23 نوفمبر، 2024 4:54 ص
Search
Close this search box.

تأجيل امتحانات السادس الإعدادي لما بعد عطلة العيد

تأجيل امتحانات السادس الإعدادي لما بعد عطلة العيد

عرض السيد احمد الصافي ممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة أثناء خطبة الجمعة الأولى من رمضان المبارك الحالي , طلبات مجموعة من طلبة السادس الإعدادي المتضمنة التماسا بتأجيل الامتحانات النهائية لما بعد عطلة عيد الفطر المبارك , بسبب وقوع الامتحانات ضمن شهر تموز وقيام الطلبة بأداء فريضة الصوم وضعف تجهيز المواطنين بالكهرباء حيث تصل درجة الحرارة إلى الخمسين مئوية في شهر تموز الذي تقع فيه الامتحانات هذا العام , ومن سمع خطبة الجمعة أو نقلت له أخبارها بأمانة , فانه عرف بان ما تم عرضه ليس من باب الإفتاء والأمر وإنما من باب اطلاع المسؤولين ذوي العلاقة على الموضوع حيث ترك لوزارة التربية الخيار في اتخاذ ما تراه مناسبا من الحلول بضوء الظروف , ولم تكن هذه المرة الأولى التي تعرض فيها المرجعية طلبات المواطنين انطلاقا من دورها الأخلاقي والاجتماعي وأدوارها الأخرى المسؤولة , ومن الواضح جدا إن عرض موضوع الامتحانات لم يكن غرضه إلزام وزارة التربية بتأجيل الامتحانات , لان المرجعية هي صمام الأمان للمجتمع ويمكنها تشخيص بعض المواقف وتقديم النصح للجميع .

وقبل أن تجتمع الأجهزة المعنية في وزارة التربية وتبدي رأيها بهذا الخصوص , راح البعض يروج بتأجيل الامتحانات بل إن البعض اعتقد بان تأجيل الامتحانات بات حقا وسوف لا يتم التنازل عنه حيث اقترن ذلك ببعض التظاهرات , وكما هو معروف فان الحالة النفسية الايجابية المستقرة لطلبة السادس الإعدادي مهمة لهم جدا قبل وأثناء وبعد تأدية الامتحانات , بسبب المرحلة العمرية لهم وما تعنيه ( البكالوريا ) ونتائجها في تحديد مصير الطلبة بشكل عام , فالمعدل الذي يحصل عليه الطالب يعول عليه في الانتقال إلى المرحلة الجامعية واختيار القنوات التخصصية وتحديد المستقبل المهني , وقد مررنا بهذه المرحلة المهمة وأدركنا من خلالها أهمية معدل التخرج في تحديد المرحلة اللاحقة من الحياة , وموضوع تأجيل أو عدم تأجيل الامتحانات لا يزال يشغل حيزا من اهتمامات العائلة العراقية , لان العائلة التي لديها طالب في السادس الإعدادي كأنها هي التي تؤدي الامتحانات , وقبل ساعات من كتابة هذه المقالة سألني البعض هل ستؤجل الامتحانات أم لا ؟ , ولأنني لا امتلك الجواب فاني احمل التربية مسؤولية السكوت حتى هذا الوقت فأوقات طلبة السادس الإعدادي مهمة ويجب استثمارها بجد .

ورغم إن سكوت وزارة التربية لا يعني بالضرورة من علامات الرضا , فان بقائها بدون ردود واضحة وأكيدة سيجعل بعض الطلبة بين احتمالين التأجيل أو عدم التأجيل , سيما وان بعضهم قد باشر بالصوم لأداء واحدة من الفرائض المقدسة التي لا تؤجل إلا بتوافر بعض الشروط التي قد لا تنطبق على الجميع , وهناك من يعتقد بان التربية بانتظار اجتماع مجلس الوزراء الذي يعقد أسبوعيا كل يوم ثلاثاء لإعطاء الرأي النهائي بخصوص الموضوع , ولحين صدور تصريح من وزارة التربية فبودنا أن نطرح بعض التساؤلات , وفي مقدمتها هل قامت الوزارة باختيار الموعد المناسب عندما خططت في تحديدها لمواعيد الامتحانات النهائية للسادس الإعدادي لهذا العام , باعتبار إن الموعد يقع في شهر تموز ويتداخل مع شهر الصوم ؟ وهل تم التنسيق اللازم مع وزارة الكهرباء لتامين الكهرباء لجميع المراكز الامتحانية ؟ , ففي تموز العراق لا يعني تشغيل المراوح الكهربائية كافيا لإيجاد البيئة الملائمة للامتحانات لان ( المبردة ) غير كافية لتلطيف الأجواء مما يتطلب تشغيل أجهزة التكييف , علما بان التنسيق مع وزارة التعليم العالي لأداء امتحانات الذكور في بعض جامعاتها لا يعني بان جميع المراكز الامتحانية ستكون بكامل الاستعداد .

وبعيدا عن العواطف والانفعالات , نستطيع القول إن اختيار الموعد الحالي لأداء الامتحانات النهائية للدراسة الإعدادية غير ملائم من حيث وقوعها ( الامتحانات ) في قلب فصل الصيف في العراق واقترانه بشهر الفضيلة الذي يوجب الصوم على طلبة السادس الإعدادي ذكورا وإناثا من المسلمين , فالصوم في هذه الأيام يشكل صعوبة على الجالسين بمنازلهم تحت التبريد دون التزامات محددة , فكيف يستطيع أدائها الطالب وهو في مرحلة تحديد المصير , وكما هو معروف في الشريعة الإسلامية فانه لا يمكن تأجيل فريضة الصوم بسبب الامتحانات لان العذرين الشرعيين البارزين هما المرض والسفر , اخذين بنظر الاعتبار افتقار اغلب المراكز الامتحانية إلى وسائل التبريد التي توفر البيئة الملائمة لأداء الامتحانات , وأية امتحانات إنها امتحانات السادس الإعدادي التي يشارك فيها أكثر من 150 ألف طالب كل عام , والتي تشير نتائج سنواتها السابقة على عدم تجاوز نسبة النجاح 50% في الدور الأول عندما كانت تؤدى في شهر حزيران وفي أيام الإفطار وليس الصوم , وقد يقول أحدا ليس جميع الطلبة يصومون ولهم نقول إننا نقيس على القاعدة وليس العكس , فغالبية الطلبة هم من المسلمين وفي سن التكليف الشرعي بالصوم .

وفي حالة استخدام التخطيط الجيد المقترن بالاستثمار الكفء للموارد البشرية والحوافز في وزارة التربية , فان بإمكانها أن تلبي حاجة الطلبة في تأجيل الامتحانات النهائية للسادس الإعدادي , من خلال تقليص مدة الامتحانات بين درس وآخر وتصحيح الدفاتر الامتحانية بوقت مدروس, وبشكل يؤمن إيصال نتائج الدورين الأول والثاني لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في مطلع تشرين الأول لأغراض القبول المركزي , ويمكن استثمار المدة من 21/7 لغاية 5/10 لانجاز متطلبات امتحاني الدور الأول والثاني من دون أن يؤثر ذلك على امتحانات ومواعيد دوام طلبة الصفوف غير المنتهية , وليس الغرض من هذا العرض هو التشجيع باتجاه تأجيل الامتحانات وإنما لغرض الإشارة بأنه يمكن انجاز اكبر الأهداف بالتخطيط , ولبلدنا تجارب متعددة في هذا الخصوص فبعد حرب سنة 1991 تم أداء الامتحانات رغم إن الحرب وقعت في نصف السنة واغلب البنى التحتية تدمرت والدولة شبه منهارة , وتكرر الموقف سنة 2003 عندما وقعت الحرب في النصف الثاني من العام الدراسي والبلد يعيش بلا نظام , ورغم ذلك تم تفويت الفرصة على من شاء هدر العام الدراسي على العراقيين , فالعبرة في النجاح يأتي من المتابعة الدقيقة أولا بأول وليس المذاكرة في ليلة الامتحان .

أحدث المقالات

أحدث المقالات