26 نوفمبر، 2024 1:49 م
Search
Close this search box.

أعداء الوطن

مضى على تشكيل الحكومة العراقية ثمانية أشهر تقريباً، ومايميز هذه الحكومة أنها شكلت في ظروف قاسية وصعبة، فضلا عن عدم حصولها على التأييد المطلق مع الدول الفاعلة في تأثيرها على المشهد السياسي في العراق، ومنها حكومتا الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية.
الولايات المتحدة وافقت على العبادي ليكون رئيسا للوزراء ليس لانها تعده الحليف الأفضل، بل لأنه افضل المرشحين الذين يحظون بقبول أطراف العملية السياسية، فضلا عن انها تستطيع التعامل معه، لذا اعلنت موافقتها المشروطة، كما ان الجمهورية الإسلامية قبلته ولم يكن خيارها الأفضل.
العبادي لم يكن الخيار الأفضل بالنسبة لدول الجوار، لكنهم يعدونه نقطة تحول بالنسبة لهم في سياسة العراق إزاءهم، والشيء نفسه ينسحب على تأييد الفعاليات السياسية المحلية، فلم يكن العبادي خيار حزب الدعوة المتفق عليه، فقد انقسم أعضاء الحزب بين مؤيد ورافض، وبعضهم قَبِلهُ لأجل أن لا تخرج رئاسة الوزراء من حزب الدعوة، كما أبدى المجلس الأعلى بعض الملاحظات، ومثله التيار الصدري، في حين ان كتلة الفضيلة قرأت المشهد مبكراً وبصمت له قبل الآخرين.
وفي ظل هذه الظروف المحيطة، وسقوط اكثر من ثلثي العراق بيد داعش وانخفاض النفط، مع وجود قلق أمريكي من حكومة العبادي، وعدم اطمئنان له بشكل تام، وموافقة إيرانية لم ترق الى درجة النجاح، ووجود فصائل مسلحة تقاوم تنظيم داعش الإرهابي باتت أقوى من الجيش العراقي، ولها سلطة الحسم ولديها تأثير جماهيري واضح في المناطق الشيعية، فضلا عن تنامي التأييد الشعبي لها في المناطق الغربية، بعد البطش الذي لحق بالسكان المحليين من داعش.
ماذا سيفعل العبادي؟ هل يستطيع تصفير الأزمات بنجاح أم يفشل في الاختبار؟ مع وجود خصوم أقوياء داخل الكتل السياسية الشيعية، ربما يستطيع العبادي استثمار نقطة القوة الوحيدة لديه، التي تكمن في أن المشاركين في العملية السياسية يعدونه افضل من البدلاء المحتملين له في حالة استقالته التي لوح بها، ورغبته في تصفير الأزمات مع الغرماء، وختاماً نقول: إن الذئب يلجأ الى تجريد فريسته من عناصر قوتها قبل الفتك بها، ولابد للعبادي ان يفتك بالذئاب الذين يتربصون به قبل ان يجردوه من عناصر قوته.

أحدث المقالات