18 ديسمبر، 2024 10:09 م

الداخل أولى من الخارج

الداخل أولى من الخارج

تتصاعد الاتهامات بين اقطاب العملية السياسية مع كل نشاط خارجي يتم الاعلان عنه او يجري الاعداد له لتنظيم مؤتمرات او عقد لقاءات او ندوات لبحث مستقبل العراق وقد استهوت الكثير من قيادات الاحزاب والمكونات وممثليها لغة التهديد والوعيد لتقرير الكثير من الاستحقاقات السياسية ومع كل اجتماع في العواصم العربية والدولية معني بالقضية العراقية يتم استحضار الشروط واستباق الاحداث والادعاء بأن هذا الطرف او ذاك يملك الشرعية الكافية لرسم خارطة جديدة لمستقبل الاوضاع في العراق وماان تنفض هذه الاجتماعات حتى تتكشف التفاصيل وماجرى التداول بشأنه خلف الكواليس وداخل الغرف المغلقة ثم يبدأ فصل جديد من التخوين وفضح الاسرار والتنصل من الوعود ورمي الاتهامات بفرض الارادات من دون ان يشعر هؤلاء الذين استمرأوا التلاعب بمشاعر ملايين العراقيين واستهواهم الاستهانة بمبادئ وقيم وطنية تحرص الشعوب والامم على عدم تجاوزها بمدى الاذى الذي سببوه لوطنهم ونحن هنا لسنا بصدد الانتقاص من أي اجتماعات خارجية جرى تنظيمها او او يجري الاعداد لها ولكننا في الوقت نفسه نريد التذكير باعراف وتقاليد واخلاقيات تم ويتم التعامل معها في ازمات ومشكلات وقضايا وقعت وتحدث التاريخ السياسي عنها كثيراً وفي مقدمة هذ القيم والاخلاقيات هو الحرص على التمسك بالحوار الداخلي في أية ازمة او خلاف بين الفرقاء واستنفاد شتى المحاولات والطرق للتقريب بين الاطراف والجهات المختلفة مهما كانت مضامين هذا الاختلاف وعندما يعجز اهل الحل والعقد والحكماء ومن اوكلت لهم مهام تنقية الاجواء وتصفير المشكلات عن ايجاد مخارج للحلول حينها يمكن القبول او التوجه نحو المبادرات الخارجية وسماع اصوات اخرى وهذا الاستحقاق هو الاخر مشروط بالاختيار الدقيق للصديق او الحليف او الوسيط الذي يروم جمع من اختلفوا داخل الوطن وثمة شواهد وتجارب تحفل فيها احداث عربية ودولية يمكن الاتيان بها او استحضارها لتكون برهاناً او دليلا لمن اخفقوا او فشلوا في تحديد بوصلة التوجه نحو الخارج فليس كل مشاريع التسوية التي تتبناها وتدعو لها دول وانظمة وجهات وشخصيات خارجية تحمل في طياتها حسن النية وهناك اليوم من يحمل اجندة واهداف ومصالح تستهدف وحدة الشعب العراقي وبث الفتنة والفرقة بين مكوناته وعلى الذين يصرون ويتمسكون ويؤمنون بأن مستقبل العراق تقرره العواصم في الشرق والغرب ان يتيقنوا اولا بانهم نفضوا ايديهم من أي امل او محاولة لاستيعاب اصواتهم وافكارهم ومشاريعهم من الاطراف الاخرى اما اللهاث من دون وعي او حكمة او احترام وراء مشاريع التسوية الخارجية فهو يعني التجرد من الوطنية وتكريس التبعية للاخر والانسلاخ من خارطة الوطن والاستعداء والرفض لارادة الملايين من الشعب العراقي .

نقلا عن الصباح الجديد