رسالة سریة رسمیة وجهتها السعودیة الشهر الماضی إلی المسؤولین الفرنسیین تطلب منهم فیها تجمید العمل بصفقة تسلیح الجیش اللبناني المقررة ضمن الهبة السعودیة البالغة قیمتها 3 ملیارات دولار.
وسقط منها في بداية الطريق 150 مليون دولار لحساب شركة «أوداس» الرسمية الفرنسية لتوسطها في عقد الصفقة، وذلك من ضمن اتفاق نصَّ على منحها 5 في المئة من الهبة السعودية، من دون استبعاد وجود وسطاء آخرين في الصفقة المثلّثة الأضلاع.
هذه ( المكرمة ) العقيمة اصطدمت بالعراقيل منذ الاعلان عنها بعد زيارة رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان الى السعودية في كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٣م في طريقها الى النسيان كأخواتها من الهبات التي لم ير منها الجيش اللبناني طلقة واحدة.
بعد الاعلان عن تقديمها والاتفاق على أن تكون فرنسا هي الدولة المسلحة، اتفق الأطراف على البدأ بتسليم الأسلحة فور التوقيع على الاتفاقية و من ثم أجلت فرنسا تقديم السلاح بحجة أنها تريد وقت لتصنيعه فهي لا يمكن أن تفرغ مخازنها و تعطي لبنان سلاح جاهز
الاتفاق الاولي للصفقة الشبه النهائية بين لبنان وفرنسا، كانت على ان تشمل اربعة زوارق دورية من طراز «أدروا»(ADROIT) يبلغ طول الواحد منها 40 مترا، وهي قادرة على الابحار 20 يوما، ومزودة بمدفع ايطالي من عيار 76 ملم، بدلا من مدفع فرنسي من عيار 20 ملم، علما أن لبنان كان طلب تزويده بزوارق بطول ثمانين مترا، لحماية منشآته النفطية مستقبلا. ولكن عدم وجود احواض جافة تتسع لاصلاحها وصيانتها في السواحل اللبنانية، أدى الى صرف النظر عنها لمصلحة شراء زوارق بطول 40 مترا.
وقد امتنعت االولايات المتحدة التي تتحجج بالتوجه نحو قوانين الكونجرس الصارمة، التي تمنع إرسال السلاح المطلوب مباشرة من الجيش الأمريكي، والحقيقة خوفا من وصول هذا السلاح إلى أيدي مجموعات لبنانية إرهابية.” المنظور حزب الله ” وهو ما دفع الإدارة الأميركية، إلى الاستعانة بالأردن لإرسال سلاح أمريكي إلى لبنان، وهناك مسعى آخر لاتباع الخطوة نفسها مع الإمارات.وسعت واشنطن لإرسال طائرات الاستطلاع من الاردن واسلحة كان آخرها مدفع 155 ذاتي الحركة، والتي خدمت في القوات المسلحة عندها، على اعتبار أن الوضع على الحدود اللبنانية يحتاج إلى مساعدات سريعة، علماً بأن هذا النوع لم تكُن الولايات المتحدة تسمح بإرساله قبل سنتين..وصواريخ الهيلفاير والآليات المخصصة للتضاريس الوعرة لإثبات بأن السلاح الأميركي هو الأفضل في معركة الجيش ضد المجموعات الإرهابية،
الرسالة السعودیة وصلت الی الشرکة الوسیطة «اوداس» التی تشرف علی تنفیذ العقود والتواصل مع الشرکات، والتی ستقوم بتزوید الجیش اللبنانی بالأسلحة والمعدات التی تم الاتفاق علیها فی الثانی من شباط الماضی فی الریاض.تعلمهم بالتوقف عن تزويد لبنان بسلاح المذكور في الوقت الحالي وخاصة بعد الانتصارات الاخيرة للقوات اللبنانية مع قوات المقاومة الاسلامية في جرودعرسال والقلمون السورية ضد قواعد التكفيريين .
وكان الدعم السعودي هذا يأتي اساساً في محاولة لترجيح كفة الجيش اللبناني في وجه القوة العسكرية لحزب الله، في الوقت الذي تقدّم فيه السعودية دعماً سياسياً متواصلاً لحليفها المتمثل في قوى 14 آذار، بعد شراء ذمم الكثيرين منهم .لينساقوا خلف مصالح الرياض الطائفية . وكان مركزاً فرنسيا متخصصاً بشؤون الاستخبارات قد كشف في عام 2014 عن ان السعودية تمول نظاماً للتجسس على شبكة اتصالات حزب الله في لبنان بالتعاون مع المخابرات اللبنانية والفرنسية.
مع محاولات داعش لنشر عدم الاستقرار على طول الحدود اللبنانية الشمالية الشرقية مع سورية، أصبحت وظيفة حزب الله والقوات المسلحة ، باعتباره خط الدفاع الأخير، أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، وإذا أخذنا بالاعتبار الرغبة الإسرائيلية المعلنة بتحقيق الاستقرار الإقليمي، فإن الإسرائيليين يفترض ألا تزعجهم فكرة الدور الحالي لحزب الله، الذي يُتهم في كثير من الأحيان بأنه دولة داخل دولة، وذلك بالمقارنة مع الواقع المعاكس المتمثل بوجود خلافة داخل الدولة.
ايران من جانبها وعلى لسان امين المجلس الاعلى للامن القومي كانت ان اعلنت استعدادها لتقديم المساعدات للجيش اللبناني، “وإننا ما زلنا على العهد الذي قطعناه للبنان”. بعض الدول سبق وتحدثت خلال السنوات الماضية عن دعم الجيش اللبناني لكنها لم تفِ بما وعدت، بيد أن إيران لن تتأخر لحظةً عن المساعدة لو طلب منها الجانب اللبناني ذلك”، “اننا نرى ضرورياً دعم لبنان ليصبح قادراً على مكافحة الإرهاب المحدق به اليوم”. إن إيران مهتمة بلبنان وبأمنه، ولا سيما أنه يعاني اليوم أزمة قوية بسبب الإرهاب الذي يتعرض له. لذا، يعتبر أن من الواجب الوقوف إلى جانبه،
وقد سبق لبيروت وموسكو، ان سعتا الى تحقيق تعاون طويل الأمد، في مجال نزع الألغام والتخلّص من القنابل العنقودية. وشملت كذلك تقديم عشر طائرات من طراز «ميغ 29» كهبة لسلاح الجو اللبناني، ما ساهم في ضرورة توقيع اتفاق تعاون عسكري يرتكز على تزويد الجيش بالعتاد وتدريب العسكريين والضباط. والجدير بالذكر، أنه في متابعة للملف العسكري بين الجانبين، وبناءً على طلب الجانب اللبناني الذي قام بدراسات تقنية ومهنية تتعلّق بالهبة الروسية، وافقت السلطات الروسية على استبدال المساعدة العسكرية من طائرات «ميغ 29» بطوافات عسكرية من طراز «مي 24» المتطورة والتي تعتبر من أهم الطوافات العسكرية في الصناعة الروسية وسدّ حاجة الجيش الملحّة بتزويده بالمروحيات القتالية مع الصواريخ الخاصة بها.وفعلاً تم تزويد الجانب اللبناني وفق الاتفاق المبرم وحسب المدة الزمنية .دون اي تأخير
باتت الاستعدادات للمعارك المنتظرة القادمة ستختلف عن سابقاتها شكلاً ومضموناً، والقوات المسلحة والمقاومة يحشد لها في شكل غير مسبوق، عدة وعديداً، خصوصاً ان اكثر من طرف سيشارك في قتال الجماعات الارهابية المسلحة بعد تحرير جرود العرسال والقلمون بدءاً من الزبداني. ويقدّر ان يحشد القوات المسلحة وحزب الله نحو 10 آلاف مقاتل لهذه المعركة. وهي مستمرة في انتصاراتها بسلاح العقيدة والدفاع عن الوطن.