها بعد فوات الأوان للأسف , لأننا أصبحنا كعراقيين نتحسر ونبكي على تلك السنين دماً , لأننا خلال تلك الحقبة الذهبية مقارنة بالحقبة الجهنمية الحالية لم نكن نسمع بإرهاب قاعدي أو داعشي أو سيارات مفخخة أو خطف أو جثث مجهولة أو سرقة دينار واحد من قبل أي مسؤول .. وليس ألف مليار دولار كما هو اليوم في ظل حكم الأحزاب والجماعات الإسلامية السنية والشيعية !؟؟, وهذا واقع حال يجب أن نعترف ونقر به وأن لا يكابر ولا يزاود بعضنا على بعض , بالرغم من أنه لا يعنيني ولا يهمني بشيء أبداً تقول القائلين واتهامات الساذجين أو تخرصات المتخرصين , وسأقول وأكتب ما يمليه عليَّ ضميري .
أقولها وأنا مطمئن ومرتاح الضمير والوجدان لقد خسر العالم العربي والاسلامي زعيم عربي أسمه ” صدام حسين ” , كان صمام أمان المنطقة بلا منازع , وخسر العراق والشعب العراقي هذا النظام القوي الذي أرساه حزب البعث العربي الإشتراكي في العراق منذ عام 1963 وحتى احتلال بغداد عام 2003 .
فبغض النظر عن الهفوات والأخطاء التي ارتكبت في عهد البعث وعهد الرئيس الراحل , وجل من لا يخطئ , لأنه من البديهي والمُسلم به أيضاً عبر التاريخ البشري ومنذ أن أرسل الله الأنبياء والرسل إلى بني البشر , لم نسمع أو نقرأ بأن الناس رضوا أو اجتمعوا على رأي واحد أو قبلوا بشخص واحد … مهما كانت مكانة هذا الشخص , حتى لو كان نبي من أنبياء الله سبحانه وتعالى , أو ولي صالح أو خليفة راشد , أو أمام معصوم كما هو سيد البلغاء الإمام علي ع الذي لم يستطيع حكم العراق أكثر من أربع سنوات !, ودفع حياته ثمناً , عندما استشهد على يد فارسي مجوسي قذر كأبن ملجم لعنة الله عليه , بالضبط كما يغتال العراق اليوم بأكمله ويستباح ويدمر من قبل أحفاد قاتلي الخلفاء الراشدين العظام عمر أبن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم .
أغلب العرب والعراقيين لم يعلموا كثيراً عن حقيقية هذا الرجل وخصاله ومواصفاته القيادية والإنسانية إلا بعد أن رحل إلى رب كريم , ويكاد أعدائه قبل مؤيديه ومحبيه يصابون بالذهول عندما يقرءوون كيف كان يتعامل الرئيس صدام مع من يسيء أو يعتدي على مواطن عراقي , أو يسرق المال العام , أو يخون أو يتجسس لصالح الأعداء , وكيف كانت تتم محاسبتهم وعقوبتهم بشكل لم يسبق له مثيل , بما فيهم أفراد عائلته وعلى رأسهم أولاده عدي وقصي رحمهم الله , وخال أولاده كما حدث مع ” لؤي خير الله طلفاح ” عندما اعتدى على أستاذ جامعي والقصة معروفة , وكيف عاقب قصي عقوبة صارمة , عندما تحرشت حمايته وليس هو بأحدى الفتيات العراقيات , وكيف عاقب ثلاثة أشخاص من حمايته الخاصة عندما اعتدوا على شرف عراقيتين في منزلهما في منطقة زيونة وكن بنات لضابط عراقي كبير إبان الحرب العراقية الإيرانية والقصة جداً معروفة , ناهيك عن أنه كيف تعامل بحزم مع الخائن المقبور حسين كامل , … ألخ من المواقف البطولية والعادلة التي لا تعد ولاتحصى التي اتخذها بحق أي شخص مهما كانت درجة قربه أو بعده منه , عندما يتعدى على القانون , أو يعتدي على حريات وكرامات وأعراض الناس .
هذا باختصار ما أردت أن أقوله عن مواقف هذا الرجل الأسطورة المشهودة على الصعيد الداخلي , لكن هنالك مواقف عظيمة ومشرفة له أيضاً على صعيد العلاقات الدولية , وخاصة المتعلقة بالدول العظمى كأمريكا وروسيا , والدول الإقليمية وعلى رأسها جارة السوء إيران الشر .
أود أن أوجزها بأربعة مواقف له فقط كي لا أطيل على القارئ الكريم , ولكي أطلع المتتبع على فحوى وسبب اختيار عنوان هذه المقالة , بأن الرجل كانت له مواقف مشرفة حتى مع خصومه وأعدائه ومع من كان ولا يزال حتى بعد رحيله يكن له العداء والحقد الأعمى .
الموقف الأول : التنازل للولايات المتحدة الأمريكية عن نفط العراق واعطائها الأولية في التنقيب والاستثمار , فرفض هذا العرض وأجابهم بأن النفط ليس مُلكاً لصدام حسين وأغلق هذا الباب بوجوههم .
الموقف الثاني : التنازل عن السلطة لنجله قصي صدام حسين , ورفض رفضاً قاطعاً , بأن السلطة في العراق ليست وراثية , وأغلق هذا الباب أيضاً بوجوههم .
الموقف الثالث : بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية مباشرة , ; كانت لدى النظام العراقي ة نية صادقة لفتح صفحة جديدة مع الجارة إيران وطي صفحة الخلافات إلى الأبد , والدليل على ذلك عندما زار نائب الرئيس السيد عزت إبراهم الدوري إيران إبان مشكلة الكويت , وكان حينها رئيس النظام في إيران ه هاشمي رفسنجاني , حيث أكد هذا الخبيث الفارسي للوفد العراقي بأنهم يقفون مع العراق قلباً وقالباً ويدعمون حقه في الكويت وأنها جزء لا يتجزأ من العراق … وطالبوه بعدم الإنسحاب ؟؟؟, شاهد الخبث والدهاء الفارسي , وأخبروا العراق بأنهم سيقفون مع العراق في حال وقع عدوان عليه ؟؟؟, والدليل على صدق نوايا العراق تحسين تلك العلاقات تم الاتفاق معهم على نقل الطائرات المدنية والحربية إلى إيران من أجل حمايتها من القصف الأمريكي المحتمل !, وحدث ما حدث بعدها والقصة معروفة للقاصي والداني كيف خانت إيران الأمانة , وكيف ساهمت في صفحة الغدر والخيانة بعد انتهاء حرب الخليج الثانية .
الموقف الرابع : عندما تأكدت إيران بأنه لا جدوى من معادات العراق وأنها هي وعملائها غير قادرين على قلب وتغير نظام الحكم فيه , لجأت إلى أسلوب آخر رخيص يدل دلالة واضحة بأنهم أخساء وأراذل ليس لديهم قيم ولا مبادئ كما هم العرب وأرادوا الغدر بما يسمى المعارضة العراقية , فتقدموا باقتراح وطلب مغري جداً للقيادة العراقية آنذاك …
وعرضوا على الرئيس الراحل تسليمه كافة المعارضين العراقيين لنظامه المتواجدين في إيران وسوريا وعلى رأسهم السيد محمد باقر الحكيم وأخوه وبقية الشلة والعصابة المعروفة , كل هؤلاء مقابل شخص واحد أتعرفون منْ هو .. أنه ” مسعود رجوي ” نعم شخص واحد مقابل كل هؤلاء الذين عاثوا ويعيثون في العراق الآن قتلاً وخراباً ونهباً وفساداً منذ بداية نكبة الاحتلال وحتى يومنا هذا .
لكن المفاجأة كانت صاعقة ومزلزلة عندما رفض الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله , تسليم اللاجئ إليه , والمستجير به , والموجود تحت حماية وضيافة العراق العظيم , نعم هذه الخصال والصفات وغيرها التي كان يتصف بها هذا الرجل , وهذه هي المبادئ وقيم الرجولة والمروءة عنده , أبى أن يسلم رجل واحد مقابل مجموعة كبيرة من المعارضين لنظام حكمه ومن ألد أعدائه وخصومه ومن الد وأعداء وخصوم العراق أرضاً وشعباً .
السؤال الذي يطرح نفسه :
ماذا لو وافق صدام حسين على هذا العرض الإيراني المغري !؟, هل كنا اليوم نرى هذا المشهد المقرف والمؤلم الذي يمر به العراق , وهل كنا سنرى كل هذه الوجوه الكالحة وكل عصابات القتل والجريمة المنظمة والنهب والسلب والسرقات وضياع أكثر من نصف مساحة العراق وتسليمه بيد الإرهابيين .
أترك الجواب للمنصفين ….