يحكى ان جحا الشخصية الاسطورية كان نائما، فايقظته زوجته على صوت عراك خارج الدار، وكان الجو باردا، فالتف بلحافه وخرج ليرى الامر، وما ان وقعت عيون المتخاصمين عليه، حتى هرعوا اليه واخذوا اللحاف وهربوا، فعاد جحا فسألته زوجته مالامر؟ فقال: ( العركه من طرف اللحاف)، ونحن بانتظار المسمار الآخر الذي سيدق في نعش داعش، بعد مسمار الانتخابات التركية التي عصفت بحزب اردوغان وامنياته في عودة السلطنة العثمانية وتقسيم العراق، المسمار الثاني سيكون في قلب اميركا، عندما يذهب صاحب الوجه الاسود بوجهه الى الجحيم.
كل الذي جرى للعراق هو من طرف اللحاف، فاميركا جاءت للتقسيم بحسب مشاريعها الستراتيجية، ولكن ما ابداه الشعب وبعض السياسيين جعلها، تدعو الى سياسة (اليشوف الموت يرضه بالصخونه)، وستبقى اميركا تسعى خلف هدف تقسيم العراق، حتى يبتليها الله بمصيبة، او ربما يخسر الديمقراطيون الانتخابات المقبلة، اميركا جعلت من العراق عراقا للطوائف بعد ان سمحت للجميع باقتناء السلاح، وحرصت على تسليح ماتسميه بالاقاليم بحسب جدولتها، فصار البعض يتوجس من البعض الآخر وتنازل عن شعارات الوحدة والعيش بسلام.
ماتفعله اميركا من ادامة لزخم المعركة، مرة الى جانب داعش واخرى الى جانب القوات الامنية العراقية واضح وجلي، في حين بدا رئيس الوزراء حيدر العبادي في المؤتمرين الاخيرين في باريس والمانيا كالمغلوب على امره، ويكاد يصرخ باعلى صوته انه وقع بين المطرقة والسندان، وواجه اميركا بحقيقة ماتفعله في العراق، فرأى اوباما ان تغيير ستراتيجية اميركا في العراق بات من ضرورات المرحلة المقبلة، فقرر ان يبعث باربعمئة وخمسين مدربا، بعد معارضة الكونغرس ارسال عشرة آلاف جندي اميركي الى العراق.
هذا اللف والدوران معروفة نهايته، واميركا تسعى الى هدف طالما اعلنته على الملأ، ولم تخش في هذا لومة لائم، تريد ان تطحن العراق في حرب لا اول لها ولا آخر ، حرب للعصابات تدوم الى ماشاء الله، داعش الذي تصبغه اميركا وبعض اعوانها بصبغة الدولة الاسلامية وهي تعلم تأثير هذه التسمية على بقية طوائف العراق، لا تكاد داعش تختفي في محافظة حتى تظهر في محافظة اخرى، والجميع
يدفع الدماء والمال من اجل الصمود بوجهها وهو يعلم علم اليقين ، ان العركه من طرف اللحاف.
ماجرى في تركيا يعطينا املا كبيرا من ان خطط اميركا بشأن تقسيم العراق باتت غير مؤثرة بغياب حليف قوي لداعش وهو حزب العدالة والتنمية التركي، واول المتأثرين بهذا التغيير سيكون اثيل النجيفي وحشده الشعبي الذي يعده هيكلا لقوات تركية كان يحسب انها ستدخل معه لتحرير الموصل، فراحت احلامه ادراج الرياح، وعلى هذا الاساس ستشهد الاشهر المقبلة انحسارا كبيرا لتدفق داعش عبر حدود العراق مع تركيا، وستكون الاجرة لنقل افراد داعش من اسطنبول الى الموصل اكثر من 100 دولار.
ومن جهة اخرى صارت السعودية مشغولة حتى النخاع بالحوثيين، وهذان قطبان من اقطاب المعركة التي يخوضها العراق سيستسلمان للحياد مجبرين، عندها من الممكن ان تستفرد القوات الامنية بداعش وتقطع عنها المساعدات، وتجبرها على التمركز في منطقة قتل معدة من قبل القوات الامنية العراقية لتنهي اسطورة داعش باقل الخسائر وبوقت قياسي، اضف الى ذلك ان التحركات التي سيزيد من حدتها رئيس الوزراء ربما اقنعت العالم المتمدن بعدالة قضية العراق، ونعود باللحاف ثانية، ونخرج اللصوص والقتلة من بلادنا، اذا ما تمسكت الاردن بنهجها المعتدل، ولم تطمح الى التوسع برأس العراق وسوريا.