18 ديسمبر، 2024 11:15 م

المدرسة العراقية الجديدة ليس كل ما يتحرك عدوا

المدرسة العراقية الجديدة ليس كل ما يتحرك عدوا

على مر العصور يعلم القاصي والداني أن اكثر الحروب صعوبة وقسوة وتدميرا وتاثيرا على البشر والشجر والحجر هي حرب الشوارع والجيوش التي تدخل في هذه الحروب هي جيوش صعبة المراس قاسية الصفاة لا تتوانى عن القتل لكل ماهو يسير على الارض سواء على اربع او زحفا او حتى بجناحين وفي هذه المعارك التي تحدث في الشوارع والازقة وبين الدور وأحيانا من بيت الى بيت ومن شقة الى شقة الخاسر الاكبر فيها هم أهل المدينة التي لم تسعفهم الظروف ليخرجو بأرواحهم تاركين كل مايملكون الا الروح ويعطون لسيقانهم العنان للهرب من هذه المجزرة المؤكدة .
لذالك من النادر ان تسمع أو ترى او تعتقد أن هناك من يمدح أو يثنى على قوة عسكرية تدخل في حرب الشوارع وتقاتل عدو لها مدرب على هذا النوع من القتال ولايهمه من يقتل وكم يقتل المهم هو الايغال بتدمير العدو ومن معه ومن خلفه خاصة اذا كان ذالك العدو يتحرك على ايقاعات فتاوى تصدر من اشخاص بالنسبة له لهم قدسية خاصة لا تخطأ ابدا ويمنونه بالموت ليلتقي هناك مع الحور العين والغلمان المخلدون والشراب الابيض والاحمر وهؤلاء العقائديين بغض النظر عن معتقداتهم ليس لديهم ما يخسرونه فترى مثل هكذا معارك تدور رحاها في المدن تكون معارك شرسة يشيب لها الرضيع قبل المسن وتهرب المرأة تاركة رضيعها ويهرب الرجل تاركا خليلته أنه الموت الاحمر بكل ما تحمل هذه التسمية من معنى .
ولدت عدة مدارس في هذا النوع من القتال وخرجت تلك المدارس العشرات من الوحدات المدربة على هذا النوع من القتال ولكل مدرسة ميزاتها ومواصفاتها وأنواع تدريباتها وتعتبر المدرسة الامريكية اليوم من أكثر المدارس تدريسا في الاكاديميات العسكرية ولو أن هذه المدرسة لها ميزة تدميرية كبيرة فهي تعتبر ان المقاتل في هذه المعركة مباح له قتل كل ماهو يتحرك مهما كان نوع هذا الكائن لان الجميع عدو له لذالك ترى الخراب والدمار يسير مع اولئك المقاتلين وهم يستعينون بأحدث الاجهزة المتطورة حتى لو تطلب الحال اشراك الطائرات لمعالجة هدف واحد بسيط اي يعني ربما تدمير ما حوله لمساحة اشعاعية تصل لمئتي متر وبالتالي ترى أن الامريكان يهتمون بالوقت وانهاء المهمة ولايهمهم من يموت ومن يبقى وايضا المدرسة الروسية والاسبانية التي تعتمد ايضا على مثل هذا النوع من القتال الذي ينتهي دائما بالدمار وأحيانا ان تلك المدارس تعطي الحق لمقاتليها بقتل اناس يتعاطفون معهم لكنهم موجودين في المكان والزمان الخطا كما حصل في المسرح الذي احتله الشيشانيين وانهت تلك القوات بأستعمال الغاز القاتل لينهي كل شيء ومنهم اشخاص روس كانو يتمتعون بمشاهدة المسرحية .
اليوم تدور في ا لذهن عدة اسئلة لا تجيب عليه الا الوقائع على الارض مثلا ..
كيف تقاتل أشخاص مدربون تدريب محترف في قتال بين الناس وفي كل الظروف وقد انحدروا من مدارس دربتهم على يد جيوش مختلفة ومتنوعة منها الشرقية والغربية والأمريكية والروسية وعدد كبير من الخطط في هذا النوع من القتال ؟
وكيف تتعامل مع مستحدثات آنية وأسلحة تتغير بسرعة وتتطور ايضا بسرعة حسب ظروف المعركة ؟
هذه الاسئلة وعشرات منها اليوم اصبحت اجوبتها واضحة وقد اجيب عليها مقاتلي القوات الامنية العراقية مثل الشرطة الاتحادية ووحدات مكافحة الارهاب وقوات الرد السريع وقوات الجيش والوحدات الساندة التي تقاتل في الجانب الايمن من مدينة الموصل تقاتل عصابات داعش المدربة تدريبا عالي ليس له مثيل وهي تتمترس خلف المواطنين وعلى دراية تامة بالمدينة ولها المبادرة في التحرك داخل الازقة والشوارع لانها اصلا موجودة فيها وليس مطاردة ولا تعرف الظروف في تلك المدينة وربما بعضهم من اهالي المدينة وهذا يعطي قوة اضافية وزخما كبيرا لان هؤلاء المقاتلين يستطيعون التخفي وقتما يشاءون مع اهاليهم ويضيعون ويستطيعون العودة بسرعة لحمل السلاح والقتال بعد أن استحصلوا على الامان وانسانية الجانب الاخر .
الذي يجري اليوم قلب كل التوقعات ونسف كل الدروس والتجارب التي استسقى منها المدربون تعاليمهم حتى لو ان الوقت اصبح هامشيا ولايحسب له حساب المنتصر والخروج بسرعة من مأزقه تبقى لدى هؤلاء المقاتلين العراقيين تحرير الناس قبل الشارع والبنايات والحدائق وهذا الذي يجري اليوم في المدينة القديمة ذات الازقة الضيقة والبنايات المتلاسقة مع بعضها البعض فالمفخخة والمسيرة الجوية والتمترس خلف الأطفال والقتل العشوائي صار لدى هؤلاء العراقيون مخارج يستطيعون تطويع الظرف لقتل العدو قبل اصابة الطفل والمرأة على الرغم من مفاجئات خروج السيارات المفخخة من دهاليز البيوت لكن صارت معالجتها والتصدي لها متوقع بأستخدام اسلحة مناسبة لها .
اي جيش في العالم لايتمنى ان يقاتل هؤلاء الدواعش وهم أشخاص يؤمنون بعقيدة راسخة مشبعة بدقائق دمائهم التي تسير في اوردتهم صعبة انتزاعها وتغييرها من أدمغتهم المغسولة ناهيك الى ان ذالك المقاتل قدم من اجل ان يموت وليس لديه مايخسره والموت بالنسبه له هو الحياة والعيش مع الحواري وفي جنان الله كما صور له الحال بعد الموت حتى حسب له وعدوا له عدد الحوريات التي سيلتقي بهن واشكالهن وانواعهن وبأوصاف غريبة لايمكن تخيلها الا وهي تخرج من افواه طلاب القتل والذبح ودخلت مباشرة وعششت في أدمغة هؤلاء لذالك فهؤلاء لايهمهم الا ان يقتلوا ويذهبوا الى حال سبيلهم الذي اخبرهم به اصنامهم وبالتالي من الصعب التعامل مع هؤلاء الا بالقتل السريع ولابد ان يكون اسرع من ردات فعلهم وهم يختبؤون خلف النساء والاطفال والعجزة لذا رأينا المقاتل العراقي يقاتل بهدوء جدا (مع المؤاخذة الشديدة على هذا الهدوء لانه ربما يؤدي الى الكارثة ) ليستطيع ان يفرز العدو من الشخص الذي يقف امامه او خلفه حتى يحصل على مراده الصعب الذي ربما اي انتظار يودي بحياته لكن تدريبه المهني وصبره جعله متفوقا ..
الذي لا حظناه في هذه المعركة تواجد كبار الضباط وخاصة الاركان وهم يحملون ذات السلاح الذي يحمله الجندي و قريبين يوجهون معياتهم بهدوء ويتعاملون ايضا بهدوء ويربطون ما تعلموه في مدارس الاركان وما هو حاصل الان في القتال مع داعش وبالتالي فأن المقاتل الجندي لايمكن أن يتهور ويتسرع وهو يجد مسؤوله يقاتل بجانبه ويعطيه زخما معنويا وبما ان هؤلاء بالتأكيد هم اساتذة عسكريين كل لحظة سيبتكرون جديد في التعامل مع العدو وعلى اساس الوضع سيبتكرون الخطط التقدم والتراجع والاندفاع والتوقف حسب مايجري من تطور في الشارع ومع العدو ,, حتى المدرسة العراقية في حرب الشوارع لم تكن كذالك سابقا ولها قوات معروفة سابقا كالقوات الساعقة والقوات الخاصة والحرس الجمهوري وهذه لها ميزات قتالية هائلة كما رأيناها كيف توغل في القتل لكل ماهو يسير ويتحرك والانتفاضة الشعبانية والمواجهات االتي حصلت مع الانتفاضيين في مدن البصرة وميسان والحلة خير دليل على قسوة التعامل مع العدو ,,
من هذا الحدث في معركة تحرير مدينة الموصل نستطيع القول والحديث عن ولادة قوة من الشباب القناصة ايضا المدربين تدريبا عالي ويحملون اسلحة فتاكة استطاعو ان يصدوا ويردوا قناصة القوات الداعشية والذي يعتبرون هم متميزين بهذا النوع من القتال ناهيك عن الاستخدام الامثل للاسلحة الساندة المرافقة لهم وهي تنشر رعبها فوق رؤوس الدواعش وحسب الاوامر الصارمة التي تريد انقاذ الناس وقتل العدو في أن واحد .
الكثير من القادة العسكريين وعلى مختلف دول العالم وحتى رؤساء ووزراء وبرلمانيين اثنوا ايما ثناء على القوات العراقية المقاتلة في الموصل وهي تتصدى لداعش في مدينة ذات ازقة ضيقة ممتلئة بالسكان وتستطيع السير والنصر شامخة وتسير بثقة كبيرة نحو تحقيق اهداف من الصعب تحقيقها على يد اي قوة في العالم بهذا الشكل .
نستطيع القول ان العراقيين اوجدوا لانفسهم دروسا جديدة في فن قتال المدن مختلفا كليا عن عن ماسبقته من دروس ومدارس كان واضعوا الخطط يتبجحون بأنتصاراتهم تلك .