{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إنشاء الله}
صورةيماري الطاغية المقبور صدام حسين، بإدعاء الإسلام؛ إستعراضا لتمرير أغراضه التي يتبناها الآخرون رغبا ورهبا، وهم مدركون براءته من دين الله ورسوله وكتابه، حربا على آل بيت النبوة الاطهار، وتضادا مع الحق.
أجد فيه إمتدادا لمحمد بن عبد الوهاب، الذي كشف سفاح نسبه، في ضريح الامام علي عليه السلام؛ فدارى زنا أمه بمعاداة أبي الحسنين، عداءً أهوج ما زال زناة التاريخ اللاحقون يتبعونه، وهو ذاته دأب الطغاة على مر العصور.. يتامى مشكوك بنسبهم يجورون على شعوبهم، لموازنة الضعف المهين الذي نشأوا عليه حتى تسلطوا يعيثون قطعا للرقاب.
فبرغم إدعائه الاسلام لم يلتزم الاية القرآنية الكريمة؛ “ولا تزر وازرة وزر أخرى” وهو يلاحق مؤمنا إهتدى الى سبيل الحق، عاجزا عن الظفر به؛ فيداري خيبته بملاحقة ذويه، لاجئا لأفظع وسائل التنكيل، حد إعدام ثلاثة بدلا منه.. أباه وعمه وإبن عمه.
آل محمد
ولد الشهيد أكبـر علي مردان، العام 1933 في محلة “تسعين” بكركوك، في عائلة متدينة، قوامها ثمانية أولاد وست بنات، تواظب على حب محمد وآله.
حالت ظروفه المعيشية، دون إكمال دراسته، إذ عمل في دائرة اطفاء كركوك؛ كي يعيل أسرته؛ خادما لمدة ربع قرن، متعرضا لمضايقات متواصلة من أزلام مديرية أمن كركوك؛ بسبب هروب نجله من قبضتهم، الى جهة مجهولة.
هون
داهمت مفرزة أمن، دار الشهيد مردان، في أحد الأيام السود، من العام 1981، حاجزين افراد العائلة في سرداب البيت، متخذين من غرفة الاستقبال مقراً للعمليات، كما لو أنهم في جبهة قتال، ضد نساء عزل وأطفال وابيهم شيخا عجوزا وعمهم وابنه مجردين الا من رحمة الله.
وضع أحدهم مسدسه على رأس طفل لم يبلغ الحلم؛ كي يدلهم على مكان شقيقه الهارب، ولم يجدهم نفعا، هذا التصرف الذي أهانوا به رجولتهم؛ حين شهروا السلاح على عائلة وليس أمامهم رجال كفء لهم.
مكثوا.. كابوسا.. في الدار أربعة أيام، إختتموها بإلقاء القبض على الشهيد اكبــر، ونفذوا فيه حكم الإعدام العام 1982 مع حجز أمواله المنقولة وغير المنقولة.
لن ننسى الآية التي تنهى عن تحميل وزر ما سوى صاحبه؛ لكن أنى لإبن صبحة التفقه بكلام الله؛ فهو خطاب رفيع لعلاة الرجولة، وليس لوضيعي السلطة.
مجزرة
كانت مجزرة جماعية، بمعنى السفاح الذي أنجب صدام حسين؛ إذ أبيدت فيها العائلة، عن بكرة ابيها، حين إستشهد معه أخوه خضر علي مردان وأبنه عمران خضر مردان، تاركين غصة في النفوس ومهانة في ما أقدم عليه أزلام الطاغية؛ إرضاءً لجبروت الكرسي!
مجاهد لا يلين
تقول إبنته السيدة وداد اكبر علي: “والدي وعمي وإبن عمي، مجاهدون لم يلينوا عندما حاصرتنا مفرزة الامن في البيت، لمدة اربعة ايام بلياليها.. مدججين بالسلاح، وأفتك من السلاح وضاعتهم، وهم يهددون ويتنافجون بطولة على نساء وأطفال ورجال عزل.. لا حول ولا قوة لهم”.
تصفهم بالمتهسترين ذعرا، مع كونهم الاقوى، وتصف العائلة المأسورة، بهدوء رباني وقور، فيا لضعف الظالم وقوة المظلوم، ووضاعة المعتدي ورفعة المعتدى عليه.
تواصل السيدة أكبر: “لم تلن الأسرة، أمام ولية الجبناء، الذين اقتحموا بيتنا بحثا عن اخي.. قال نقيب الامن المجرم قاسم لوالدي سأقطع رأسك وادفنك في ذلك الكهريز ان لم تسلم ابنك ولم يأبه بتهديده وتصدى لهم بكل شجاعة رغم انهم ارسلوه مرتين الى بغداد و كربلاء والنجف وهو تحت المراقبة للبحث عن اخي وتسليمه لهم وكنا نحن العائلة في الحجز المنزلي الا ان والدي تحمل هذه الضغوطات وصمد رغم صعوبة الموقف وقال مهما كانت الصعوبات تهون مقابل خلاص ابني من يد الجلادين، عارفا بأنه هو الهدف التالي، وفعلا وقع في ايديم واخذوه الى جهة مجهولة ولم تسلم جثته الطاهرة الينا.. لا هو ولا عمي خضر وابنه عمران” مختتمتة بقوله جل وعلا.. مبير الظلمة وقاهر الجبارين: “وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون” وكان ذلك فعلا يوم الاربعاء 9 نيسان 2003؛ فالله يمهل ولا يهمل، “ويوم عند ربك كألف سنة مما تعدون”.