بعد ماجرى من احداث تلت عام 2003 وزوال النظام البعثي إستبشر اغلب العراقيين خيراً بان حقبة جديدة مشرقة سيشهدها هذا البلد المُبتلى بالحكومات الدكتاتورية الظالمة رغم انه من اقدم الدول بمفهومها الحديث ، وكان للأسس التي قامت عليها السياسة العراقية بعد هذا التاريخ الأثر الكبير في تصنيف من تصدّر المشهد السياسي الى فئات وطوائف بعضها ديني وآخر قومي ولكون تلك التصنيفات اوغلت تمكيناً في عالم السياسة فقد تحدد تشكيل الحكومات اللاحقة وفقاً لذلك التقسيم بحيث يكون التراضي بين الاطراف هو سيد الحلول او ما اصطلح عليه ( توافقاً ) لحفظ ماء وجه السياسة العراقية.. وكلما همت ازمة ان تُطلَ برأسها على استحياء في الساحة السياسية العراقية ولّدَ ذلك مراثون في التصريحات من جميع الاطراف السياسية نتيجة قبول او رفض لاحداث تلك الازمة بين هذا الطرف او ذاك اعتماداً على مبدء التوافق او التراضي ( حفظه الله) ، فنجد هذا الطرف يُنكِرُ على الاخر قبولة لواقعة سياسية كونها لاتتناسب وتوجهات كتلتة السياسية او تتعارض مع امتداده الاقليمي حتى وان كان ذلك على حساب مصلحة البلد الذي ينتمي اليه ( ان كان صادقاً بذلك الانتماء ).
ما اريد الحديث عنه بعد هذه المقدمة الطويلة ان السياسيين العراقيين باتوا يتسابقون في اختلاق الازمات ويُكمِلونَ سباقهم باشعال الساحة بعد ذلك … تصريح رئيس الوزراء العراقي السابق (صاحب الثمان سنوات ) قبل ايام حول الاحداث وتصنيفه لها بانها ثورة سنية ضد الشيعة يؤكد بلا ادنى شك ان مسلسل الازمات لازال يحتوي الكثير من الحلقات شأنه في ذلك شأن المسلسلات المدبلجة ومباريات الكابتن ماجد التي كانت لها بداية ولاتعرف نهايتها المهم ان يتم اطالة امدها حتى وان استغرق تسديد ضربة جزاء من الكابتن ماجد اسبوعاً كاملا ، بالعودة الى التصريحات المقززة التي صدرت من (صاحبنا ) فانا اجد بانها لم تكن عشوائية او زلة لسان غير مقصودة ولو لم يكن الرجل يعي مايقوله لما تحدث بها ، ولو استرجعنا الاحداث التي كان الرجل يستعين بمصطلح الطائفية لوجدنا انه كان يلوح بها كلما شعر ان الامر سيخرج من بين يدية ويتبعة بذلك جوقة من السياسيين الذين يجترون تلك التصريحات ويعيدونها ويكررونها وفق مبدء (صورني وانا اصرح ) لايصال رسالة اني معكم. بعد انتخابات عام 2010 وتصدر القائمة العراقية لنتائج الانتخابات تدخل اللوبي الشرقي وبسط اوراق اللعبة امام المحكمة الاتحادية لكي تتخذ قرارها بان الكتلة الاكبر داخل قبة البرلمان هي من يشكل الحكومة وفي حينها استخدم ( صاحبنا) مصطلح الطائفية في الكثير من المناسبات فلا يكاد يمر اسبوع دون ان يستخدم ذلك المصطلح الى ان جاء مؤتمر اربيل وتتشكل الحكومة بولادة قيصرية ولم يكف الرجل عن التلويح بالطائفية رغم ذلك فوصف خصومه في اغلب احاديثة وفقاً لطائفتهم لا لعراقيتهم وكأنه هو صاحب العراق والباقي هم دخلاء عليه .
وطيلة فترة الحكم تلك كان عالم السياسة العراقي يمر بكر من طرف وفر من طرف آخر بمعزل عن طموحات الشارع العراقي بان يرى بلده وقد خلع عباءة الفقر والتبعية الاقليمية لعيش مؤثراً ومتأثراً بمحيطه لكن الامور سارت عكس ذلك والفضل يعود لحفنة الساسة المراثانيين بتصريحاتهم فراح اغلبهم يقضي الوقت امام عدسات الكاميرات اكثر من انشغاله بمتطلبات من اوصله لهذا المنصب او ذاك وانا اسأل هنا هؤلاء الساسة الى اي مدى يمكنكم المطاولة في سباقكم هذا والى اي مدى يمكنكم اختلاق الازمات ؟ ألا يمكن لكم ان توجيه هذا المجهود نحو مصلحة البلد بدلاً من هدر الوقت بسباق لايغني ولايسمن المواطن العراقي بل انه برما يقضي على اعداد من هؤلاء العراقيين نتيجة المناكفات والصراعات المراثونية بينكم؟