روي أن أحد المشركين قدم مكة معتمراً بعد الفتح المبين، فتصدى له النبي محمد (عليه وعلى أله الصلاة والسلام)، فدعاه الى الإسلام فقال له: فلعل الذي معي مثل الذي معك؟ فقال النبي (عليه الصلاة): وما الذي معك؟ قال: مجلة لقمان.
فقال البشير (عليه السلام): إعرضها علي وقال: هذا الكلام حسن، والذي معي أفضل من هذا! هو هدى ونور، فتلا عليه القرآن الكريم، فلم يستجب وقال: هذا القول أحسن، وأشار للمجلة التي هي عدة صفحات، فيها وصايا أخلاقية للقمان الحكيم لأبنه.
الصحف الأولى، التي أنزلها البارئ عز وجل (صحف إبراهيم، وزبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، عليهم السلام)، قد طوقتنا بالحكم والعبر على مر التأريخ، بيد أن القرآن الكريم، ختام الكتب السماوية، بعيد عن التحريف والتزييف، لذا فهو أحكم وأفضل الدساتير وأبلغها.
قصص وأحكام، وفرائض ومواعظ، وأحداث وأماكن، ووقائع ماضية، حاضرة ومستقبلية، وكل ما ينظم حياتنا في هذا الكون الفسيح، مفصل بآيات بينات محكمات، أنه الهداية لبني البشر، وإنقاذهم من الضلالة، وهو النور الحق المبين، الذي أضاء بكلماته التامات، عوالم الدنيا والأخرة.
في عالمنا المتوحش، تبرز الحاجة الى إدراك عظمة، كل حرف من القرآن الكريم، حيث دأبت كل المجتمعات الغربية، على دراسته بشكل مستفيض، بعكسنا فقد وضعناه جانباً، وأنشغلنا بالمناكفات والسجالات، التي لا طائل منها، إلا فسح المجال للمتطرفين، بالتمدد على راحتهم.
من أبرز مظاهر الفراغ الفكري في عقل المشرك، هو اللجوء الى التعنت، والكذب، والكبر، للإستناد عليها بدلاً، من الحقائق والبراهين الساطعة، متوهماً بأن التسلط والآنا المغرورة، تحط من شأن الرسول (عليه وعلى أله الصلاة والسلام)، وترفع الهزيل، بقدرة المال والمنصب.
دع الملائكة توجهك الى مهمتك النبيلة، فأمامك تحديات صعاب، وطموحات أصعب، لكنك عندما تلجأ لشفاء ما في الصدور، فذلك يعني أنك تصفحت الكتاب العزيز، فالفرق كبير جداً، بين العبر والمكارم المتأتية، من مجالسة الأنبياء والعلماء، وبين معجزة رسول رب العالمين.
المعتمر المشرك، فضل عدة وريقات من المواعظ، بلسان خادم الأنبياء لقمان الحكيم، ورثها من حكمته وتدبره، على تنزيل من رب رحيم، على رسول كريم، ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا، ويشهد الله على ما في قلبه، وهو ألد الخصام.