كثيرة هي المبادرات التي قُدمت منذ سقوط النظام ، وعقدت العشرات من المؤتمرات التصالحية التي لم تخرج ابداً برؤية وخارطة طريق واضحتان للمستقبل السياسي والأمني في البلاد ، لهذا أي مبادرة ربما تقرأ بإحباط عالي من الجماهير ، كونها لم تقف على اصل المشكلة ، كما انها لم تضع الحلول المناسبة للمشاكل والتي بدأت تأخذ بعداً طائفياً ، وتفرز تقاتل مذهبي لم يظهر الى العلن منذ قرون مضت ، وما نشاهده اليوم من سيطرة الارهاب الداعشي على المحافظات السنية ، والحواضن الخطيرة التي كشفت تآمر البعض على البلاد ، ومحاولة ايقاف اي محاولة لتقدم البلاد سياسيا واقتصادياً وامنياً .
تعد هذه المبادرة التي اطلقها السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي خطوة جدية نحو حلحلة الوضع السياسي الخطير الذي يعانيه بلدنا ، حيث وضعت مبادئ مهمة لهذه المبادرة وصيغت بطريقة تحفظ حقوق جميع المكونات العراقية دون تمييز ، الامر الذي يعطيها القوة في وقف التصدع في العلاقة بين ابناء الشعب العراقي الواحد .
وهنا ينطلق سؤال مهم ما هو الدافع من أثارة هذا الموضوع الحساس ، خصوصاً في ظل أجواء الشحن الطائفي ، والعمليات العسكرية في المناطق الغربية من البلاد ، والبركان الهائج في عموم المنطقة العربية والإسلامية بدءاً من ليبيا وحتى أفغانستان ، الامر الذي يثير الكثير من التساؤلات عن الجدوى من هذه المبادرة ، والمنطقة بإجمعها تسير نحو الحرب والاقتتال والتمزيق .
المبادرة التي لم تحمل عنوان المجلس الاعلى ، ولا اسم رئيسه ، بل حملت هموم الشعب وتحاول فك شفرات العلاقة المعقدة بين اطيافه ، وتقريب وجهات النظر بين سياسيه بما يخدم وحدة ارضه وشعبه ، كما انها جاءت لتهدئة وحلحلة المواقف جميعها ، ورغم الحساسيات والانتقادات من البعض على هذه المبادرة ، من الاطراف الصديقة ، والتي يحملها ضد الحكيم ومجلسه ، الا أن الواجب يحتم على الجميع الوقوف وإعلان الموقف الوطني الصائب ، ومنع انزلاق البلاد الى التقسيم والتمزق الطائفي ، لذلك لا يمكن الاستسلام او الوقوف ، بل يجب تحدي المواقف ، ونضع مساراً جدياً ، فهناك يداً تحمل السلاح لمقارعة الارهاب الداعشي الغريب ، ويداً تحمل اغصان الزيتون لتوحيد المواقف والرؤى من أجل النهوض بالبلاد وشعبه .
المبادرة جاءت لاستشعار الخطر الذي يهدد التعايش السلمي ووحدة البلاد أرضاً وشعباً ، ويقطع الطريق أمام كل الاجندات الاقليمية والدولية والتي تراهن اليوم على تقطيع اوصال العراق ، وتقسيمه الى كانتونات طائفية ، يعيش فيها الجميع ضعفاء لا يملكون الارض ولا خيرات بلدهم .
نعتقد أن على القوى الوطنية التي لديها الرغبة في بناء بلداً وشعباً يتجاوز الشحن الطائفي ، والاقتتال المذهبي أن تسعى جاهدة في اعلان نيتها الصادقة ، وتقديم الدعم لهذه المبادرة ، والتي بالتاكيد ستكون ملكاً ونتاجاً للقوى الوطنية الساعية في بناء عراق موحداً ارضاً وشعباً .