17 نوفمبر، 2024 9:46 م
Search
Close this search box.

ماذا يراد من دعوات بعدم تسييس التظاهرات؟

ماذا يراد من دعوات بعدم تسييس التظاهرات؟

سأل الفيلسوف البريطاني الساخر برنارد شو يوما، احد مواطنيه، لأي جزب ينتمي، فأجابه المواطن، انه لايتدخل في السياسة، اجابه شو، أي ان سياستك عدم التدخل في السياسة. اوردت هذا المثل، بمناسبة التظاهرات الشعبية التي تجتاح بلدنا هذه الايام للمطالبة بالحقوق، ومعظم المشاركين فيها هم من فئة الشباب، من جانب آخر تنطلق دعوات أغلبها من احزاب وتيارات السلطة، بعدم تسييس التظاهرات، أقول لهؤلاء، اليس المطالبة بتصحيح العملية السياسية ومحاربة الفساد وتغيير الفاشليين الممسكين بزمام السلطة من عام التغيير في 3 نيسان عام  2003 حتى الان هو عمل يدخل في صلب السياسة؟ لماذا وجدت اصلا الاحزاب والتيارات السياسية اذا لم تمارس دورها  لتطبيق برامجها السياسية في توفير الخدمات والامن والعمل للمواطنيين؟ ان الدفاع عن مصالح الشعب، اساس وجودها وسر ديمومتها، فهل ان تلك الاحزاب هي منتديات اجتماعية وسياسية حسب؟ لماذا يا احزاب وتيارات السلطة تستخدمون الدين لاغراضكم السياسية، والدين هو ملك للجميع؟ ولماذا تستغلون المناسبات الدينية وتسخرونها لاهدافكم السياسية ايضا؟ نستخلص مما ورد ان كل شيء هو سياسة.
اقول للمتظاهرين، الشباب منهم على وجه الخصوص، ومن خلال تجربتي في العمل السياسي منذ اكثر من ستة عقود، ان العمل الفردي لا ينتج شيئا، ان لم يكن عملا منظما دأوبا يتصدى له القوى السياسية الوطنية ذات التجارب التاريخية في النضال الوطني، المعروفة بنزاهتها وايثارها وتضحياتها على مر تاريخ وجودها على الساحة السياسية، لذلك تحاول احزاب السلطة من ابعاد الجماهير المنتفظة عن الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية الحقيقية، لانها البديل الحقيقي لخلاص الشعب من الفاسدين والفاشلين، وعلى القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية والليبرالية، النهوض بواجبها في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العراق، وان لاتتهيب من تلك الدعوات الخبيثة التي تريد عزل الجماهير عن ممثليها الحقيقيين، عليها النزول الى الشارع بكامل ثقلها وتكون في طليعة الجماهير المنتفظة، وترفع شعاراتها وتوجه الجماهير الى وجهتها الصحيحة، كما كانت طيلة ايام نضالاتها، عبر تاريخ وجودها، فهذه فرصة تاريخية للشعب ولها، لان الجماهير المنتفظة تمثل كافة شرائح ومكونات المجتمع ومطاليبها واحدة، اما اصحاب السلطة فيدعون تمثيلهم لمكون معينا من الشعب، لكنهم لم يحققوا شيئا يذكر للمكون الذي يزعمون تمثيله، لذلك هم مرعوبون من النهوض الجماهيري، ويخافون ان يجد شعبنا ضالته في تلك القوى الشريفة النزيهة. فنراهم يرفعون شعار عدم تسييس التظاهرات! خوفا وهلعا على مستقبلهم السياسي.

أحدث المقالات